كلام الشيخ عن تحريم الصور . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلام الشيخ عن تحريم الصور .
A-
A=
A+
الشيخ : تحريم الصور ، هذا تجد اليوم ، والحمد لله كثيرين من أهل العلم يقولون هذا حرام ، وإلا إذا قيل في هذا حلال - أيضًا - عطَّلنا نصوص التحريم الصور ، هنا نقف وقفة بسيطة ، الآن كما تعلمون جميعًا هذا الصنم الذي يظلُّ ذلك المزعوم بأنه فنان ينحت فيه ليلًا نهارًا بكبسة زر تطلع أصنام بعضها وراء بعض أشكالًا وألوانًا ، فيه من نحاس ، فيه من رخام ، فيه من بلاستيك ، إلخ ، تُرى هذه الأصنام التي تصدر بواسطة كبسة زر ، وبواسطة آلات ، هذه أليست أصنامًا ، وإنما هي التي تظل تنحت هكذا أيامًا ؟ ما الفرق بين هذا وهذا يا جماعة ؟ إذا كان لا فرق بين صنم يُنحت وبين صنم يُصدر بطريق الآلة ؛ فلا فرق - أيضًا - بين صورة تُصوَّر بالريشة والقلم ، وبين صورة تصور بكبسة زرّ وبلحظة ، كل هذه التقنيات ... .

السائل : ... .

الشيخ : نعم ؟

السائل : صورة الإنسان على الماء .

الشيخ : صورة الإنسان ؟ سبحان الله ! وهذه الصورة التي تظهر على الماء ثابتة ؟ غيرك يقول الصورة التي يراها في المرآة هذه صورة ثابتة ولَّا زائلة بزوال الشخص ؟ هذا لا يُقاس على هذا يا أخي ، وإلا لزمك أن تقول أن الرسول - عليه السلام - حرَّم التصوير فإذًا هو لم حرّم وأجاز أن يتمرّا الإنسان بالمرآة ، وأن يزيِّن نفسه ، هذا ما يقوله مسلم ، ولذلك هذا في الواقع - ولا تؤاخذني - هذا الكلام وما يشبهه هو من جملة الأسباب التي تصرف الناس عن فهم الحكم الشرعي ، فالحكم الشرعي - بارك الله فيك - يستوجب أن نستحضر قوله - تبارك وتعالى - : (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا )) ، فالآن هل يقول السائل : لم حرَّم الرسول الصورة التي كانت في بيت عائشة فهتكَها وأباح الصورة في المرآة أو أباح الصورة في الماء ؟ هذا ليس كهذا ، (( وأحل الله البيع وحرّم الربا )) ، المشركون اعترضوا ليه محمّد - عليه السلام - يبيح البيع ويحرّم الربا ؟ لأن هناك فرقًا بين ما أحلَّ الله وبين ما حرَّم ، كما أنه أباح الزواج وحرم الزّنا ونحو ذلك ، فالزواج فيه تمتّع وفيه قضاء الشّهوة ، والزنا - أيضًا - فيه تمتّع وفيه قضاء الشّهوة ، لكن أين هذا من هذا من حيث العاقبة ؟ فأجاز الصورة في المرآة ، كيف هذه الصورة ما عاقبة أمرها ؟ لا شيء ، زال عن المرآة زالت الصورة ، أما الصور التي نصوّرها اليوم ونكبّرها ونضخّمها ونضعها في صدور المجالس ؛ هل يقال هذه الصورة كهذه ؟ لا يستويان مثلًا .

