بيان نعم الله - تعالى - على العباد وكيفيَّة شكرها . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان نعم الله - تعالى - على العباد وكيفيَّة شكرها .
A-
A=
A+
الشيخ : ( ... فإني أريد أن أبعثَك بعثًا وأعطيك مالًا ) ، قال : والله ، يا رسول الله ، ما من أجل المال أسلمت . فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ( يا عمرو ، نعمَّا المال الصالح للرجل الصالح ) ، فالمال نعمة من النعم التي أحاط الله - عز وجل - بكثير منها عامَّة الناس ، فما يعيش الإنسان حياته وإلا وهو متنعِّم بهذه النعم التي أحلَّها الله في جسده وفي بُنيَتِه ، ومن أجل ذلك قال - عليه الصلاة والسلام - =

-- سائل آخر : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . --

= من أجل ذلك ؛ أعني من أجل أن يقدِّر الإنسان نعمة ربِّه عليه ولا يكون من الغافلين عن شكره قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( في الإنسان ثلاث مئة وستُّون سُلامى ، وعلى كلِّ سُلامى في كلِّ يوم صدقة ) . قالوا : يا رسول الله ، ومن منَّا يستطيع أن يتصدق في كل يوم بثلاث مئة وستين صدقة ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( إن في كلِّ تسبيحة صدقة ، وفي تحميدة صدقة ، وتكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وحملك المتاع على ظهر دابَّة أخيك صدقة ) ، = -- وعليكم السلام -- = وذكر الرسول - عليه السلام - عديدًا من الخصال خصال الخير ، ثم قال في آخر الحديث : ( ويجمع لك ذلك كله ركعتا الضحى ) .

والشاهد من الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يُلفت نظر المسلم بأنه مغمور بنِعَمٍ كثيرة ، وبعضها قائمة في بدنه ، ومن ذلك أنَّ في كل بنية إنسان وجسد إنسان ثلاث مئة وستين مفصل ، وفي اعتقادي أنَّ هذه المفاصل التي أنبأ الله نبيَّه بعددها لمَّا يصل العلم التشريحي الطِّبِّي اليوم إلى معرفتها ، وذلك مما أخبره الله - عز وجل - ، فيلفت النظر إلى أن الإنسان لو لم تكن هذه المفاصل لم يكن إنسانًا ، تصوَّر إنسان إيده جامدة لا يستطيع أن يأكل ، رجليه جامدين ما يستطيع أن يمشي ، إذًا يكون في ذلك هلاكه ولا شك ، لذلك لَفَتَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - نظرَ هذا الإنسان إلى أنَّه مُحاط بنعمٍ لا تُعَدُّ ولا تحصى ، وإنما ذكَّره كمعجزة غيبيَّة بأن في الإنسان ثلاث مئة وستون مفصلًا ، نحن نرى هذه المفاصل ، لكن يا تُرى في الرقبة والعنق كم مفصل يكون ؟ عشرات أشياء كثيرة وكثيرة جدًا ، لا شك أن أخبَرَ الناس بها هم علماء التشريح الطِّبِّي .

الشاهد أنه - عليه الصلاة والسلام - أرادَ من المسلم أن يكون شاكرًا لنعماء ربِّه بصورة عامَّة ، وفي هذه السُّلامى بصورة خاصَّة ، فإذا كان ربنا - عز وجل - أحاط بعض المسلمين بنعمٍ أخرى فيعيشون في بحبوحة من الخير ، فلا تدوم هذه البحبوحة إلا بالقيام بشكر من أنعم بها عليه ، من أجل ذلك يريد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ناحية أخرى ألا يتورَّط أهل النعمة فيعيشوا مُترفين في أموالهم خشيةَ أن يشغلهم الذَّمُّ بالإسراف وبإضاعة المال ممَّا هو مذموم في القرآن الكريم ، وعكسه هو الممدوح ، كما قال - عز وجل - ، أردت أن أقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإضافة إلى أنه بيَّن أن المال بالنسبة للرجل الصالح نعمة من نعم الله - عز وجل - ، لكنه من ناحية أخرى يضع حدودًا للتنعُّم بهذه النعمة بحيث لا تنقلب على صاحبها نقمة ... .

مواضيع متعلقة