تختلف الآراء اليوم في كيفية إقامة شرع الله - عز وجل - في الأرض وإقامة الدولة المسلمة ؛ فأيُّ الآراء أصوب ؟ وهل طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تختلف عن هذه الآراء جميعها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تختلف الآراء اليوم في كيفية إقامة شرع الله - عز وجل - في الأرض وإقامة الدولة المسلمة ؛ فأيُّ الآراء أصوب ؟ وهل طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تختلف عن هذه الآراء جميعها ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ .

الشيخ : تفضل .

السائل : جزاك الله خير .

حضرت نقاش لبعض الإخوة في كيفية إقامة حكم الله في الأرض ، فبعضهم قال أن أوضاع المسلمين حاليًّا أو الحكومات حاليًّا يختلف وضعها على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما كانت قائمة ، فبعضهم قال يعني نُقيم حكم الله في الأرض عن طريق - مثلًا - ندخل في البرلمان كما يحدث حاليًّا ، ونصير وزراء ونوَّاب ، وبنفس الوقت نقوِّي دين الشباب وعقيدتهم وإيمانهم ، ويتغيَّر الحكم تدريجيًّا إلى تطبيق شرع الله ، واحد ثاني يقول : لا ، نغيِّر مفاهيم الشباب للمبادئ الإسلامية ، ونقيم مؤسسات إسلامية ، مثل بنوك إسلامية ، مثل الشركات الإسلامية ، وهكذا ، وبالتالي مع مرِّ السنين يقوم حكم الله ، ناس ثانيين يقول لك : لا ، نأخذ الأفراد كأفراد ... خلقهم ودينهم ، وبالتالي الأمة كلها تتغيَّر ويطلع حكم ، ناس ثانيين يقول لك : لا ، نروح نأخذ مبدأ الجهاد ونجاهد - مثلًا - في فلسطين ، وتلتمُّ الأمة حول مبدأ الجهاد ، وبالتالي يقوم شرع الله ، وتقوم بتطبيق دين الله على هذه الأرض ، فأريد يعني ملخَّص ، أيُّ الآراء أصوب ؟ أو هل طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تختلف عن هذه الآراء جميعها ؟

الشيخ : طبعًا طريقة الرسول طريقة يعني منفردة ، وعليها يجب على المسلمين جميعًا أن يقتدوا بها ؛ لأنَّ طريقة الدخول في البرلمانات هدول يصيروا وزراء أو يصيروا مدراء أو أو إلى آخره ؛ هذه مع كونها تخالف طريقة الرسول - عليه السلام - وبدئه بالدعوة ؛ فهي غير مثمرة أبدًا ، والطريقة الثانية والثالثة أنا ما شفت بيناتهم فرق كبير جدًّا ، لكن أرى أنُّو ما فيه فائدة من الدخول في هالتفاصيل ؛ لأنُّو الأمر كما قيل : " وبضدها تتبيَّن الأشياء " ، فأنت ذكرت أربعة صور قِيلت أمامك ، يمكن بعض الصور تتداخل مع بعض ؛ ولذلك ما نتناقش في هذا المجال ، لكن ما دام أن الحقائق تتبيَّن بأضدادها ، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فنحن إذا عرفنا هديَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عرفنا ما يُناقضه أنه على غير هدى من ربِّه ، فممَّا لا شك ولا إشكال فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما بدأ بالدعوة دعوة المشركين إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأنه استمَرَّ يدعو هؤلاء المشركين في مكة عشر سنين : (( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) ، مع بعض الأحكام القليلة ، لكن الصلاة والزكاة والحج هذه فُرضت فيما بعد .