المهم أنه يجب أن نتّقي الله - عز وجل - في ديننا وفي فقهنا ، وأن لا يجرنا الجهل الجارف إلى أن نستحلَّ ما حرّم الله - تبارك وتعالى - بأدنى الحيل ، فنقع فيما وقع فيه اليهود الذين تحدَّث عنهم الرسول - عليه السلام - في مثل قوله : ( لعن الله اليهود ؛ حُرِّمت عليهم الشّحوم فجملوها ، ثم باعوها ، وأكلوا أثمانها ، وإن الله إذا حرَّم أكل شيء حرَّم ثمنه ) ، ( لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم الشّحوم ) ، هذا بنص القرآن الكريم : (( فبظلم من الذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أحلّت لهم )) ، طيب ، أشار الرسول - عليه السلام - في الحديث السابق إلى هذه الآية ، فبظلم من اليهود ربنا حرَّم عليهم الشحوم ، فهل صبر اليهود على هذا الحكم الإلهي العادل ؟ لم يصبروا ، وإنما احتالوا عليه ، ماذا فعلوا ؟ قال - عليه السلام - : ( لعن الله اليهود ، حرِّمت عليهم الشّحوم فجملوها ) جملوها أي : ذوَّبوها ، ألقوا الشحوم في القدور الضخمة ، وأوقدوا النار من تحتها ، وإذا بها تأخذ شكلًا آخر ، شكلًا غير الشّكل الطبيعي ، فزيّن لهم الشّيطان وقال لهم : هذا ليس هو الذي حرَّمه الله - عز وجل - ، بم زيّن لهم ؟ بتغير الشّكل ، أما الشّحم لا يزال هو شحمًا من حيث التركيب الكيمياوي - كما يقولون اليوم - ، فاستحقُّوا لعنة الله بسبب احتيالهم على حرمات الله ، التي منها أنهم ما اصطادوا يوم السّبت ، لكن احتالوا على السمك فحصروه ليوم الأحد ، فحصَّلوا من الصيد ما يمكن أنهم ما كانوا ليحصِّلوه لو اصطادوا فعلًا يوم السّبت ، لذلك نهى الرسول - عليه السلام - المسلمين عن اتباع الكافرين الأولين كما سبق أن ذكرنا آنفًا ، ومن ذلك أن لا نحتالَ على الأحكام الشرعية ، فنقول - مثلًا - كما قال بعضهم صورة هنا موضوعة هي عين الصورة الأخرى الموضوعة هناك ، إنما الفرق هذه صورة يدوية ؛ فهي حرام ، وهذه صورة فوتوغرافية ؛ فهي حلال ، سبحان الله ! لم يبق لنا عقول ! ما الفرق بين الصورتين سوى اختلاف الوسيلة ؟ هذه لما صُوِّرت بالقلم والرّيشة ونحو ذلك هذا حرام ، هذه لما صُوّرت بالآلة وهي بلا شك أدقّ بكثير من حيث أداء الصورة من الفنان المزعوم الذي صوَّر تلك الصورة بيده ، أنا أقول : هذه في الواقع من مصائب العصر الحاضر ، وأسمِّيها ظاهرية عصرية ، ظاهرية عصرية وقع فيها كثير من أهل العلم الذين نجلُّهم ونحترمهم ، ولكن زلّة العالِم زلَّة العالَم - كما يقال - ، فهم يفرِّقون بين هذه وهذه ، ولا فرق بينهما سوى الوسيلة ، ما الفرق بين الشّحم الذي يُؤخذ من الدابة هذا حرام ، والشّحم الذي يُذاب بواسطة النار هذا حلال ؟ حاشا لله ! ... بسبب هذا الاحتيال ، لذلك لا ينبغي أن لا نقف عند الشكليات .

أقول : هذه ظاهرية عصرية ، والمطلوب لأهل العصر أن يستفيدوا من جمود بعض أهل الظاهر القدامى ، الذين قال أحدهم في : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد ) ، نهى رسول الله عن البول في الماء الراكد ، هذا حديث صحيح لا إشكال فيه ، فقال قائلهم من الظاهرية : فإذا بال في إناء فارغ ثم أراقَ هذا البول من الإناء الفارغ في الماء الراكد هذا جائز ؛ لم ؟ لأنه ما صدق فيه حديث : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في الماء الراكد ) ، حقيقة الرجل ما بال في الماء الراكد بال في الإناء الفارغ ، لكن يا سبحان الله ، ما الفرق بين الصورتين ؟ الفرق كالفرق بين الصورتين ، الفرق هو نفس الفرق بين الصورتين ، الغاية أن لا تحصل المفسدة ، في هذا الحديث نهى عن البول في الماء الراكد يعني أقل ما يقصد الرسول - عليه السلام - من هذا الحديث المحافظة على نقاوة الماء ، إن لم يكن المحافظة على طهارته ، وهذا يختلف بين أن يكون البول كثيرًا والماء قليلًا أو العكس ، فإما أن تكون النتيجة أنه ما حافظ على نقاوة الماء ، أو الأسوء ما حافظ على طهارة الماء . - إذا سمحت إذا سمحت - ليس هناك فرق بين هذه الصورة التي عالجها الحديث مباشرة وبين الصورة الأخرى التي تخيَّلها الظاهري فقال : إذا بال في إناء فارغ ثم أراق ما في الإناء الفارغ في الماء الراكد جاز ؛ لأنه لم يَبُل في الماء الراكد ، أنا بقول عربيَّةً كلام سليم ، ما بال في الماء الراكد ، لكن شرعًا وفقهًا لا فرق بين الصورتين ، كذلك أقول : لا فرق بين تلك الصورتين ، هذه ظاهريَّة عصرية ، وتلك ظاهرية زمنيَّة مضت ، لكن التاريخ يعيد نفسه ، نعم .

السائل : ... .

الشيخ : يكفي يكفي يا أخي ، ما نريد أن نخسر الليل في دوَّامة لا أول لها ولا آخر .

مواضيع متعلقة