هل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة أو كلب ) يشمل صورة تلفاز أو صورة اللعب ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة أو كلب ) يشمل صورة تلفاز أو صورة اللعب ؟
A-
A=
A+
السائل : هل قوله صلى الله عليه و سلم ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا تمثال ) يشمل صور التلفزيون أيضا و لعب الأطفال الصغار ؟

الشيخ : لا نشك في ذلك إذا كانت لعب التلفاز مثبتة , يعني الآن ممكن مثلا الآن يكون هناك أمور أو حشد أو ما شابه ذلك بواسطة التلفاز نراه لكن أن تصور هذه المناظر و تحفظ في شريط ثم تعرض لا فرق بين هذه الصور والصور الفوتوغرافية و نحوها لأن كل ذلك يسمى لغة و عرفا صورة و حينذاك تدخل هذه الصور بكل أنواع وسائلها المحدثة في عموم قوله عليه الصلاة و السلام في ما يتعلق بالمصورين ( كل مصور في النار ) و عموم قوله عليه الصلاة و السلام فيما يتعلق بالصور ذاتها ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب ) فهذا العام الأول و هذا العام الآخر يشمل كل المصورين مهما كانت وسائل تصويرهم و كل الصور بأي وسيلة صورت . هذا من حيث النقل أما من حيث النظر فكلكم يعلم إن شاء الله بأن الشارع الحكيم إذا حرّم شيئا فلحكمة بالغة قد تظهر هذه الحكمة لبعضهم و قد تخفى على الكثيرين و من المعلوم عند أهل العلم أن الله عزّ و جل حينما حرم التصوير و اقتناء الصور أنه حرم ذلك لحكمتين بالغتين ظاهرتين الحكمة الأولى من باب سد الذريعة بين الناس و بين أن يقعوا في الشرك كما وقع لقوم نوح عليه السلام الذين ذكرت قصتهم في السورة المسماة باسمه و حكى ربنا عز و جل عنهم أن موقفهم كان تجاه أمر نوح عليه السلام إياهم أن يعبدوا الله وحده حيث تناصحوا بينهم فقالوا: (( لا تذرن آلهتكم و لاتذرن ودّا و لا سواعا و لا يغوثا و يعوق و نسرا )) و قد جاء في تفسير الآية في صحيح البخاري و في تفسير ابن جرير و ابن كثير و غيرها من المصادر السلفية أن قوم نوح عليه السلام إنما كان سبب وقوعهم في الشرك و عبادة غير الله عزّ و جلّ إنما هو بدأ تعظيمهم لصالحيهم تعظيما مخالفا للشرع تقول هذه الرواية التي ذكرنا آنفا بعض مصادرها بأن هؤلاء الخمسة الذين ذكروا في الآية السابقة كانوا عبادا لله صالحين فلما ماتوا أوحى الشيطان إليهم أن اجعلوا قبورهم في أفنية دورهم - فينبغي أن تتنبه لنفسك و لا تعطي بشمالك و إنما بيمينك لعلك تعلم قوله صلى الله عليه و سلم: ( أعط باليمين و خذ باليمين ) جملة معترضة لا بأس منها ! - فهؤلاء كانوا خمسة من عباد الله الصالحين فأوحى الشيطان إلى قومهم أن ادفنوهم في أفنية دوركم , لا تدفنوهم في المقابر التي يدفن فيها عامة الناس حتى تتذكروهم و من هنا بدأت فكرة نصب التماثيل في الساحات العامة التي بدأت تنتشر مع الأسف في بعض بلاد الإسلام في هذا الزمان فاستجابوا لوحي الشيطان و دفنوهم في أفنية دورهم و تركهم برهة من الزمان إلى أن جاء جيل ثاني فوجد أباءهم يترددون على هذه القبور بقصد الزيارة أو ما يسمى اليوم عند بعض دراويش المسلمين للتبرك فأوحى إليهم أن هذه القبور بقاؤها في هذا المكان قد تأتي عواصف أوسيول تجرفها فتذهب آثارها و هؤلاء ناس صالحون كما تعلمون فيجب أن تبقى آثارهم أبد الدهر إذا ماذا نصنع ؟ قال انحتوا لهم أصناما تماثيل فاستجابوا و ضعوها في مكان و أخذ هذا الجيل يتردد على هذا المكان ثم جاء جيل ثالث و أوحى إليهم أخيرا أنه لا يليق بهؤلاء إلا أن يوضعوا في أماكن رفيعة تليق بصلاحهم و مكانهم إلى آخره و هكذا بدأ عبادة الأصنام من دون الله عزّ و جلّ بطريق التماثيل فكان من حكمة الله عزّ وجلّ أن حرم التصاوير سواء ما كان لها ظل أو ليس لها ظل هذه الحكمة الأولى الظاهرة من قصة قوم نوح مع نوح عليه السلام .