فالآن المسلمون كما تعلمون بيعدُّوا الملايين ، وهاللي بيقودهم ما هنّ من الأنبياء ولا من المرسلين ، يعني خيرهم مَن كان عالمًا بالكتاب والسنة ، ولكن هو غير معصوم ، هالملايين هدول هل ينبغي أن ندعُوَهم إلى أن يتثقَّفوا الثقافة الإسلامية الشرعية الصحيحة أم الثقافة الغربية اللي تعلِّمهم القوانين وطريقة إدارة الحكم والبرلمانات وما شابه ذلك ؟ لا شك أنا في اعتقادي أن جواب كلِّ مسلم صحيح العقيدة سيكون معنى : ( خير الهدى هدى محمد ) ، كما بدأ الرسول بالدعوة لأنه ... بدأ الدعوة ، لكن نحن قلنا أن الرسول كان معصومًا وكان نبيًّا رسولًا ، اليوم ما فيه نبي ، ( أنا خاتم الأنبياء ، ولا نبيَّ بعدي ) ، لكن له - عليه السلام - خلفاء ، وقد قال في الحديث الصحيح : ( العلماء ورثة الأنبياء ) ؛ فإذًا هاللي بدهم يقوموا بدور الرسول - عليه السلام - في الدعوة إلى الله - عز وجل - لازم يكونوا يستحقُّوا أن يكونوا خلفاء من بعده في العلم ؛ لأن الأنبياء لم يورِّثوا مالًا ولا درهمًا ولا دينارًا ، وإنما ورَّثوا العلم كما جاء في الحديث المعروف .

نرجع هلق للمشكلة الأساسية التي هي واقع ما أقول عامة المسلمين ؛ واقع العلماء اليوم ، الذي نعتقده جازمين أن علماء المسلمين اليوم مختلفين أشدَّ الاختلاف ، وفي ظنِّي لا أحد يُناقش في هذه الدعوة التي أدَّعيها ، لا أحد يناقش بأن علماء المسلمين مختلفين أشدَّ الاختلاف في البلد الواحد ، فضلًا عن الإقليم الواحد ، فضلًا عن أقاليم ، فضلًا عن العرب والعجم و و إلى آخره ، يعني تصوَّر الخلاف بأوسع دائرة ممكنة ، وأنا الآن بأظن غير هذه الدائرة المختلفة جدًّا جدًّا ، فأنت تجد في العالم الإسلامي فيه ناس ينتسبون إلى السنة والجماعة ، فيه ناس بينتسبوا إلى الشيعة ، فيه ناس بينتسبوا إلى الزيدية ، فيه ناس بينتسبوا إلى الخوارج أو الإباضية ، وهدول بيتفرَّع منهم كمان فروع ثانية ما لنا فيها ، لكن لنا نرجع لأهل السنة والجماعة ، أهل السنة والجماعة بينقسموا إلى أقسام ، فيما يتعلَّق بالعقيدة ثلاثة أقسام : ماتريدية ، أشاعرة ، أهل الحديث ، فيما يتعلَّق بالفقه والأحكام الشرعية الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ، فيما يتعلَّق بالطرق الصوفية حدِّث ولا حرج ، هم يقولون : " الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق " ، الله أكبر ! وهدول كلهم من أهل السنة والجماعة ، تركنا نحن هديك الجماعات ، من أهل السنة والجماعة ، نرجع نحن نقول الآن آية في القرآن تقول : (( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا )) ، فتذهب ولَّا وتذهب ؟ آ ؟

السائل : (( وَتَذْهَبَ )) .

الشيخ : (( وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )) ؛ آ ، إذًا النزاع بنصِّ القرآن الكريم سبب للفشل ، وسبب لإذهاب القوَّة ، وفي الآية الأخرى : (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، هذه الآية كأنها تنطبق اليوم على هالجماعات المسلمة ، وإذا كنت ما بتصدِّق لأنك ما لك عارف التاريخ - مثلًا - يكفيك تاريخ الجهاد الأفغاني ، وبعد اثنا عشر سنة بسبب الأحزاب السبعة ما استفادوا شيء إلا إراقة الملايين من الدماء ، فصدق الله (( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )) ، وهَيْ الأحزاب السبعة في الأفغان ما فيهم شيعة ، كلهم أهل سنة ، وما فيهم شوافعة ، كلهم حنفية إلا ما ندر يمكن يكون فيهم شوافعة إلى آخره .

