التنبيه على بطلان ما يُنسب إلى إبراهيم - عليه السلام - من قصة جبريل معه عندما هَمَّ قومه بإلقائه في النار ، وبيان أن هذا مسلك للصوفية ومما يذكر من كلامهم أن طلبَك منه تهمةٌ له . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التنبيه على بطلان ما يُنسب إلى إبراهيم - عليه السلام - من قصة جبريل معه عندما هَمَّ قومه بإلقائه في النار ، وبيان أن هذا مسلك للصوفية ومما يذكر من كلامهم أن طلبَك منه تهمةٌ له .
A-
A=
A+
الشيخ : وليس - أيضًا - صحيحًا ما يُنسب إلى أبينا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أنه حينما هَمَّ قومُه بإلقائه في النار بعثَ الله إليه جبريل - عليه السلام - ، فقال له : هل لك من حاجةٍ إلى ربِّك ؟ قال : علمه بحالي يُغنيني عن سؤالي .

هذا - أيضًا - حديث صوفي ، أقول صوفي لأنُّو بعض الصوفية غَلَوا في جملة ما غَلَوا فيه فرَكَنُوا إلى ترك هذه العبادة العظيمة التي جعلها الرسول - عليه السلام - أسَّ العبادة حين قال : ( الدعاء هو العبادة ) ، فماذا قال بعض الصوفية ؟ قالوا : سؤالك منه تهمةٌ له !!

يقولون الشُّرَّاح ؛ لأن أحد كلمات الصوفية كأحاديث النبوية ، كما أن الأحاديث النبوية لها شرَّاح كذلك الكلمات الصوفية لها شرَّاح ، فقالوا في شرح هذه الكلمة : طلبك منه أو سؤالك منه تهمة له ؛ لم ؟ قالوا : لأنه يعلم السِّرَّ وأخفى ، فلماذا تسأله ؟ أَلَا يعلم ما هو في نفسك ؟ فغَفَلَ هؤلاء عن المعنى الذي يتضمَّنه توجُّه العبد إلى ربِّه بدعائه أنه منتهى الخضوع وإظهار العبودية والحاجة إليه ، فاعتمادك فقط على علمك أن الله - عز وجل - يعلم ما في نفسك هذا ليس له علاقة بعبوديتك ، وإنما له علاقة بربوبية ربِّك - تبارك وتعالى - ، والواجب علينا نحن أن نثبت عبوديَّتنا له بالإضافة إلى اعتقادنا ربوبيته وألوهيَّته - تبارك وتعالى - ، فحينما يقول ذلك القائل : طلبك منه تهمةٌ له قضى على العبودية المتعلِّقة به ، واعتمد على أن الله - عز وجل - يعلم السِّرَّ وأخفى .

ولذلك تجد القرآن وأحاديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - في مئات النصوص عن الأنبياء والأولياء والصالحين دائمًا يدعون الله - عز وجل - ، وما أكثر الآيات عن إبراهيم : (( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي )) إلى آخر السورة تقريبًا ، أو أواخر السورة ، ودعاء نوح - عليه الصلاة والسلام - ، دعاء يعقوب ؛ يعني ممكن الإنسان يجمع أدعية الأنبياء والرسل في رسالة ، ويجدها كثيرة وكثيرة جدًّا ، وقد قال - تعالى - : (( وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا )) ؛ هذه صفة مين ؟ صفة عباده المصطفين الأخيار ؛ لذلك فالخطأ كبير جدًّا أن نعرض عن الدعاء دعاء الله - عز وجل - بحجَّة أن الله - عز وجل - يعلم السِّرَّ وأخفى ، ويعلم الحاجة التي يريدها أحدنا .

نقول : نعم ، لكن هو - أيضًا - يريد منَّا أن نتذلَّلَ له وأن نخضع له وأن نسأله ؛ لذلك جاء الحثُّ في بعض الأحاديث عن الرسول - عليه السلام - أن يسأل أحدُنا ربَّه ولو شسع نعله ؛ شو رأيكم ؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم - حضَّ المسلمين إلى أن يسألوا الله - عز وجل - أحقر شيء وهو السّير تبع " القبقباب " أو تبع " الشَّاروخ " النعل انقطع ، فيسأل ربه أنُّو يسخِّر له إنسان يرقع له ياه أو يخصف له إياه ، إلى هذا فهنا مسألة الشِّسع أمر حقير ، لكن توجُّهك إلى الله به أن تطلب منه أن يعالج لك هذا الأمر الحقير هو إثبات لحاجتك وعبوديَّتك لله - عز وجل - ؛ فكيف بقى لا تسأله الجنة ولا تسأله النار ؟ ولا تسأله كما سأله الرسول - عليه السلام - : ( اللهم إني أسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ ، وأعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ ) ؟

مواضيع متعلقة