الحكمة الثانية و هي أقوى من حيث الرواية ألا و هي المضاهاة لخلق الله حيث جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه و سلم لما رجع من سفر و أراد الدخول على عائشة وجد هناك ستارا و عليها تماثيل لم يدخل ووقف خارج الغرفة فسارعت إليه السيدة عائشة و قالت: " يا رسول الله إن كنت أذنبت فإني أستغفر الله " قال: ( ما هذا القرام ؟ ) قالت " قرام اشتريته لك " تعني " أتزين به من أجلك " قال عليه الصلاة و السلام: ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة هؤلاء المصورون الذين يضاهون بخلق الله ) الذين يضاهون بخلق الله. فإذا التصوير من أسباب تحريمه هو أن المصور يضاهي خلق الله عزّ وجلّ و هنا لا بد من وقفة يسيرة لرد شبهة عصرية ألا و هي زعم كثير من المتفقهة و لا أقول من الفقهاء في هذا الزمان أن الذي يصور بالآلة الفوتوغرافية الكاميرا مثلا أو فيديو هذا ليس مضاهيا لخلق الله بل هو يتعاطى الأسباب الكونية التي خلقها الله و ذللها للإنسان فتكون هذه الصورة حتى أغرق بعضهم في الخيال و الإبطال في الكلام أن قال أنّ هذا الذي يصور بالكاميرا هو لا يصور إنما المصوّر هو الله الذي حبس الظل فهذه مكابرة عجيبة جدا لا تخفى على كل ذي بصيرة ذلك لأن المسألة مسألة التصوير لو غضضنا النظر عن الجهود التي بذلت في صنع هذا الجهاز بحيث لا يحتاج إلى قلم و ريشة و دهان و و إلى آخره بما كانوا قديما يتعاطونهم من أجل التصوير و إنما إلى كبسة و ضغط على زر فأقول أنا سبحان الله هذه مكابرة عجيبة جدا... - و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته - فأقول لو أن هذا الجهاز المسمى بالكاميرا ترك هكذا سنين لم تصوّر شيئا فلا بد من أولا توجيه الجهاز إلى الهدف المقصود تصويره ثم لا بد من الضغط على الزر كيف يقال أنّ هذا ما صور ؟ هذه مكابرة عجيبة و عجيبة جدا لكن الشاهد أنهم يقولون أنّ هذه الوسائل الحديثة ليس فيها مضاهاة و الواقع أنّ المضاهاة لخلق الله بالتصوير بهذه الأجهزة أدق من التصوير كما كان قديما سواء بالريشة أو بالنحت إذا كان من المتفق عليه بين العلماء قديما و حديثا أنّ الصور المجسمة أي الأصنام هي محرمة لا لشيء إلا لأنها مجسمة ولها ظل و لكنها هل تضاهي خلق الله من كل الجوانب ؟ الأمر واضح جدا ذلك لأنّ هذا الصنم عبارة عن قطعة حجر فهو في الظاهر يمثل إنسانا من خلق الله عزّ وجلّ لكن في الباطن ليس هناك ما يوجد في باطن الإنسان الذي خلقه الله عزّ و جلّ و سوّاه و عدله فإذا التشبيه هو المضاهاة في ما يظهر من الصورة سواء كانت مجسمة أو كانت على الستارة أو على الجدار أو على الورق و من هنا يبدو لنا أنّنا نعيش في بعض ما نسمع من أحكام في العصر الحاضر على نمط المذهب الظاهري مذهب ابن حزم الظاهري الذي يضرب به المثل في غلوه في تمسكه بظواهر النصوص تمسكا يعني " يضحك كما يقال الثكلى ! " نحن لآن في هذا العصر نقع في مثل هذه الظاهرية القديمة فنحن نعيش ظاهرية عصرية لماذا ؟ لأنّ الصنم هو المحرم فقط أما التصوير الذي يتحرك مثل الفيديو و تراه كأنه إنسان حيّ هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله ! أمّا هذا الحجر الأصمّ لا تسمع منه صوتا و لا ترى منه حركة شفوية و نحو ذلك و لا رمش العين و نحو ذلك هذا ليس فيه مضاهاة لخلق الله أمّا نحت هذا الصنم الأصم هذا مضاهاة لخلق الله هذه ظاهرية أغرق في التمسك بالظاهرية من ظاهرية ابن حزم الذي وصل به الأمر ( نهى عن البول في الماء الراكد ) أن يقول في حديث الرسول عليه الصلاة و السلام ( نهى عن البول في الماء الراكد ) -وعليكم السلام- ظاهر هذا اللفظ العربي كما يقول ابن حزم نهى عن البول في الماء الراكد لكنه إذا بال في إناء فارغ ثم أراق هذا البول من هذا الإناء في الماء الراكد ما بال في الماء الراكد ! إذا هذا يجوز ! سبحان الله مع فضله و علمه , رجل فاضل حقيقة لكن سبحان الله أبى الله العصمة إلا لأنبيائه و رسله و له من هذه نماذج أخرى مثلا الرسول عليه السلام يقول في البكر إذا ما استئذنت في الزواج قال عليه السلام: ( وإذنها صماتها ) هذا في منتهى اللطف من الشارع الحكيم ببنات الخدور بيقولوا بالتعبير السوري: سقى الله كان في الزمان الماضي أبكار مخدرات , أصحاب حياء إلى آخره أما اليوم يسأل الوالد بنته فلان خطب ؟ فتقول فلان ما بدي إياه بدي كذا و بدي كذا إلى آخره بالصراحة فربنا عزّ و جلّ أوحى إلى نبيه صلى الله عليه و سلم أنّه ينبغي الاكتفاء في استئذان البكر بأنها خجولة حيية أن تصمت فماذا فهم ابن حزم من هذا الحديث قال إذنها صماتها فإذا قالت رضيت لا ينعقد ! يجب أن تصمت ظاهرية لا يلاحظ الغرض و الهدف من هذا التشريع أو ذاك التشريع نهى عن البول في الماء الراكد واضح للمحافظة على هذا الماء الراكد طيب إيش الفائدة صب البول مباشرة أو بالكهاريج عندنا نهر يسمى نهر العليط هناك في دمشق القاذورات كلها تنصب إليه فإذا وصل هذا الماء النجس إلى بحيرة ماء صافي من ماء السماء سواء صب عليه مباشرة أو بهذه الواسطة .

