ما موقف الإسلام من مصطلح الديمقراطية، وهل يمكن الاستفادة من نواحي الإيجابية لديمقراطية للوصول إلى مناصب لخدمة الإسلام أو لحماية الجماعة الإسلامية على الأقل - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما موقف الإسلام من مصطلح الديمقراطية، وهل يمكن الاستفادة من نواحي الإيجابية لديمقراطية للوصول إلى مناصب لخدمة الإسلام أو لحماية الجماعة الإسلامية على الأقل
A-
A=
A+
السائل : يا فضيلة الشّيخ الدّيمقراطيّة كلمة أجنبيّة تتردّد على ألسنة الحكّام وتعني على ما يظهر نظام غربيّ الأسلوب وقد اعتبرها كثير من الجماعات الإسلاميّة حلاّ لما يسمّى بالحكم الفردي الّذي لا يمكّن أحدا من المشاركة وسمعناها على ألسنة بعض قادة الجماعات كحجّة على الخصم الحكوميّ على أنّ البعض قيّدها بالديمقراطيّة والبعض قيّدها بالإسلام وقد نال المؤمنون بالدّيمقراطيّة من صفوف الجماعات والحركات الإسلاميّة شيئا من المناصب وإن كانت في كثير من الأحيان خاوية المضمون ويكاد يكون في اليمن صور لمثل ما ذكرتم والسّؤال ما موقف الإسلام من مثل هذه المصطلحات الغربيّة وهل ترون الإستفادة من النواحي الإيجابيّة للدّيمقراطيّة للوصول إلى مناصب لخدمة الإسلام أو حتّى لحماية الجماعات الإسلاميّة على الأقل ؟

الشيخ : لا نرى شيئا من ذلك إطلاقا ولسنا مع كلّ هذه الجماعات التي ترشّح أنفسها لتكون أعضاء في مثل هذه البرلمانات القائمة على غير شرع الله عزّ وجلّ والتي منها النّظم التي تارة يميلون إلى تسميتها بالاشتراكيّة وتارة بالدّيمقراطيّة وهذه في الحقيقة نذر خطيرة جدّا تدلّ العاقل المسلم البصير في دينه أوّلا ثمّ في أمّته ثانيا أنّ هؤلاء الّذين يحكمون المسلمين هم ليسوا حكّاما بل هم محكومون وليت أنّهم كانوا محكومين من مسلمين من أمثالهم ولكّنهم محكومون من الكفّار الّذين لا يراقبون ولا يلاحظون في المسلمين إلاّ ولا ذمّة متى انتشرت هذه الكلمة الدّيمقراطيّة في بلادكم وفي بلادنا هنا فيه أحاديث تعادل وإن كانت قديمة معروفة في بعض البلاد الغربيّة وبخاصّة أمريكا الّتي تحاول الآن أن تسيطر بأفكارها وبمبادئها الكافرة على البلاد الإسلاميّة ولا يفوتها ولا يعوزها أن تجد من المسلمين أنصارا لها باسم الدّيمقراطيّة. هذه كما جاء في سؤالك لفظة أجنبيّة وأنا لا أنسى أنّ في مكتبتي هذه كتاب في حياة أو ترجمة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه طبع هذا الكتاب من نحو أربعين خمسين سنة كتب في أسفل العنوان أوّل ديمقراطيّ في الإسلام. كذبوا لأنّنا أوّلا لو أردنا أن نعطي لكلمة الدّيمقراطيّة معنى شرعيّا فليس عمر أوّل ديمقراطيّ إسلامي وإنّما هو تابع لسيّد البشر عليه الصّلاة والسلاّم. ومع ذلك فليس لهذه الكلمة معنى إسلاميّ صحيح لأنّها تعني أنّ الحكم للشّعب تعني أنّ الحكم للشّعب وهذا مع ظهور بطلانه ومخالفته لنصوص الشّرع الإسلامي ألا