معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأقلِلْ له من الدنيا ) ، والكلام على فتنة الدنيا ، والجمع بين هذا الحديث ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنس بن مالك أن يطيلَ الله عمره ويكثر ماله وولده . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأقلِلْ له من الدنيا ) ، والكلام على فتنة الدنيا ، والجمع بين هذا الحديث ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنس بن مالك أن يطيلَ الله عمره ويكثر ماله وولده .
A-
A=
A+
الشيخ : ثم تابع فدعا - أيضًا - لهذا المؤمن بالله ورسوله ، فقال مخاطبًا لربِّه : ( وأقلِلْ له من الدنيا ) .

ما أظنُّ أن أحدًا منكم يستشكل مثل هذا الدعاء الصادر من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالنسبة للمؤمن ؛ حيث دعا ربَّه أن يقلِّلَ له من دنياه ، ما أظن أن أحدًا يستشكل هذا ؛ لأن الدنيا بلا شك هي أوَّلًا مشغلة ، ثم هي فتنة ، فإذا انغمَسَ المؤمن فيها كان ذلك بلاءً عليه ، وقَلَّ مَن ينجو من فتنة الدنيا وزهرتها وزخرفها ، فكان بدهيًّا جدًّا أن يدعُوَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لعامة الناس المؤمنين بمثل هذا الدعاء أن يقلِّلَ لهم من الدنيا .

وهذا لا ينفي أنه - عليه السلام - يدعو لأفراد من الناس بخلاف ما يبدو من هذا الحديث ؛ فمن المعلوم في الصحيح في البخاري وغيره أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دعا لخادمه أنس بن مالك - رضي الله عنه - بأن يبارك له في ماله وفي ولده ، واستجاب الله - عز وجل - دعاء نبيِّه فيه حتى مات ، وقد توالَدَ منه بشر كثير ، وأذكر أنه قال مرَّة عن نفسه قال : حدَّثَتْني بنتي فلانة . آ ؟

السائل : أميمة .

الشيخ : أميمة . بأن له سبعين ولد يمكن .

السائل : مات من صلبه مقدم حجاج البصرة مئة وخمس وعشرون ولدًا .

الشيخ : الله أكبر ! مات من صلبه مئة وخمسين ، خمس وعشرين ولَّا ؟

السائل : مئة وخمس وعشرين أو عشرين ولد مقدم الحجاج البصرة ؛ يعني ... .

الشيخ : هذا الإنسان لا يزال في قيد الحياة مات منه هذا العدد الضَّخم ؛ هذا بسبب دعاء الرسول - عليه السلام - له بأن يبارك له في ماله ، وفي بعض الروايات في " الأدب المفرد " للبخاري بأنه - أيضًا - دعا له بأن يطيل عمره ، هو فعلًا عاش سنين طويلة حتى أسَنَّ وشاخ ، أقول : إن هذا الدعاء من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لخادمه أنس بما سمعتم لا ينافي هذا الدعاء الذي هو في درسنا الآن ؛ ذلك لأن هناك قواعد ، ولكلِّ قاعدة شواذ ؛ فهل ينفع عامة الناس الدعاء لهم بمثل ما دعا الرسول - عليه السلام - هنا لعامة الناس أم ينفع عامة الناس مثل ما دعا لخادمه أنس بن مالك ؟

لا شك أن الجواب هو الأمر الأول ؛ أي : إن الذين ينجون من فتنة الدنيا وزخرفها هم قليل ، بل أقلُّ من القليل ، فالذي يُؤتى من هذا المال من زينة الدنيا ومن الولد الذين هم بنصِّ القرآن فتنة كالمال ، (( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ )) ، فالذين يُبتَلَون بهذا المال والولد الكثير قلَّ من ينجو منهم سالمًا برأسه ، والعكس صواب ؛ أي : إن الذين يُؤتَون من الرزق كفافًا فهؤلاء في الغالب لا يُفتنون فتنة أولئك الذين أوتوا من المال والولد ، فكان بدهيًّا جدًّا كما قلت أوَّلًا بأن يدعو الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - لمَن آمَنَ بالله وبرسوله أن يقلِّل له - أيضًا - من الدنيا .

مواضيع متعلقة