ما حكم التبرُّع بالأعضاء ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم التبرُّع بالأعضاء ؟
A-
A=
A+
السائل : في الإسلام وحتى كمان في الحديث الشريف أن المسلمين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطفهم كالجسد الواحد ، فإذا كنَّا إحنا في حالة حياتنا نتراحم ، وإذا كان معي قرشين أحبُّ أقسمهم بيني وبينك إذا مو معك ، وإذا أنت معك بالمثل ، فلماذا لا يكون التراحم فيما بعدها كمان ، فيما بعد الحياة الدنيا ؟ يعني بمعنى آخر : سمعت تعليقًا من عدّة مشايخ أنه لا يجوز التبرُّع بالعين ، لا يجوز التبرُّع بالقرنية ، لا يجوز التبرُّع بالكلية ؛ لأن الجرح الميت كجرح الحيِّ ، وكسر عظم الميت ككسر عظم الحيِّ ... الواحد ، أنا ما لي طبعًا شاطر كثير في الدين ، لكن أقول : المجتهدين لماذا لا يقرنوا أو يوافقوا بين الثوابت في الحياة الدنيا والثوابت فيما بعد الحياة الدنيا ... ؟

الشيخ : السبب - بارك الله فيك - هو أمور ، أهمُّها أن أحكام الآخرة لا تُقاس على أحكام الدنيا ؛ يعني - مثلًا - قال - عليه السلام - : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) . أظن الحديث واضح عندكم ما يحتاج إلى شرح ؛ فما دام أن الميِّت انقطعت علاقته بهذه الدنيا فليس له أن يتصرَّف بشيء من بدنه بعد موته إلا بإذن من ربِّه ، هذا الإذن أوَّلًا وبداهة مفقود غير موجود ، ولا يستطيع أحد من أولئك الذين تسمِّيهم بالمجتهدين لا يستطيع أن يقدِّمَ لك نصًّا عن الله أو رسوله أنه يجوز للمسلم أن يتصرَّف في بدنه بعد وفاته كما كان شأنه قبل وفاته . ثانيًا وأخيرًا : في الجملة اللي أنت ذكرتها في أثناء كلامك هي في الواقع من المهم أن تعلم أن هذا مش كلام الناس ، هذا كلام سيِّد الناس وهو الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ حيث كان يقول : ( كسر عظم المؤمن الميت ككسره حيًّا ) ، فعلى هذا ليس للمسلم أن يتصرَّف في بدنه بوصية يصدرها في قيد حياته ؛ لأنه يخالف وصية الرسول - عليه السلام - بقوله : ( كسر عظم المؤمن الميت ككسره حيًّا ) .

ثم هناك شيء ثالث نستطيع أن نحشره في زمرة الأدلة الثنتين السابقتين ، لكن قبل ذكر هذا الشيء الثالث أريد ألخِّص ما مضى من الدليلين السابقين ؛ الدليل الأول أنه ليس عندنا نصٌّ من الشارع الحكيم يسوِّغ لنا أن نتصرَّف في أبداننا بعد وفاتنا وقد انقطع عملنا . الدليل الثاني أعلى من هذا ، مع كون لا يوجد الدليل يسمح لنا بهذا التطوُّع فهناك دليل يمنَعُنا من مثل هذا التطوُّع ؛ وهو قوله - عليه السلام - : ( كسر عظم المؤمن الميت ككسره حيًّا ) ، نأتي في الدليل الثاني ... أن الرسول - عليه السلام - كما في الحديث الصحيح : ( أَمَرَ بالصدقة ونهى عن المُثْلة ) . شوف هون كأنُّو في نكتة بليغة ؛ أَمَرَ بالصدقة لكن ما يتصدَّق الواحد بما فيه مثلة ، ( أَمَرَ بالصدقة ونهى عن المُثْلة ) ، المسلم يوصي أنُّو يجرحوا له عينه بعد موته منشان يأخذوا القرنية ويركبوها على عين إنسان أعمى أو أعور أو ما شابه ذلك ، فهذه مثلة ، ونهى الشارع الحكيم عن ذلك ، والإنسان لو فكَّر يجد أشياء كثيرة وكثيرة جدًّا ؛ منها قال - عليه السلام - : ( إذا حملتم ميِّتًا فأسرعوا به إلى قبره ؛ فإما أن يكون صالحًا فخيرٌ تقدِّمونه إليه ، وإما أن يكون طالحًا فشرٌّ تضعونه عن رقابكم ) . فلما بدنا نجري عملية لهذا الميت شو بدنا نساوي ؟ بدل ما نأخذه إلى المقبرة لأقرب وقت ممكن بدنا نحطو على المشرحة ، ونشوف أنو طبيب اللي راح يقوم ... .

مواضيع متعلقة