عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إنَّ رجلًا كانَ قبلَكم رَغَسَه الله مالًا ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إنَّ رجلًا كانَ قبلَكم رَغَسَه الله مالًا ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي هو كالحديث السابق هو قول المؤلف الحافظ المنذري - رحمه الله - : وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إنَّ رجلًا كانَ قبلَكم رَغَسَه الله مالًا ) ؛ أي : وَهَبَه وأعطاه مالًا ، ( فقال لِبَنيه لمَّا حُضِر : أيُّ أبٍ كنتُ لكُم ؟ قالوا : خيرَ أبٍ . قال: فإنِّني لَم أعمَلْ خيرًا قَطُّ ، فإذا مُتَّ فأحرِقوني ، ثُمَّ اسحَقُوني ، ثُمَّ ذَرُّوني في يومٍ عاصِفٍ ، فَفعَلوا ، فَجمَعهُ الله ؛ فقال : ما حَملَك ؟ قال : مخَافَتُك . فتلَقَّاه برَحمَتِه ) . رواه البخاري ومسلم - أيضًا - . يفسِّر تلك اللفظة الغريبة فيقول : رَغَسَه : بفتح الرَّاء والغين المعجمة بعد سين مهملة ، رَغَسَهُ : قال أبو عبيدة : معناه أكثَرَ له منه - أي : من المال - ، وبارك له فيه .

فهذا الحديث كالحديث السابق ، وكان من رواية أبي هريرة فيما أذكر ، إي نعم ، وهذا مما يدل على أن هذا الحديث مع صحة إسناده من طريقه الأولى فهو ليس حديثًا غريبًا فردًا ، بل قد اشترك في روايته جماعةٌ من الصحابة ذَكَرَ منهم المؤلف اثنين ؛ الأول أبو هريرة ، والآخر أبو سعيد هنا .

وكنا تساءلنا : ما الجواب عن هذا الحديث الذي ظاهره أن هذا الموصي بالوصيَّة المذكورة وهي وصية جائرة ظاهر هذا أن الرجل كفر بالله - عز وجل - وشكَّ في قدرته على أن يبعثه ... وأن يحاسبه ذلك الحساب الذي يستحقُّه ، فأوردنا جوابًا في الدرس الماضي ولم نرتَضِه بطبيعة الحال ، ووعدنا أن نأتي بالجواب الصحيح المقنع - إن شاء الله - . هذا الرجل لما أوصى بهذه الوصية أن يُحرَّق وأن توزَّع ذرَّات جسده بعد أن احترقت في البحر وفي الهواء ؛ لا شك أن هذا الفعل يدل على الكفر ؛ فكيف أن الله - عز وجل - لم يعامله بمقتضى كفره بل غفر له ، وقد قلنا في الدرس السابق : إن الكفر لا يُغفر ؛ بدليل الآية السابقة : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) كيف غفر لهذا ؟

قلنا : قد يقول البعض إن الآية تنفي أن يغفر الله الشرك فهذا ما أشرك وإنما كفر ، فوضَّحنا لكم بأنه لا فرق شرعًا بين الكفر والشرك ؛ فكل كفر شرك وكل شرك كفر ؛ خلاف لما يذهب إليه بعضُ العلماء قديمًا وحديثًا ، وعلى هذا فالآية : (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ )) أي : أن يكفر به ؛ سواء كان نوع الشرك من الناحية اللغوية شركًا فعلًا أن يتَّخذ مع الله شريكًا ، أو كان كفرًا بأن يجحد شيئًا مما شرع الله أو أخبر الله به ... لم نرتضِ ذاك الجواب ؛ فما هو الجواب الصحيح ؟ هو ما أجاب به الإمام الخطَّابي والحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهما من الشُّرَّاح والحفَّاظ ، قالوا : " إن هذا الرجل ... " .

مواضيع متعلقة