إنّ الحكم لله وليس للشّعب و الشّعب تابع للحكم الإسلامي فهذه الدّيمقراطيّة تعني ضدّ الحكم الإسلاميّ تماما الحكم للشّعب مثال لا ينساه التّاريخ تاريخ هذا القرن وهو أنّ الأمريكان بدا لهم في تجربتهم أنّ الخمر هي كما جاء في بعض الآثار عندنا أمّ الخبائث عرفوا أنّها أمّ الخبائث بانتشار هذه الآفة في بلادهم فاتّخذوا قرارا لتحريم الخمر اتّخذوا قرارا في البرلمان مجلس الشّعب ولكن سرعان ما اضطرّوا إلى أن يلغوا هذا القرار بقرار آخر يبيح الخمر لأنّ الشّعب ما صبر على هذا التّحريم وما دامت الدّيمقراطيّة هي حكم الشّعب فإذن الشّعب يحلّل والشّعب يحرّم حسب هواه، الإسلام أعزّ من أن يسمّى باسم أجنبيّ كافر ينطوي تحته الضّلال المبين. بل أنا أقول لو كانت الدّيمقراطيّة تعني معنى إسلاميّا صرفا لا غبار ولا شائبة عليه نحن لا نجيز أن نسمّي معنى شرعيّا بلفظ كافر أجنبيّ ولذلك فنحن ننكر هذا الاستعمال الّذي بدأ يظهر في بعض البلاد العربيّة اليوم من ناحيّتين أوّلا من ناحية المعنى لأنّه يعني كما قلنا أنّ الحكم للشّعب وهذا كلام باطل فإنّ الحكم إنّما هو لله عزّ وجلّ ثمّ من ناحية اللّفظ لأنّه لفظ غربيّ أجنبيّ لو كان يتضمّن معنى صحيحا ما نرى استعماله لأنّها رطانة غربيّة مقيتة فكيف ويتضمّن معنى مخالفا للشريعة من هنا نحن ننكر على بعض الجماعات الإسلاميّة الّتي ترفع عقيرتها بالدّعوة إلى الدّيمقراطيّة ولو أنّهم يزينونها بكلمة إسلاميّة فيقولون ديمقراطيّة إسلاميّة لقد ابتلينا في هذا العصر بما حذّرنا نبيّنا صلوات الله وسلامه عليه من قبل أن نقع في مثل ما وقعنا فيه حيث قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( ليكوننّ في أمّتي أقوام يشربون الخمر يسمّونها بغير اسمها ) قديما سمّوا الخمر نبيذا وجرى هنا خلاف بين بعض الفقهاء العراقيّين وغيرهم والسّنّة تقول صراحة: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) لكن في العصر الحاضر أصبحت هذه المسكرات تسمّى بألفاظ رقيقة وناعمة " إنبيت ويسكي " ونحو ذلك من الألفاظ كما يسمّون الرّبا فائدة حتّى المتشرعيّين حتّى الإسلاميّين الّذين يتمسّكون بالإسلام إلى حدّ ما انطلى عليهم هذا الاسم فلا تعود لا تكاد تسمع منهم استعمال كلمة الرّبا وإنّما بديلها الفائدة. هذا كلّه وقع في الآونة الأخيرة بين المسلمين من ذلك الاشتراكيّة الإسلاميّة قبل الدّيمقراطيّة الإسلاميّة فيه اشتراكيّة إسلاميّة وألّفت بعض الكتب في ذلك وحاولوا في بعض الأحكام التي تتضمّتها الإشتراكيّة الكافرة أن يصبغوها بالصّبغة الإسلاميّة وقع بعضهم في مثل هذا من هذا القبيل أيضا البنوك الإسلاميّة فهذه من مصائب المسلمين. من هذا القبيل أيضا الأناشيد الإسلاميّة كلّها تنبع من منبع واحد وهو يسمّونها بغير اسمها تسمعون لا بدّ بالفنون الجميلة, الفنون الجميلة وتسمعون بالمشروبات الرّوحيّة على هذا الميزان كلمة الدّيمقراطيّة في العصر الحاضر الآن ولذلك فنحن نحذّر الآن كلّ من كان مؤمنا بالله ورسوله حقّا أن يغترّ بما يسمّى بالدّيمقراطيّة مطلقا أو بالدّيمقراطيّة الإسلاميّة فإنّها نظام كافر ألست ترى أنّ من طرق هذا النّظام إجراء الإنتخابات. وما معنى إجراء إنتخابات؟ معناه وخيم جدّا جدّا من الوجهة الإسلاميّة. أوّلا التّسوية بين المسلم والكافر الصّالح والطّالح وربّنا عزّ وجلّ يقول: (( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون )) ، هذا النّظام نظام الإنتخابات ديمقراطيّ لا يفرّق أوّلا بين مسلم وكافر. لا يفرّق بين صالح ومجرم. لا يفرّق بين رجل وامرأة كلّ هؤلاء لهم حريّة الانتخاب أن يَنتخب وأن يُنتخب. أي أن ترشّح المرأة الفاسقة الفاجرة المتبرّجة بل الكافرة نفسها فتصبح عضوا في البرلمان بل تصبح وزيرة من الوزراء وربّما يأتي اليوم وتصبح هي الحاكمة ويصدق في أقلّ من ذلك على هؤلاء قوله عليه الصّلاة والسّلام كما جاء في صحيح البخاريّ: ( ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) ، هذا من آثار النّظام الدّيمقراطيّ الذي يراد الآن فرضه على البلاد الإسلاميّة باسم الحكمة والسّياسة الشّرعيّة. وهذا من آثار غزو الكفّار لبلاد الإسلام برضى بلاد الإسلام احتلال الأمريكان الآن للسّعوديّة وغزوها للعراق بعد أن تعاون معها كثير من الدّول العربيّة ممّا مكّن لهؤلاء الكفّار ألا وهم الأمريكان وفيهم اليهود مكّن لهم في الأرض الّتي كنّا نرجو منها أن تكون هي القائدة للدّول الأخرى لتحكم بما أنزل الله وإذا بها تعود القهقرى. وإن كنّا لا نزال نرى فيها من الخير ما لا نراه في الدّول الأخرى. لكن حلول الأمريكان في هذه البلاد هي قاصمة الظّهر ولذلك فإن كنت تسمع الآن الدّعوة إلى فرض نظام الدّيمقراطيّة في اليمن فهذا يذكّرنا بمثل سوري يقول: "إذا حلق جارك بلّ أنت " ولذلك ستنتقل هذه العدوى من اليمن إلى السّعوديّة وأنا أخشى ما أخشى أن تعود السعوديّة قسمين بل ثلاثة أقسام إذا كان النّظام الكافر الرّوسي جعل اليمن قسمين فالنّظام الأمريكاني الكافر المحتلّ الآن للسّعوديّة سوف يجعلها على الأقلّ ثلاثة أقسام نجد وحجاز وما أدري خاصّ بالشّيعة الّذين يعيشون هناك في بعض البلاد ونسأل الله عزّ وجلّ أن يخيّب ظنّنا هذا وأن يظلّ السعوديّون كما كانوا من قبل محافظين أوّلا على توحيدهم ثمّ على تحكيم شريعة ربّهم ولو بقدر كما كان يشكو بعض الدّعاة الإسلاميّين. لكنّه على كلّ حال هم خير من كثير من بلاد أخرى. ولذلك فالخطر نخشى أن يستمرّ ويستمر فما عليكم معشر اليمنيّين إلاّ أن تكونوا دعاة حكماء فقهاء وقد شهد لكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قديما بالحكمة والفقه ولا تلجؤوا لاستعمال القوّة لأنّ القوّة الماديّة لاتفيد الآن قبل أن تتحقّق القوّة الإيمانيّة في النّفوس وفي القلوب .

مواضيع متعلقة