إذًا العمل اليوم السياسي لا يُفيد إطلاقًا ؛ لأن الرسول أول ما بُعِثَ ما اشتغل بالسياسة ، لكن لما هاجر إلى المدينة هناك بدأ العمل السياسي والتنظيم السياسي ، وبدأ القتال بينه المنظَّم وبين المشركين كما هو معروف في السيرة النبوية ؛ إذًا الرسول بدأ بماذا ؟ بدأ بإصلاح العقيدة وبالتربية الإسلامية الصحيحة على الكتاب والسنة ، اليوم هؤلاء العلماء اللي بدأت أنا الكلام بهم وهنّ مختلفين أشد الاختلاف ، وقدَّمت لك صورة واضحة جدًّا ؛ هدول لا يمكن أن يصيروا كلمة واحدة إلا إذا اتَّفقوا على أن يكون المرجع لهم مرجعًا واحدًا ، وهو كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما كان عليه السلف الصالح ؛ فالذين يقولون : ندخل في البرلمانات هؤلاء قسمان ولا بد ، قسم منهم شُبِّه لهم الأمر ؛ توهَّموا أنه يمكن أن يقيموا دولة الإسلام بطريقة المشاركة في دولة غير إسلامية ؛ قسم منهم هكذا ، قسم يُظهرون خلاف ما يُبطنون ، يُبطنون الوصول إلى الكرسي لأنه يدرُّ عليهم الخيرات والبركات والرياسات و و الجاهات ونحو ذلك ، هدول ما لنا كلام معهم ، أما القسم الأول فالكلام كله بينصب عليهم ، فنقول : هل أنتم على طريق محمد - عليه السلام - ؟

أوَّلًا تركوا أنفسهم فما ربُّوها على الإسلام ؛ لأنهم ما فهموا الإسلام ، فضلًا أنهم ما ربُّوا أهلهم وذويهم اللي عايشين في البيت ، نساء بنات صبيان إلى آخره ، ما فيه هناك ظاهرة إسلامية إطلاقًا ، وأنا أجزم وأقطع أنُّو لو في ليلة لا قمر فيها كما يُقال رُفِعَت راية الإسلام على البرلمان اللي كان لا يحكم بالإسلام ؛ ح يتمكَّن هذا الذي رفع هذه الراية أنُّو يطبِّق الإسلام في أرض غير مسلمة فعلًا ؛ لا هي مسلمة علمًا ولا هي مسلمة عملًا ؟ إذًا بدو يقعد يشتغل هذا اللي رافع راية الإسلام من جديد في شعبه وأمته لِيُعلِّمهم الإسلام حتى يستطيع هذا الشعب أنُّو يمشي معهم ؛ فإذًا - يا أخي - ابعِدْ عن الخيال ، خير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - ، (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) ، هالملايين المملينة من المسلمين قديش بيعدُّوا يقولوا اليوم ؟

السائل : مليار .

الشيخ : مليار ؟ نعم ؟

السائل : مليار .

