التعليق على قوله : " الترقيع بين أحكام الإسلام وغيره أمرٌ لا يقرُّه الإسلام ولا يرضاه " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التعليق على قوله : " الترقيع بين أحكام الإسلام وغيره أمرٌ لا يقرُّه الإسلام ولا يرضاه " .
A-
A=
A+
الشيخ : أخيرًا : يقول : " الترقيع بين أحكام الإسلام وغيره أمر لا يقرُّه الإسلام ولا يرضاه " .

هذا صحيح ، لكن هذا ترقيع مقصود هو الذي لا يرضاه الإسلام ، أما الآن مطبَّق من الإسلام بالمئة عشرة ، ما ترضى تطبِّق بالمئة إحدى عشر ، اثنا عشر ، وأنت غير رضيان بهذا التقصير كما يقوله في آخر الكلام !! لكن اسمع الآن نهاية المطاف : " إنما سبق من الحقائق يدخل في إطار الإيمان بهذا الدين الذي أرادَ الله أن يكون منهج حياتنا كلِّها صغيرها وكبيرها ، خاصِّها وعامِّها " . شوفوا هالتحفُّظ !! " ونرجو أن لا يُفهم مما سبق أننا نرفض قانون الأحوال الشخصية ، وإنما أردنا أن نبيِّن المجال الحيَّ الذي يُمارِس فيه هذا القانون فاعليَّته وسلطته ويُؤتي ثمرته ، وإذا لم يتحقَّق هذا المُبتَغَى بالشكل المطلوب ؛ فإننا نقبل بقانون الأحوال الشخصية ، ونطالب ببقائه وندافع عن هذا البقاء على صورته " .

شو رأيكم بقى بهذا التصريح ؟ هذا هو النتيجة من الطلب لأننا لا نقبل الإسلام ولا يجوز أن نتبنَّاه إلا كلًّا لا يتجزأ ، فمتى يتحقق الإسلام كلًّا لا يتجزأ ؟ طفرة خطوة أم على مراحل ؟ هذا جاء أوَّلًا من شيئين في اعتقادي : أوَّلًا من عدم دراسة السنة ؛ لأنُّو الإنسان حينما يدرس السنة ويفهم المجتمع الذي كان فيه الصحابة وقد طُبِّقت فيهم الأحكام والحدود الشرعية لا يمكن أن يكتب مثل هذا الكلام ويقول أنُّو يجب قبل إقامة الحدود أن نهيِّئ المناخ ، وهذا ما لم يفعَلْه الرسول - عليه السلام - ، نحن نعلم أنه كان هناك - مثلًا - من الأغنياء أفراد قليلين جدًّا ؛ عبد الرحمن بن عوف ، عثمان بن عفان ، أبو طلحة الأنصاري في بعض الأيام ؛ حتى لما حجَّ مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حجة الوداع حجَّ معه مئة ألف ، كلهم كانوا لم يسوقوا الهدي إلا أفرادًا من ذوي اليسار منهم ، وهؤلاء الأفراد هم الذين بقوا على نيَّتهم في القِرَان ؛ لأنهم ساقوا الهدي ، وقد قال - عليه السلام - : ( لولا أني سقْتُ الهديَ لَأحلَلْتُ معكم ) ، مئة ألف من الصحابة ما فيهم من ذوي اليسار إلا أفراد قليلين جدًّا جدًّا !!

ومن هنا تفهمون - أيضًا - دعوة بعض الكُتَّاب الإسلاميين مع الأسف ، وهذا أثر من الاشتراكية التي غَزَتْ البلاد الإسلامية أنُّو يجب التقريب بين الأغنياء وبين الفقراء على حساب إيه ؟ أموال الأغنياء ، فنقول : هذا التقريب فَعَلَه الرسول - عليه السلام - أم لم يفعله ؟ الجواب : لم يفعله قطعًا . يعود السؤال المستنبط من فقه ابن تيمية السابق : هل كان المقتضي قائمًا في عهد الرسول - عليه السلام - للتَّقريب بين هؤلاء الأغنياء غناءً فاحشًا كما يقولون وعددهم قليل وبين الفقراء الكثيرين ؛ المقتضي للمقاربة بين هؤلاء القليلين وأولئك الكثيرين كان قائمًا ؟ نراه كان قائمًا ، لماذا لم يفعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ لأنَّ الله لا يريد أن يُجبِرَ الناس بأكثر ممَّا فرض الله عليهم ، فرضَ على أموالهم زكاة ، ثم من ناحية أخرى حَضَّهم على أن يتصدَّقوا وأن يتطوَّعوا ، فنحن نفرض ما فَرَضَ الله ، ونحضُّ على ما حَضَّ الله ، ولا نخلط هذا بهذا .

فهذا الإنسان جاءه الخطأ من ناحيتين :

الناحية الأول : هو أنه لم يستحضِرْ ربما قرأ ومرَّ مرّ كرام على هذه الحوادث ، لكن هو ما تشبَّع بمعرفة الوضع الاجتماعي الذي كان في زمن الرسول - عليه السلام - ، والذي فيه طُبِّقت هذه الحدود الشرعية .

الخطأ الثاني : أنه يتصوَّر تحقيق الإسلام خبطة واحدة ، وهذا مستحيل ، هو الآن يدعو إلى تبنِّي الإسلام تبنِّي كامل ، هذا صحيح ، لكن كيف يُطبَّق هكذا ؟ لا بد أن يكون ذلك على مراحل .

هذه الناحية توضِّح لكم أهمية فهم الإسلام على منهج السلف الصالح ، والناحية الأخرى تقابل هذا الاتجاه ، هذا الاتجاه ذو شطرين ؛ الشطر الأول صحيح ، وهو دعوة لاستئناف الحياة الإسلامية وتطبيقها في كلِّ نواحي الأحكام الشرعية ، لكن الاتجاه الثاني - وهو الخطأ - تأجيل إصلاح بعض الأحكام المخالفة للشريعة إلى أن يتحقَّق هذا التطبيق الكامل للإسلام ، هذا أمرٌ يناقض الأمر الحقَّ تمامًا .

مواضيع متعلقة