خلاصة نحن الآن نعيش هذه الظاهرية العصرية نحت الصنم بالإزميل ليالي و أيام هذا حرام قلت لأحدهم احتج أن التصوير بالكاميرا جائز لأنّ هذه الوسيلة ما كانت ثم هذا ليس كالتصوير السابق الذي كان , قلت له ماذا تقول في المعامل الضخمة اليوم التي كبست زرّ تشتغل آلات دقيقة جدا تخرج هناك عشرات بل مئات الأصنام جامدة هل يجوز هذا ؟ قال ما يجوز , قلت لكن هذه كهذه هاي وسيلة ما كانت و الصنم وجد بهذه الوسيلة كذلك هذه الصورة وجدت بوسيلة فالعبرة ليست الوسيلة العبرة بالغاية ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب ما يقوم الحرام به فهو حرام هذه قواعد فإذا وجد الصنم نحتا بالإزميل أو سعيا إلى إبداع آلة تخرج بلحظات تلك الأصنام فالنتيجة واحدة كنتيجة صب البول في الماء الراكد مباشرة أو بالواسطة الأخرى إذا كل هذه الصور التي اختلفت وسائلها عن الوسائل المعروفة قديما فهي اسمها صور فيشملها حديث ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ... ) و الذين يصنعون هذه الصور بهذه الأجهزة هم مصورون و كلهم في النار كما قال عليه الصلاة و السلام: ( كل مصور في النار ) ( لعن الله المصورين ) ( ... يقال لهم أحيوا ما خلقتم ) إذا عرفنا هذه الحقيقة عرفنا أن صور الفيديو على البيان السابق هي من المحرمات أيضا و لكن كما يقول الفقهاء لكل قاعدة شواذ و هذا معروف في القرآن الكريم (( حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير )) إطلاقا ؟ ولا في استثناء ؟ (( إلا ما اضطررتم إليه )) من هنا أخذ الفقهاء القاعدة المعروفة " الضرورات تبيح المحظورات " و لكنهم كان من دقة فقههم و فهمهم في ملاحظتهم للآية السّابقة (( إلا ما اضطررتم إليه )) أن أضافوا إلى القاعدة السابقة " الضرورات تبيح المحظورات " ضميمة مهمة جدا و هي " الضرورة تقدر بقدرها " يجب الجمع بين المضاف و المضاف إليه " الضرورات تبيح المحظورات " و " الضرورة تقدر بقدرها " (( إلا ما اضطررتم إليه )) ما معنى هذا ؟ رجل تعرض للموت جوعا في الصحراء فوجد لحم ميتة فهل يأخذ من هذا اللحم و يشوي و يأكل منه كما لو كان يأكل من لحم ذبيح طازج ؟ لا . إنما ما يدفع به الضرورة أي ما يدفع به تعرضه للهلاك هذا معنى (( إلا ما اضطررتم إليه )) من هنا ضموا تلك الضميمة نعم الضرورات تبيح المحظورات و لكن ليست هكذا على الإطلاق و إنما الضرورة تقدر بقدرها شو أنت مضطر له تأخذه ما سوى ذلك فهو على الأصل أي حرام فالآن كما نشاهد مع الأسف توسع الناس جدا جدا في استعمال الصور حتى أصبح من جملة الملاهي تجد الطفل ابن تسع سنين حاطط الكاميرا على كتفه و هو يذهب هنا و هناك و يصور ما عنّ و ما بدى له هذا التوسع الأصل فيه التحريم و لكن ما هو الشيء الذي يمكن استثناؤه من باب " الضرورات تبيح المحظورات " و " الضرورة تقدر بقدرها " نلاحظ الآن أنه لا بد لتنظيم الدخول و الخروج من بلد إلى آخر ما بعرف بالهويات و الجوازات و نحو ذلك فهنا لا بد من الصور فهذا النوع من الصور يمكن إدخاله في قاعدة الضرورات و هذا لا نأخذه فقط انطلاقا من هذه القاعدة بل ومن نص في السنة الصحيحة هي التي فتحت لنا الباب لاستثناء بعض الصور التي نراها أن لا بد لنا فيها في حياتنا المعاصرة أعني بما أشرت إليه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في لعبها مع بناتها فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرّب إلى عائشة بعد أن تزوجها و هي صغيرة السن كما تعلمون كان يسرّب إليها من جوارها من أماثلها من البنات فتلعب معهن بلعب البنات أي التماثيل التي كانت تصنع يومئذ صنعا بيتيا و من هنا نتوصل إلى القول بأن هذه الصور التي أباح الرسول عليه السلام لعائشة أن تتعاطاها مع أنها خلاف القاعدة فنحن نقول من باب أولى أن نبيح ما هو أضر أو أشد ضرورة للمجتمع الإسلامي من لعب السيدة عائشة في بيتها هذا شيء .