الشيخ : مليار ، آ ، مليار مين بدو يربِّيهم ، ما بتقدر أنت لو عندك - مثلًا - قرابة ما بتقدر تستصفي منهم أربعة خمسة ، وهدول اللي بدك تستقصيهم بدك تقضي حياتك كلها لحتى إيش ؟ تربيهم التربية الصالحة علمًا وخلقًا وسلوكًا ، فهذا المليار غضَّ النظر عنه ، خاصَّة بعد ما قسمنا إلى أهل السنة والجماعة ، وغير أهل السنة والجماعة ، ورجعنا لأهل السنة والجماعة وجَدْناهم في العقيدة ثلاثة مذاهب ، في الأحكام الشرعية أربع مذاهب ، في الطرق والسلوك وإلى آخره بعدد أنفاس الخلائق إلى آخره ، وين بقى بدك تصلح البقية الباقية ؟ هذا أمر مستحيل ، لكن استصفِ من جوِّك هناك تعاون معهم على فهم الكتاب والسنة وتطبيق الكتاب والسنة في حدود ما يُمكنك ، ثم هذه الحلقة الصغيرة تتَّسع عندك في الحارة كم واحد ، في الحارة الثانية كذلك واحد غيرك بيقوم بنفس العمل ؛ لأنكم واضعين منهج واحد ؛ ستكون الآثار إن ما كانت واحدة فستكون متقاربة ، وسيأتي يوم قريب هالحلقات الصغيرة هذه تنضم بعضها إلى بعض وتصير حلقة كبيرة جدًّا ، وبهذه الحلقة الكبيرة بيتحقَّق المجتمع الإسلامي ، وعلى هذه الأرض المسلمة ممكن إقامة الدولة ، أما تقيم الدولة المسلمة رأسًا تطلع لرأس الأهرام ، هذا أمر خيالي محض تمامًا .

ولذلك بهذه المناسبة أنا أكرِّر كلمة لبعض الدعاة اللي كانوا في العصر الحاضر ومات ، هي من الحكمة بمكان : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " ، فهاللي بدو يدخل البرلمان بدو يقيم دولة الإسلام في قلبه ، نحن نشوف ، بنشوف أخ من إخواننا طيب وعاش معنا سنين صار له وظيفة ، كان له لحية مثل لحيتي أو أكبر ، دخل الوظيفة وإذا تشعر بدأت اللحية تنقص وتنقص وتنقص ، ويُخشى أنُّو إما أن تكون مثل ما بيقولوا عندنا بالشام : " خير الذقون إشارة تكون " ؛ هون يطيح بها بيرميها أرضًا !! وهو عبارة عن وظيفة بسيطة ، بيدخل البرلمان يكون لابس عربي من قبل بيصير يلبس إفرنجي ، بيلبس إفرنجي جاكيت وبنطال ، ما بيحط " " كرافة " ما بيمشي الحال ، بعد مدة بينطبع تمامًا ؛ لأنُّو ما بدو يقدر يعيش شاذ في البرلمان ، بيحط " كرافيت " ، يا تكون طويلة يا تكون مصلَّبة ، ها ، هذا بدو يقيم دولة الإسلام ؟! " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقَمْ في أرضكم " .

أظنني أنني أجبت عن الصواب الذي نراه نحن ، وأقربها ما ذكرت ثانيًا وثالثًا ، لا بد من إيجاد الأرض المسلمة لإقامة الحكومة المسلمة ، أما إقامة حكومة مسلمة على أرض غير صالحة لزرع هذه الحكومة ؛ هذا أمر مستحيل .

السائل : كيف نردُّ عليهم يعني ما دام غالبية الأمة يعني غير مؤمنة أو غير يعني ... كافرة ؟

الشيخ : أنا ريَّحتك ، شو بدك بمليار من المسلمين ؟ استصفِ - يا أخي - نخبة ، وتفاهم أنت وإياهم على الكتاب والسنة ، وامشِ معهم .

أنا بيعجبني بهالمناسبة " امرؤ القيس " هذا الجاهلي لما بيقول :

" بكى صاحبي لما رأى الدَّرب دونه *** وأيقن بأنَّا " إيش ؟

السائل : " لاحقين بقيصرا " .

الشيخ : نعم ؟

السائل : لاحقين .

الشيخ : " لاحقين بقيصرا "

فقلت له : لا تبكِ عينُك إنما *** نحاول ملكًا أو نموت فنُعذرا "

فنحن بنحاول نقيم دولة الإسلام ، لكن دولة الإسلام من أين نبدأ ؟ نبدأ بقال الله قال رسول الله ، ثم نطبِّق هذا الذي قال الله قال رسول الله ، وهكذا .

