الجواب عن السؤال السابق: هل ضرائب الجمارك تدخل في المكس، وهل يشرع للدولة وضع هذه الضرائب ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الجواب عن السؤال السابق: هل ضرائب الجمارك تدخل في المكس، وهل يشرع للدولة وضع هذه الضرائب ؟
A-
A=
A+
الشيخ : أين أبو محمّد ؟ جزاك الله خير طوّلت بالك علينا كثير لأنّ بعد المقدّمة كلّها جاء الجواب عن سؤالك .

الحلبي : نسينا السّؤال شيخنا .

الشيخ : فهنا يأتي البحث في الضّرائب و في المكوس فأقول الآن ما هو المسوّغ لتشريع إذا صحّ التّعبير أيضا و لنقل إذا تقنين و فرض ضرائب على الأمّة ما هو الدّافع؟ هو حاجة الدّولة في أن يكون في خزينتها مال وفير لتقوم بمصالح الأمّة علما كما نقول دائما و أبدا و كما قلنا في تلك الجلسة الّتي أشرنا لكم إليها آنفا و ما تحدّثنا بما وقع فيها من التّفصيل حول البدعة و إنّما تسلسلت في الكلام حتّى وصلت إلى هذه النّقطة و هي المصالح المرسلة فنقول إنّ هذه الضّرائب توضع لمصلحة الأمّة فعلا و إن كان في هذه المصالح مفاسد لا بدّ من التّنبيه عليها فإنّ كثيرا من هذه الأموال الّتي تجمع باسم الضّرائب و باسم تحقيق مصلحة للأمّة تصرف فيما فيه مضرّة للأمّة لكن لا ينبغي أن نشتطّ في الحمل على هذا الصّرف فلا بدّ أنّ قسما كبيرا من هذه الضّرائب تصرف فعلا لمصلحة الأمّة كتعبيد الطّرق و تمديد الجسور و نحو ذلك , لكن ما هو السّبب الّذي يدفع الحكومات الإسلاميّة اليوم على فرض الضرائب ؟ السّبب هو إهمالهم للقيام بكثير من الأحكام الشّرعيّة . أوّل ما يتبادر للذّهن أنّ الحكومات الإسلاميّة كلّها أو على الأقلّ جلّها لم تجعل نظام الزّكاة نظاما مفروضا في حكمهم و نظامهم و بذلك خسرت الخزينة الملايين المملينة من الأموال الّتي كان باستطاعتها أن تجمعها بطريقة شرعيّة فإذا خسرت الدّولة هنا و لا شكّ أموال كثيرة , كيف يعوّضون هذه الخسارة ؟ بفرض ما ليس فرضا بل و ما لا يكون جائزا في الإسلام ألا و هي المكوس . و هناك سبب آخر و مهمّ جدّا جدّا لكنّه لا يبدو لكثير من أذهان النّاس أنّه واضح و أنّ له صلة وثقى بما نحن في صدده أنّه من الأسباب الشّرعيّة لتكثير مال الدّولة ليس كنظام الزّكاة لكنّه في اعتقادي قد يكون أعظم من نظام الزّكاة في بعض الأزمان و يقينا هو أعظم من نظام الزّكاة لو طبّق في هذا الزّمان ما هو ؟ الجهاد في سبيل الله أقول أنّ هذه الوسيلة لا ترتبط بداهة في الذّهن أنّ لها صلة بهذا الموضوع لكنّي أذكّركم بحديث أوّل الجلسة طرقت موضوع التّشبّه و الجلوس على هذه المقاعد الّتي تجعل الإنسان يتكبّر و هو لا يعرف التّكبّر فيجلس هكذا متعنترا إذا صحّ التّعبير أيضا فالمقصود ذكرت لكم في أوّل الجلسة بمناسبة التّشبّه و النّهي عنه و من تشبّه بقوم فهو منهم هذا طرف من الحديث الّتي جاءت المناسبة الآن لأتلوه على مسامعكم بكماله و تمامه قال عليه الصّلاة و السّلام: ( بعثت بين يدي السّاعة بالسّيف حتّى يعبد الله وحده لا شريك له و جعل رزقي تحت ظلّ رمحي ) هل هذا الرّزق يعنيه عليه السّلام هو رزقه هو ؟ لا هو يعني رزق أمّته ( و جعل رزقي تحت ظلّ رمحي و جعل الذلّ و الصّغار على من خالف أمري و من تشبّه بقوم فهو منهم ) , ( بعثت بين يدي السّاعة بالسّيف حتّى يعبد الله وحده لا شريك له و جعل رزقي تحت ظلّ رمحي و جعل الذلّ و الصّغار على من خالف أمري و من تشبّه بقوم فهو منهم ) , ( و جعل الذّلّ و الصّغار على من خالف أمري ) بما ؟ جاء بيان ذلك في قوله تعالى: (( قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرّمون الله و رسوله و لا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون )) ( و جعل رزقي تحت ظلّ رمحي و جعل الذّلّ و الصّغار على من خالف أمري ) لأنّهم إمّا أن يكونوا أهل ذمّة فهم يدفعون الجزية عن يد و هم صاغرون و هذا من الأسباب القويّة لإملاء خزينة الدّولة بالمال الحلال لا بالمكوس المحرّمة و إن كانوا أهل حرب فذلك أغنى للمسلمين لأنّهم سيكسبون أموالهم و يسترقّون رجالهم و نسائهم و صبيانهم و كلّ هذه المكاسب بكلّ أنواعها هي مال للمسلمين يغنون بذلك ولهذا لعلّكم قرأتم في بعض التّواريخ أنّه حصل في زمن عمر بن الخطاب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه و أرضاه ما كاد يتحقّق في زمنه نبوءة النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أنّه يأتي زمان يخرج الغنيّ بزكاته فلا يجد من يأخذه لأنّ المسلمين صاروا كلّهم أغنياء , إذا هذا مثال للسّبب الّذي يؤخذ به و يحقّق مصلحة إسلاميّة لكن الّذي دفع إلى الأخذ بهذا السّبب في الوقت الّذي يحقّق مصلحة إسلاميّة و هي غنى الدّولة هو سببه تقصير المسلمين في تطبيق شريعة ربّ العالمين أمّا السّبب عن النّوع الثّالث ... .

