مسألة : هل يوجد في عصرنا الحاضر أهل فترة ؟ وخطر الاختلاف بين الأمة في الدعوة إلى الإسلام وفهمه الفهم الصحيح . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مسألة : هل يوجد في عصرنا الحاضر أهل فترة ؟ وخطر الاختلاف بين الأمة في الدعوة إلى الإسلام وفهمه الفهم الصحيح .
A-
A=
A+
الشيخ : يزعم بعض الناس أنه لا يوجد اليوم أهل فترة بنفس الدعوة التي أشرت إليه آنفًا أن اسم الرسول - عليه السلام - بَلَغَهم ، ونحن نقول : أكثر أهل الأرض مع الأسف اليوم هم من أهل الفترة ؛ لأن أهل الفترة ليسوا هم كما يتوهَّم بعض طلاب العلم ، وقد يُلقَّنون ذلك خطأً من بعض أهل العلم ؛ أهل الفترة ليسوا هم الذين لم يُبعث إليهم نبيٌّ أو رسول ، وإنما هم الذين لم تبلغهم دعوة نبيٍّ أو رسول ، فاليوم وليس بعد دعوة الرسول - عليه السلام - دعوة ، وليس بعد دينه دين آخر ، ولكن هذا الدين يجب أن يبلَّغ إلى كل الناس أجمعين مصداقًا أو تحقيقًا لمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )) ، ولكن تبليغ الدين ينبغي أن يُبلَّغ بمفهومه الصحيح ، وهنا يتجلَّى لكم مأساة كبيرة جدًّا يحياها المسلمون غير المآسي التي حلَّت بنا في عصرنا الحاضر ؛ تلك المآسي قد توارثناه أبًا عن جدٍّ ، وهي أصل كلِّ المآسي التي يُصاب بها المسلمون في الدنيا ؛ أَلَا وهي سوء فهمهم لإسلامهم ، فنحن إذا أرَدْنا أن نبلِّغ أولئك الناس الإسلام فما صورة هذا الإسلام الذي سنبلِّغُه إليهم ؟

لا شك أنكم جميعًا تلتقون معي بأنه سَيُقدَّم إليهم مفاهيم عديدة ، مفاهيم عديدة لإسلام واحد ، وهذا مما يصدُّ الناس عن ذكر الله وعن كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنه لا يمكن أن يدخلَ في عقل إنسانٍ سويّ في الخلق والفطرة أن أمرين متناقضين يصدران من منبع واحد صافٍ ؛ أن يخرج من عين ماء عذب فرات وآخر أجاج ؛ لا يلتقيان أبدًا ، فأن يأتي إنسان ويقول - مثلًا - للكفار ليعرِّفَهم بالإيمان فيقول لهم بنصوص الكتاب والسنة أن الإيمان يزيد وينقص ، فيأتي آخر ويقول داعيًا إلى إسلامه معرِّفًا من بعض جوانبه بأنه لا يزيد ولا ينقص ، كيف يمكن أن ندعو أولئك الناس إلى مثل هذا الإسلام فيه مثل هذا التناقض الجليُّ الواضح البيِّن ؛ لذلك أنا أقولها صريحة : لسنا اليوم بحاجة إلى أن ندعو غيرنا إلى ديننا ، وإنما نحن بحاجة إلى أن نتعلَّم نحن ديننا وأن نتبيَّن منه ما تصحُّ نسبته إليه مما لا يصح ، وكم تظنُّون يحتاج هذا الجمهور الضَّخم من المسلمين هاللي بلغ عددهم يقولون ثمان مئة مليون مسلم على وجه الأرض ، كم يحتاج هؤلاء حتى يتفهَّموا الإسلام بالمفهوم الصحيح المفهوم الأول السلفي الناصع الذي كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟

مواضيع متعلقة