ما حكم التحالف مع الكفار وما هي ضوابطه وكيف التوفيق حديث ( لا ِحلف في الإسلام ) حِلف الرسول صلى الله عليه وسلم مع خزاعة واليهود في المدينة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم التحالف مع الكفار وما هي ضوابطه وكيف التوفيق حديث ( لا ِحلف في الإسلام ) حِلف الرسول صلى الله عليه وسلم مع خزاعة واليهود في المدينة ؟
A-
A=
A+
السائل : هل التحالف مبدأ التحالف مع الكفار جائز ؟ وإذا كان جائزا ما هي الشروط والضوابط لمثل هذا التحالف ؟ وماذا نفهم من قوله تعالى : ( لاحلف في الإسلام لا تحدثوا حلفا في الإسلام ... ) ؟

الشيخ : حديث مو آية .

السائل : لا عفوا حديث ( حليف القوم منهم ) وإذا كان لا يجوز كيف نفهم مثلا حلف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع خزاعة واليهود في المدينة ؟

الشيخ : هو هذا الحديث في فهم الموضوع قبل أن أجيبك ، أنت عم تحكي عن الأمر المتعلق بالدولة الإسلامية ، أليس كذلك ؟

السائل : لا المسلم أنا أريد الجواب الحقيقي ... .

الشيخ : هذا تحفظ مني يا أستاذ طلعت - يضحك الشيخ رحمه الله - .

السائل : أنا أريد جواب شامل ، الحلف يقوم به الحاكم المسلم أو إن صح التعبير من يتولى أمر المسلمين أو جماعة إسلامية إن صح التعبير

الشيخ : نعم

السائل : هل هناك فرق بين الحلف الذي تصنعه الجماعة الإسلامية مع الجماعات أو الحلف الذي يصنعه الحاكم أو الخليفة ؟

الشيخ : إي لا شك أن هناك فرق كبير ( لا حلف في الإسلام ) هذا نص عام ، والتحالف الذي وقع في بعض حوادث السيرة خاص ، ومع الخصوصية يجب التحفظ بدراسة السند هل ذلك ثابت عن الرسول عليه السلام أم لا ؛ هذا تحفظ لا بد منه لأنه يوجد في كتب السيرة قصص وحوادث تذكر على أنها أمور مسلمة لا شيء فيها وهي ليست كذلك ، من ذلك مثلا الحديث المشهور لما الرسول صلى الله عليه وسلم فتح مكة فقال : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ما في أشهر من هذه الرواية وهي رواية غير صحيحة على طريقة علماء الحديث ؛ كذلك مثلا قصة الصحابي يش اسمه الصحابي؟

السائل : زيد بن الحباب

الشيخ : زيد بن الحباب كمان هذه أيش ؟ كذلك قصة مشهورة لكنها لا تثبت أيضا ؛ فبعد التثبت من صحة هذه الأجزاء التي هي تنافي في ظاهرها قوله عليه السلام: ( لا حلف في الإسلام ) فنقول: القاعدة أنه لا حلف في الإسلام ولكن الحاكم المسلم وأعني ما أقول لما أقول الحاكم المسلم لا أعني الحكام الذين يحكمون المسلمين اليوم في هذا الزمان مع الأسف لأنه أقل ما يقال فيهم ليسوا علماء ؛ وثانيا صحيح قد تكون بعض الدول تحت يدها لجنة من العلماء ولكن هدول موضوعين على الهامش لتمشية بعض الأمور ، إلى آخره لا لتحكيم الدولة بالإسلام ، بالكتاب والسنة ، إلى آخره ؛ فلذلك إذا فرضنا أن هناك حاكما مسلما فعلا ويحكم بما أنزل الله ويكون عالما لأنه من شروط الحاكم الأول أن يكون بالتعبير العلمي مجتهدا ليس فقط عالما بل ومجتهدا ، وهذا الشرط المهم جدا يكشف لنا عن خطأ الجماعات من المشايخ الكثيرين في مختلف البلاد الإسلامية الذين كانوا ولا يزال الكثير منهم يدعي بأن باب الاجتهاد مغلق ؛ فمعنى هذا أن أي حاكم سينصب حاكما على المسلمين أن لا يكون عالما ، وإذا قيل أن لا يكون عالما فمعنى ذلك أن يكون جاهلا ؛ لأن الجهل أو الجاهل قد يظن بعض الناس أنه لا يشمل من كان عليما بمذهب من المذاهب أو يحكم بمذهب من المذاهب الأربعة فهو فقيه بهذا المذهب ؛ لكن من دقائق الأمور أن نعلم أن هذا ليس عالما ، هذا الذي يتفقه على مذهب معين أو يحكم بمذهب معين هذا ليس عالما ؛ ومن الطرائف أنهم ـ أعني علماء الحنفية ـ ذكروا في كتبهم في باب القضاء ، قال: " ولا يجوز نصب الجاهل على القضاء " يأتي الشارح ابن الهمام وغيره :" الجاهل أي المقلد " .

السائل : حتى لو علم حيثيات المذهب ؟

الشيخ : أبدا ، ها ، لا يجوز تولية القضاء الجاهل أي المقلد ؛ ليه ؟ لأنه لا يستطيع أن يحكم في كل حكم يرد وينزل عليه ما دام أنه متمسك بجانب من الفقه وهو الفقه المذهبي ، وكم يعجبني بهذه المناسبة ذلك المثال الذي أذكره لإخواننا أحيانا ولظرافته وبداعته الذي استفدناه من ابن رشد الأندلسي قال: " مثل المقلد ومثل المجتهد كمثل صانع الخفاف وبائع الخفاف " قال: يأتي رجل إلى بائع الخفاف بقياس رجل معين فينظر في الخفاف موضوعة عنده فلا يجد هذا القياس خاصة إذا كان شاذا ، مثلا أن تكون الرجل قصيرة وعريضة أو طويلة ودقيقة ، هذا ما يفصلوه هيك شيء ، هم بفصلوا الشيء الرائج ؛ لكن إذا ذهب عند صانع الخفاف يأخذ القياس ويصنع له الشيء المناسب له ؛ هذا مثل بائع الخفاف وصانع الخفاف ، بائع الخفاف هو المقلد وصانع الخفاف هو المجتهد ؛ ولذلك اشترطوا في القاضي أن يكون مجتهدا والمجتهد هو العالم ؛ ولذلك قال عليه السلام منبئا لنا بما سيكون وضعه العلمي في آخر الزمان مدروسا فقال عليه السلام : ( إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسألوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) اليوم تجد هذه النبوءة ملموسة لمس اليد ، كبار من يظن فيهم علماء وما العهد بكم بهذا المفتي المصري الطنطاوي الذي أفتى بحل الربا ، هذا ليس عالما ، هذا رجل ، مش علي الطنطاوي ، شو اسمه هذا المصري ؟ سيد طنطاوي هؤلاء ، شو وظيفته مفتي ولا أيش ؟

الحلبي : مفتي مصر .

الشيخ : مفتي مصر ، اتخذ الناس رؤوسا جهالا ، مفتي مصر ، فسئلوا يجوز ؟ قال: يجوز. ولف ودار واحتال على نصوص الكتاب والسنة المحرمة للربا كما فعل اليهود يوم السبت وكما فعلوا حينما حرم رب العالمين عليهم الشحوم ؛ فإذن يشترط في الحاكم أن يكون عالما لكن إن كان كما هو الشأن اليوم لا يكون عالما لكن لازم يكون مستند إلى علماء ، فلا يأتي ولا يذر شيئا إلا بناء على رأي مجلس الشورى من أهل العلم كما أنه ينبغي أن يكون عنده مجلس شورى في السياسة ، في الاقتصاد ، في الجند في العسكر ، إلى آخره ؛ لازم يكون عنده أيش ؟ ناس متخصصين في العلم فيما يتعلق بالاقتصاد ، وما يتعلق بالجيش ، هذه كلها يعتمد أكبر رئيس اليوم عليهم ؛ أما ما يتعلق بالدين حلال وحرام فنادر جدا أن نرى من يهتم بمثل هذا الأمر ؛ فإذا لا نستطيع نحن أن نقول أن قوله عليه السلام : ( لا حلف في الإسلام ) لما خصصناه ببعض الجزئيات التي صدرت من الرسول عليه السلام إذا صحت تلك الجزئيات فيكفي أن الرسول عليه السلام هو الذي تصرف بمثل هذا التصرف ، فلمن كان وارثا له في علمه أن يجتهد في بعض الجزئيات ، فإذا أراد فنقول له يجوز لك أن تخصص هذا النص العام ، الشأن فيه تماما كما هو في مثل قوله عليه السلام لما جاءه بعض المشركين ليجاهد معه قال عليه السلام : ( إنا لا نستعين بمشرك ) مع ذلك فقد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان ببعضهم ويكفي مثالا على ذلك أنه كان استعار من أحد المشركين وهو صفوان والا ايش اسمه ؟

