التنبيه على الخطأ الذي وقع فيه الطَّحَّاوي في كتابه " العقيدة الطحاوية " في مسألة الإيمان ، وبيان مذهب السلف في ذلك . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
التنبيه على الخطأ الذي وقع فيه الطَّحَّاوي في كتابه " العقيدة الطحاوية " في مسألة الإيمان ، وبيان مذهب السلف في ذلك .
A-
A=
A+
الشيخ : فـ " أبو جعفر الطحاوي " - رحمه الله - في كتابه هذا نَهَجَ منهج علماء السلف الذين تقدَّموه والذين جاؤوا من بعده كالشَّيخين المذكورين آنفًا ، إلا في مسألة الإيمان ؛ فإنه ذَهَبَ فيه مذهب ما يُعرف اليوم بـ " الماتريدية " ، وهو مذهب " أبي حنيفة " - رحمه الله - ؛ حيث ذهب إلى أنه إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وهنا مسألة لا بد من التعرُّض لها ؛ لأنها أشكلت على بعض الطلبة ، فقد تظاهر بعض المتعصِّبين للمذهب الحنفي دون تعصُّبهم للمذهب السلفي ؛ تظاهروا بأنه لا خلاف خلافًا جوهريًّا بين ما ذهب إليه " أبو جعفر الطحاوي " في هذه المسألة ، وبين ما ذهب إليه السلف ومَن سار على طريقتهم في مسألة الإيمان ، قالوا أو زعموا بأنه لا خلاف خلافًا جوهريًّا ، وإنما هو خلاف لفظي ، وهم يشيرون حقيقةً إلى مسألة فيها دقَّة ؛ وهي أن علماء السلف حينما يُدخِلُون في مسمَّى الإيمان العملَ الصالحَ لا يجعلون العمل الصالح شرط كمال شرطًا كاملًا في الإيمان ؛ بحيث إذا انتفى هذا الشرط انتفى الإيمان ، وإنما يجعلون العمل الصالح شرط كمال وليس شرط صحَّة ، خلافًا للخوارج الذين يكفِّرون مَن ارتكب الكبيرة ، وارتكاب الكبيرة بلا شك ينافي العمل الصالح ، وعلى ذلك فهم يكفِّرون مرتكب الكبائر ، أما السلف فلا يكفِّرون مرتكب الكبائر ، ولكن يجعلون ذلك سببًا لنقص يقع في إيمانه .

فالخلاف بين أهل الحديث والسلف ومَن سار مسيرتهم وبين الحنفية في هذه القضية ليست جوهرية فعلًا ؛ لأن الأحناف حينما يقولون : العمل الصالح ليس من الإيمان فإنما يعنون أنه ليس شرط صحة ، أما أنه شرط كمال فهنا الخلاف ؛ فالحنفية لا يلتقون مع الخوارج كالسلفيين قديمًا وحديثًا ، ولكنهم يختلفون عنهم في نقطة أخرى ، وهنا تكمن الدِّقَّة التي أشرتُ إليها ؛ فهم يلتقون مع السلفيين في أن العمل الصالح ليس شرطَ كمال ولكن ليس شرط صحة ، ولكن يختلفون عنهم في قول السلفيين أهل التوحيد الكامل أن الإيمان يزيد وينقص ؛ زيادته العمل الصالح ، ونقصه العمل الطالح ، الأحناف - أي : الماتريدية - يقولون : ليس الإيمان بالشيء الذي يزيد أو ينقص ، فهي حقيقة ثابتة لا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس ؛ ما دام أنهم يشتركون بالإيمان الذي مقرُّه القلب .

هنا حقيقة الخلاف بين الحنفية وبين السلفيين قديمًا وحديثًا ، أما أنهم لا يجعلون العمل الصالح ركنًا في الإيمان ؛ فهنا يلتقون مع السلفيين ، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يختلفون معهم في أن الإيمان يزيد وينقص ، فهذه عقيدة معروفة عن السلف متداولة بينهم ، أما الأحناف فيذهبون ما سمعتم من أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص .

هذه نقطة يجب ملاحظتها لِمَن قرأ " العقيدة الطحاوية " تأليف " أبي جعفر الطحاوي " - رحمه الله - في هذه القضية فقط خالَفَ منهج السلف ، أما في سائر ذلك فنحن نحضُّ المسلمين على قراءة هذه العقيدة مع الاستعانة على فهمها بـ " شرح ابن أبي العز الحنفي " ، فقد شرح الكتاب على طريقة منهج السلف الصالح ، هذا مما يتيسَّر ذكره من الكتب التي ينبغي أن يرجع إليها مَن كان يريد أن يأخذ عقيدة التوحيد سالمةً من كلِّ زَغَل ودخيل .

مواضيع متعلقة