سائل آخر : النّوع الثّاني من البدعة .

الشيخ : من البدعة أيضا غير مشروعة لأنّه مخالفة للسّنّة أمّا السّبب الثّالث الّذي وجد المقتضي و ليسوا مسؤولين عنه أي لم يكن السّبب هو تقصيرهم في تطبيق جوانب من دينهم فهو الّذي يبحثه الإمام الشّاطبي رحمه الله في كتابه العظيم الاعتصام لأنّه يتحدّث هناك بتفصيل عن المصلحة المرسلة فيذكر أنّ من المصالح المرسلة أنّ الكفّار إذا هاجموا ديار المسلمين و لم يكن في خزينة الدّولة من المال المجموع بالطّرق المشروعة ما يكفي لردّ اعتداء هؤلاء الكفّار فحينئذ يجوز للحاكم المسلم أن يفرض فريضة على أغنياء المسلمين و ليس على فقرائهم و هذه أيضا فارقة عظيمة بين الضّريبة الّتي يفرضها الحاكم المسلم حينما يوجد السّبب الشّرعي لفرضها و بين المكوس الّتي تفرض اليوم فهي لا تميّز بين غنيّ و فقير ففي هذه الحالة حالة غزو الكفّار لبعض البلاد الإسلاميّة يجب على الحاكم أن يجمع من أموال أغنياء المسلمين ما به يتقوّى على ردّ اعتداء المعتدين. هذا ما يتعلّق عن الجواب عن المكوس .

مواضيع متعلقة