السائل : صفوان

الشيخ : صفوان استعار دروع فقال: " يارسول الله أغصب أم عارية مؤداة ؟ " قال: ( لا بل عارية مؤداة ) ؛ فهذه الاستعانة التي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تستثنى من القاعدة ؛ لكن لا نعكس الموضوع ؛ القاعدة تكون قاعدة ، وما تقتضيه المصلحة الزمنية من الحاكم المسلم الذي هو عالم كما قلنا أي مجتهد أو عنده علماء مجتهدون لا يأتي بشيء ولا يتصرف في شيء إلا بناء على فتواهم ، فإذا درسوا الوضع دراسة بكل علم وتجرد فلهم أن يستثنوا بعض الحوادث من مثل هذه القاعدة أو تلك القاعدة الأولى ( فلا حلف ) مثل ( لا نستعين بمشرك ) كلتاهما قاعدتان ثابتتان ؛ لكن كلتاهما تتعلقان بالحاكم المسلم وليس بفرد أو جماعة من المسلمين ينصبون عليهم مثلا رئيسا وقد يبايعونه ، وهذه البيعة ليست شرعية ؛ لأنه لا بيعة في الإسلام إلا للإمام الأول ، فلا يجوز تطبيق مثل هذه الأحكام بالنسبة لبعض الجماعات التي لا تمثل الأمة الإسلامية ولم تبايع من الأمة الإسلامية قد تكون بويعت من طائفة من الأصحاب والأصدقاء إلى آخره ؛ لكن ليست هذه البيعة معلوم هذه بداهة ؛ فإذن أظن أن الجواب انتهى أن هذا الحكم خاص بالحاكم المسلم وله بعض المستثنيات بالاجتهاد المقرون بالعلم .

السائل : عفوا بالنسبة ( لا نستعين بمشرك ) ما نستطيع أن نقول إنه لا نستعين بمشرك في القتال ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال هذا الحديث رد اليهود ونفر عبد الله بن أبي وحديث آخر ترويه عائشة رضي الله عنها ، رد رجل من المشركين كان قويا والصحابة كانوا يحبذون أن يكون معهم فقال : ( لا أستعين بمشرك على مشرك ) لا نستطيع أن نقول إن هذين الحديثين يعني خصصا في الاستعانة في القتال ؟ أما الآخر الاستعانة في سلاح أو معونة أو كذا ؟

الشيخ : لا ، أولا كما يعلم الحاضرون " العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب " فلا نستعين بمشرك لفظ عام يشمل الاستعانة في مباشرة القتال والاستعانة بسلاح من لا يباشر القتال كصفوان مثلا ، ولسنا مضطرين إلى مثل هذا التضييق لمعنى الحديث ؛ لأنه حينئذ ستكون الخسارة أكثر بكثير من الربح ، نحن إذا ما قيدنا الحديث بمباشرة القتال معناه ذهبت أجزاء كثيرة وكثيرة جدا من الاستعانات بالمشركين تبقى على الأصل وهي الإباحة بينما الرسول أطلق وله الحكم المطلق فلا يجوز أن نقيده ، لماذا نقيده ؟ لكي لا تتعارض بعض الجزئيات ، لا نحن نقول عام مخصص فيبقى النص العام في عمومه وشموله ، ولا نسلط عليه التخصيص إلا ببعض الجزئيات القليلة .

السائل : الله يجزيكم الخير .

مواضيع متعلقة