شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلَى ، أو أعطى فأقنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلَى ، أو أعطى فأقنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو - أيضًا - صحيح وعن أبي هريرة - أيضًا - - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( يقول ) . =

-- ... --

= قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( يقول العبد : مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلَى ، أو أعطى فأقنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس ) . هذا - أيضًا - .

السائل : فاقتنى ولَّا فأقنى ؟ ... .

الشيخ : فأقنى ؛ أي : أرضى .

أيضًا هذا الحديث يؤكِّد الموضوع الذي دندن حوله الأحاديث السابقة ، فهو يصوِّر لنا اهتمام الإنسان بصفته إنسانًا مطبوعًا على حبِّ المال والتَّكالب عليه كما أشار ربُّنا - عز وجل - إلى ذلك في القرآن ... القرآن بقوله : (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) ، يصوِّر لنا الرسول - عليه الصلاة والسلام - جنس الإنسان وجنس العبد ، فيقول - عليه الصلاة والسلام - : ( يقول العبد : مالي مالي ) ، يهتمُّ بماله ، لكن ما المقدار الذي له من ماله ؟ أَلَهُ المال كله ؟ لا ، ليس له من ماله إلا هذه الصُّور التي صوَّرَها الرسول - عليه الصلاة والسلام - .

الصورة الأولى قوله : ( ما أكل فأفنى ) ؛ أي : له من ماله ما لا بد منه ليعيش ويحيا ويقوم بحقِّ الله - عز وجل - الذي من أجله خَلَقَه ؛ ألا وهو توحيده - تبارك وتعالى - وعبادته كما قال - عز وجل - : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) ، فله من ماله ( ما أكل فأفنى ) .

( أو لبس فأبلى ) الأشياء التي لا بد منها .

زيادة على ذلك يتطوَّع فيعمل خيرًا ، وهو قوله : ( أو أعطى فأقنى ) ؛ أي : تصدَّق بماله وأعطى ذويه ، فأرضَى هؤلاء الذين تصدَّق عليهم أو وَهَبَهم أو مَنَحَهم ، فإلى هنا إذًا المال الذي للعبد من ماله الكثير الكثير هو المقدار الذي يأكله ، والمقدار الذي يلبسه ؛ هذا ليحيا وليعيش ، لكن هذا ليس مقصودًا لذاته ، وإنما يعيش ليقوم بواجب عبادة الله كما قلنا آنفًا .

ونوع ثاني مما له ؛ أي : يعود الفائدة إليه وليس فقط يتعب بجمعه حوله ؛ هو أنه يُعطي غيره فيُرضيه ، يعطي من ماله وليس هذا بالذي يقتصر على إخراج الزكاة المفروضة فقط ، وإنما يتعدَّاها - أيضًا - إلى الزَّكوات غير المفروضة كما شرحنا ذلك فيما أذكر في درس مضى .

ثم بيَّنَ - عليه الصلاة والسلام - نتيجة ما بَقِيَ من بعد هذه التصريفات أو التصرُّفات منه في ماله ، فيقول : ( وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركه للناس ) . علاقة هذا الحديث بما قبله إذًا لماذا يتعب الناس لجمع المال وهذا هو حقيقة المال ؟ لا يستفيد منه إلا بمقدار ما يأكل ويشرب ويلبس ، وإلا بالمقدار الذي ينفع به الناس ، ثم ما سوى ذلك فهو يتركه ويبقى للناس الذين يرثونه .

مواضيع متعلقة