الشيء الثاني أنّنا نأخذ من هذا الحديث ما يتعلق بالضميمة التي أشرت إليها " الضرورة تقدر بقدرها " فالآن هل يجوز ما يفعله كثير من الأباء و الأمهات و هو أن يشتروا لبناتهم و أطفالهم اللعب التي تأتي من بلاد الكفر و هي مصنوعة بطريقة تمثل فيها عاداتهم و أخلاقهم و تقاليدهم فتجد مثلا تمثال فتاة و هي لابسة التبان - الشورط - وأفخاها بادية و هي مثلا ... هذا كله مع الأسف للاستثناء الذي أشرنا إليه آنفا بأنه صنع محليا بيتيا فهو بالإضافة إلى ذلك يتضمن عادات و تقاليد تلك البلاد بحيث أنّ هؤلاء الصغار الذين يلعبون بها قد يتأثرون و إذا ما نشؤوا على ذلك يشتهون أن يتزيوا بتلك الأزياء التي عاشوها في نعومة أظفارهم فمن هذا الباب أيضا لا يجوز اقتناء صور الأطفال و الألعاب التي تسمى اليوم بالدمى أظن بهذا يكمل الجواب ولا فاتنا شيء ؟

السائل : جزاكم الله خيرا على ما قدمتموه , لكن ما يعرض على التلفزيون من صور , أحيانا هناك نشرة أخبار نضطر إلى رؤيتها و سماع أحوال المسلمين فهل يصح لنا ذلك أم لا يصح ؟

الشيخ : أنا أجبت إذا كان هذا أولا كاشفا كهذه المرآة تراها الآن فأنا أرى في بعض أيام الشتاء الشمس تغرب من هنا لكن ما أحفظ هذه الصورة ...

السائل : يعني مايرى التلفزيون باستمرار . أما ما يلتقط و يحتفظ به ويعاد فهذا ممنوع ... .

الشيخ : و هذا الذي أشرت إليه في أول الكلام .

السائل : طيب , جزاكم الله خيرا .

الشيخ : و إياك .

مواضيع متعلقة