إستدلال الشيخ بحديث الرجل الذي أقرض أخاه في الله ألف دينار ثم أدَّاها الله عنه على تقوى الله . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إستدلال الشيخ بحديث الرجل الذي أقرض أخاه في الله ألف دينار ثم أدَّاها الله عنه على تقوى الله .
A-
A=
A+
الشيخ : وأنا أذكر بهذه المناسبة حديثين عجيبين غريبين؛ لكننا نحن معشر المسلمين بحاجة إليهما جدًّا في عصرٍ غلبت عليهم المَّادة، و( حبُّ الدُّنيا رأس كلّ خطيئة ) ، كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة التي لا تصحّ؛ ولكن معناها جميل: ( حبُّ الدُّنيا رأس كلّ خطيئة ) ، وهذا جائي في الحديث ما يُغني عنه ويزيد عليه. ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ في سبيل الله؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ عنكم حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ) ، ليه؟ حبًّا في المال. هذا! حبًّا في المال أوصلنا إلى الذل أن يسيطر علينا أذلُّ أمة على وجه الأرض في كل تاريخ الأرض هم اليهود؛ لماذا؟ لأن الرسول أوعدنا؛ فقال: ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ) العينة هو نوعٌ من أنواع المعاملات الربويِّة. ( وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَر ) كناية عن الاشتغال بالضرع والزرع، وتركنا الجهاد في سبيل الله، والسؤال عن أحكام الله، لا نبالي إلا بالمال كما جاء -أيضًا- في صحيح البخاري؛ قال عليه السَّلام: ( يأتي زمانٌ على أمتي لا يُبالي أمن حلالٍ أكل أم من حرام ) أو كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام. والحديث في صحيح البخاري. هذا هو زماننا. فإذن العلاج: اتَّقوا الله، (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )) إلى آخر الآية. أحد الحديثين المذكورين آنفًا، لعل هذا الحديث وذاك يبقى في قلوب بعض الحاضرين؛ ثمَّ يبلِّغه الغائبين الذين ابتلوا بحب الدُّنيا؛ فلا يسألون عن الحرام ليجتنبوه، ولا عن الحلال ليواقعوه. قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ( جاء رجلٌ ممن قبلكم إلى غنيٍّ؛ فقال له: أقرضني مائة دينار؛ قال: هات الكفيل؛ قال: الله الكفيل؛ قال: هات الشهيد؛ قال: الله الشهيد؛ فنقده مائة دينار، وتواعدا للوفاء على يوم موعود. أخذ الرجل مائة دينار وانطلق يعمل في البحر، مسافة بعيدة؛ ثمَّ جاء اليوم الموعود؛ فعرف أنه لا يستطيع أن يُسلِّم الدِّين الذي عليه في هذا اليوم ... انظروا ماذا فعل. أخذ خشبة فنقرها؛ حفرها ودكَّ فيها مائة دينار، وأحسن دكَّها وحبسها؛ ثمَّ جاء إلى ساحل البحر الذي هو يعمل فيه؛ فقال: يا رب! أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد، ورمى بالخشبة في البحر ) . ستقولون -وأنا معكم -فقط ابتداءً لا انتهاءً- ستقولون: هذا عمل مجنون، شو معنى إلقاء خشبة فيها وزن ثقيل مائة دينار وفي البحر؟! لكن هذا الرجل فعلاً اعتمد على الله حينما انسدت عليه الأسباب الكونية المشروعة؛ فاعتمد على الله؛ وقال: أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد، أنت بمعرفتك، بقدرتك دبرني بقى! ( فربنا -عزَّ وجلَّ- بقدرته العظيمة التي لا حدود لها، أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى بلدة الدَّائن، والدَّائن خرج في اليوم الموعود ليتلقَّى المدين ويستلم منه الدين، وصبر وصبر وانتظر وانتظر ما جاء! لكن وقع بصره على خشبة تتقاذفها وتتلاعب بها الأمواج بين يديه؛ فمد يده إليها؛ وإذا هي ليست خشبة كالأخشاب، وازنة وثقيلة؛ فعجب منها وأخذها إلى داره؛ ثم كسرها؛ وإذا بها مائة دينار؛ حجر أحمر، ذهب أحمر. بعد قليل جاء الْمَدِين ) -انظروا بقى الدِّين ماذا يعمل بأهله وأصحابه- ( نقده مائة دينار! ) تجاهل ما فعله، لماذا؟ لأنَّه غير جارٍ على السنن الكونية، ما بريد مضمون حتى يكون آخذ سند إنه وصل لفلان المائة دينار وانتهى الأمر. لا، المسألة فوق الأسباب؛ رماها في البحر -كما علمتم- ولذلك تجاهل ما فعل، ( وسلم مائة دينار للدائن ) . الدائن كالمدين، كلاهما أتقياء ، وكما قيل: إن الطيور على أشكالها تقع، ( الرجل قعد يفكر -فيما يبدو-: إن أنا قبضت مائة دينار بطريق البحر، والآن أقبض مائة دينار بطريق المدين؛ فحكا له القصة: إنه أنا خرجت للقائك واستقبالك، فما جئت؛ فوجدت خشبة؛ وأخذتها وكسرتها وإذا فيها مائة دينار؛ قال له: والله! القصة كذا وكذا، أنا لما وجدت نفسي لا أستطيع أن أعود إلى البلد وأسلمك مائة دينار؛ فعلت كذا وكذا؛ فقال الدائن: بارك الله لك في مالك، خذ المائة دينار التي أعطيتني إياها، ووصلني حقي بطريق ايش؟ البحر ) . لو وقعت هذه القصة مثلها اليوم ووصلت إلى إنسان مائة دينار بطريق لا يعلمها أحد إلا الله -تبارك وتعالى-. من يرد هذه الأموال إذا جاء إنسان يقول له: إنه أنا أرسلت لك بطريقة غريبة شوي وصلك؟ لا، ما وصلني، لو أنكر ما فيه عليه شهود، والمدعي ما يستطيع أن يثبت؛ لكن الإيمان يأتي بالعجائب. وهذه من العجائب القصة بين الدائن والمدين عجيبتان، يجب نحن أن نعتبر بذلك؛ حتى نتِّقي الله -عزَّ وجلَّ-. الحديث الثاني وبه ننهي الجلسة؛ لنقوم نصلِّي -إن شاء الله- هنا صلاة العشاء؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام قبل هذا الحديث الأول في صحيح البخاري،

مواضيع متعلقة