يعني اليوم مدرسة متواضعة بدك تقيمها لأطفال صغار ؛ رأسًا تقدر تقيمها ولَّا بتخطط ؛ تهيِّئ الأرض ، بتهيِّئ الحجارة ، بتهيِّئ الخشب ، وبتهيِّئ الفلوس قبل كل شيء اللي بدك تجيب هالبضاعة كلها إلى آخره ؟ وبعدين تضع مخطط خارطة ، كم غرفة ؟ كم - مثلًا - طاولة ؟ كم كم ؟ إلى آخره .

دولة هَيْ ، شو المسألة هينة ؟ فلا بد ما نوجد الرجال الذين هم يُقيمون ويضعون أساس هذه الدولة ، فأنت - بارك الله فيك - لا تُتعب حالك كيف نحاول أن نقنع المليار من المسلمين ، صفِّ صفِّ صفِّ صفِّ نجِّر نجِّر يعني صفِّح ارمي إلى آخره ؛ حتى تبقى في دائرة صغيرة تقدر أنت تقوم بواجبك تجاهها ، هدول اللي بينتسبوا اليوم في البرلمانات من المسلمين هدول لن ينجحوا أبدًا ، وهذا يقينًا يكفينا أنهم خالفوا قوله - تعالى - : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )) ، نحن بنقول يا أخي اللي بيدخلوا اليوم برلمانات يقينًا عقيدتهم ما هي إسلامية ، أنا بأقول يقينًا ؛ بدليل نجتمع مع دكاترة ، نجتمع مع مشايخ ، وبعض المشايخ الموجودين في البرلمان ، فنسمعهم ينطقون بكلمة الكفر وهي عندهم كلمة توحيد ، يمكن أنت ما أدري ما تؤاخذني ما أدري شو مبلغ اتِّصالك بهالمشايخ ومعرفتك بأفكارهم وعقائدهم ، بقى يمكن تستغرب لما بقول لك أنا هذا الكلام ، لكن أنا ح أضرب لك مثل واقعي تسمعه أنت دائمًا كما نسمعه نحن ، وهو ربنا - عز وجل - في عشرات من النصوص من الكتاب والسنة ذكَرَ أن الله - تبارك وتعالى - له الأسماء الحسنى : (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )) ، وقال : (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ )) ، وقال : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ، الخلاصة : له كل صفات الكمال ، من صفات الله - عز وجل - : (( سَبِّحِ اسْمَ )) ربِّي (( الْأَعْلَى )) ، الأعلى هنا أكثر المشايخ اليوم لا يؤمنون بهذه الصفة أن الله - عز وجل - هو الأعلى .

السائل : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) .

الشيخ : نعم ؟

السائل : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) .

الشيخ : (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) ، نعم .

فالله - عز وجل - نحن نقول في السجود : سبحان ربي الأعلى ، وهذا كتفسير للتطبيق للآية ، إي نعم ، شو بيقولوا أكثر المشايخ اليوم ؟ الله موجود في كل مكان ، أنا الآن بأسألك أنت ، سمعت هذا الكلام ولَّا ما سمعته ؟

السائل : سمعته .

الشيخ : طيب ، الله موجود في كل مكان ؟ هَيْ عقيدة صوفية هاللي بيقولوا بوحدة الوجود ، وبيصرِّحوا فيها بيقول : " كل ما تراه بعينك فهو الله " ، وبيقول أحدهم : " لما عبد المجوس النار ما عبدوا إلا الواحد القهار " ، النار النار المشتعلة التي يعبدها الوثنيُّون هي ما خرجت عن كونها الله !! البقر الذي يعبده طائفة من الهندوس هو يعبد الإله ، لما عبد المجوس النار ما عبدوا إلا الواحد القهار ، فلما عالم فاضل دكتور وآخذ شهادات دكتوراه في الشريعة وإلى آخره بيقول : الله موجود في كل مكان ، إي ، هذا بيدخل البرلمان هذا بدو يقيم دولة الإسلام ؟ هذا قلبه خراب يباب ، ما أقام دولة الإسلام في قلبه ؛ لأنه كفر بصفات ربِّه العليا ، وهذا مثال من أمثلة كثيرة وكثيرة جدًّا .

(( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) آية في القرآن ، هل عرفها جماهير المسلمين المثقَّفين منهم ، نترك بقى العوام ، هل فهموا معنى لا إله إلا الله ؟ أنا أقول آسفًا : ما فهموا ؛ بدليل أن المعنى الشرعي المتَّفق عليه عند علماء المسلمين قاطبةً الأولين منهم (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) أي : لا معبود بحقٍّ في الوجود إلا الله ، لا معبود بحقٍّ هذا احتراز أنُّو هناك في معبودات في الأرض ، لكنها تُعبد بغير حقٍّ ، وهو الشرك بالله - عز وجل - ؛ لذلك المشركين في القرآن الكريم : (( إِذَا قِيلَ [ لَهُمْ ] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ )) ، مع أنهم إذا سُئِلوا : (( مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )) ؛ إذًا هم يؤمنون بخالق ، لكنهم يجعلون له أندادًا في العبادة ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )) ، كثير من الجهلة خاصَّة اليوم في هذه الأرض " عمان " يُفسِّرون (( لَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا )) يعني ذات مع الله يخلق يحيي ويميت ويرزق ، مو هذا المقصود ، المقصود (( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا )) في العبادة ؛ ولذلك أكَّدَ الله - عز وجل - هذا المعنى حينما حكى في القرآن الكريم فقال : (( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) ، فيه اختصار هنا ، في طيٍّ من الكلام ، هذا من بلاغة القرآن ، (( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ )) يعبدونهم من دون الله - تعالى - ، فإذا قيل لهم : لماذا تعبدونهم من دون الله ؟ قالوا : (( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) ؛ إذًا هؤلاء يعتقدون بوجود الخالق الرازق المحيي المميت ، لكن اتَّخذوا معه أولياء يعبدونهم من دون الله ، لماذا ؟ منشان هنّ يقرِّبوهم إلى الله زلفى .

... واحد منهم في الطواف كان يقول : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريكًا تملُكُه وما مَلَك " ، تملكه وما ملك !! هذا السَّخَّاف هذا يُنكر كل هذه الحقائق ، ويقول في الآية السابقة : (( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) ؛ قال : هذا بيقولوه عن نفاق مو عن حقيقة .

السائل : الله أكبر !

الشيخ : إي ، سبحان الله !! يعني فيه تحريفات قديمة وحديثة جدًّا ، المجتمع الإسلامي لا يتحقَّق ، لن يتحقَّق إلا بالتوحيد الصحيح والتربية الإسلامية الصحيحة ، وهذا يتطلَّب جهدًا جبَّارًا من علماء المسلمين ، أوَّلًا الرجوع في فهم الدين كما قلنا إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، وبعدين تربية الأفراد في بعض المجتمعات حتى تُوجد النواة الأولى كما فعَلَ الرسول - عليه السلام - ، أول معركة تعرفونها وقعت بين المسلمين والكفار المشركين وقعة بدر ، قديش كان عددهم ؟ ثلاث مئة وقديش ؟

السائل : أربعة عشر .

الشيخ : وأربعة عشر ، وكانوا جماعة ألف وزيادة ، وكان عندهم خيل وأفراس وسلاح أكثر من هؤلاء ، فالله نصرهم ، لكن الرسول بقي اثني عشر سنة تقريبًا وهو يؤسِّس لإيجاد هذه النواة ، فقبل إيجاد هذه النواة لن تقومَ قائمة الدولة المسلمة أبدًا .

فلعل في هذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة