تتمة الكلام حول حديث ( لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة ) وتعليق الشيخ على تقسيم الإسلام إلى أصول وفروع . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الكلام حول حديث ( لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة ) وتعليق الشيخ على تقسيم الإسلام إلى أصول وفروع .
A-
A=
A+
الشيخ : ... لأن تقسيم الإسلام إلى أصول وفروع أولا يحتاج إلى علم واسع بالكتاب والسنة ، وهذا كما ترون مع الأسف الشديد أهله في هذا العصر قليل وقليل جدا ؛ لأن أكثر من يظن أنهم من أهل العلم إنما هم أهل علم بالمذهب أو بالمذاهب ؛ أما القرآن والسنة ، و السنة الصحيحة بخاصة فقليل جدا من علماء العصر الحاضر من يتصفون بهذا العلم الصحيح ؛ أقول لتقسيم أو لتحقيق إسلام وجعله أصولا وفروعا يحتاج إلى هذا العلم الواسع بالكتاب والسنة ؛ وثانيا هل يمكن للمسلمين لو اجتمعوا على صعيد واحد وفي مكان واحد كل أهل العلم بحق لو اجتمعوا على صعيد واحد هل يمكنهم أن يجعلوا الإسلام قسمين أصولا يتفقون عليها وفروعا يتفقون عليها ؟ أم سيبقى هناك بعض المسائل ممكن بعضهم يدخلها في القسم الأول وبعضهم يدخلها في القسم الآخر ؛ فحينئذ ما حال عامة المسلمين ؟إذا كان أهل العلم يختلفون ، وهو كما ترون حتى الآن صدق الله العظيم (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )) فإذا الخلاف من طبيعة البشر فلو اجتمعوا على صعيد واحد وأرادوا أن يبينوا للناس ما يجوز أن يكون من القسم الأول وما يجوز أن يكون من القسم الآخر لما تمكنوا من الاتفاق على ذلك بل سيظلون مختلفين ؛ لذلك فاعتقادي الجازم أنه لا يجوز التفريق بين شرع وشرع فيقال هذا أصل لا يجوز التهاون به وهذا فرع يجوز التهاون به ، نعم إذا كان المقصود بالفرع والأصل هو ما يقابل الفرض ويقابل السنة ، هذا لاشك أمر ممكن ؛ لكن ليس هذا هو المقصود ، المقصود هو ما يتعلق بالعقيدة وما يتعلق بالعبادة وما كان متعلقا بالعقيدة فهو الأصل وهو الذي يجب الاعتماد والتمسك به وعدم الإخلال بشيء منه ، وما يتعلق بالعبادات فالخطب سهل وبخاصة أنهم جاءوا بمعول " من قلد عالما لقي الله سالما " ، وهذا الشهرة هذه الجملة يتوهم كثير من الناس أنها حديث عن الرسول عليه السلام ، ولا أصل له حتى في الأحاديث الموضوعة ، لا أصل لهذه الجملة " من قلد عالما لقي الله سالما " حتى في الأحاديث الموضوعة ، ونستطيع أن نقول هذا حديث موضوع طازج يعني حديث في العصر الحاضر ، وهذا من مشاكل هذا العصر أنه تروج هناك عبارات لم نجدها حتى في الأحاديث الموضوعة ؛ من أين جاءت ؟ من ذاك المنبع الذي جاءت الأحاديث الموضوعة القديمة التي وضعت لها كتب الموضوعات ؛ والشاهد يستدل أولئك الذين أشرنا إليهم على معنى هذه الجملة " من قلد عالما لقي الله سالما " بحديث صحيح واستدلالهم هذا يشبه تماما من حيث الانحراف عن معناه الصحيح كاستدلال المبتدعة بقولهم إن في الإسلام بدعة حسنة بحديث ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) ما هو هذا الحديث الصحيح الذي ركن إليه أولئك الذين يقررون الخلاف ولا يريدون أبدا حمل المسلمين إلى قول رب العالمين (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) تأملوا معي هذه الآية (( في شيء )) (( فإن تنازعتم في شيء )) ما قال عقيدة وغير عقيدة ، ما قال أصلا وفرعا وإنما في أي شي من أحكام الشريعة (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) الآية، هؤلاء الذين لا يريدون ولا ينطلقون معنا لإصلاح ما أفسد الناس من قبلنا يقولون حجتنا في ذلك حديث بني قريظة لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من أصحابه إلى بني قريظة قال لهم : ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ) وانطلقوا وهم مسرعون ثم داركهم وقت العصر فتفرقوا إلى قسمين ، إلى قولين منهم من قال لا بد أن نصلي العصر قبل خروج وقتها ، ومنهم من قال لا ، نبينا قال ( لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ) ؛ فاختلفوا ، ناس منهم فعلا صلوا العصر في الوقت المعتاد قبل غروب الشمس وناس أخروا الصلاة ؛ لما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له الخلاف الذي وقع بينهم ، الخطأ الآن من أولئك الناس أنهم يروون الحديث خطأ عمدا أو سهوا ربهم أعلم بهم لكن الواقع أنهم يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر كلا من الفريقين على عملهم ، وهذا خطأ رواية ودراية ؛ أما الرواية لأن الحديث في الصحيحين كما ذكرنا من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فهو قال إن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع اختلافهم قال ابن عمر" فلم يعنف طائفة منهم " ، لم يعنف طائفة منهم ، ليس أقرهم جميعا وإنما لم يعنف ، وهذا هو مقتضى الشريعة بقواعده العامة كما تعلمون جميعا إن شاء الله من قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) ، إذا الذي يكون مأجورا لا يعنف ومن هنا ينبغي أن نأخذ أدبا ، هذه جملة معترضة قد تطول قليلا فمعذرة ، من هذا الحديث ينبغي أن نأخذ أننا إذا رأينا إماما من أئمة المسلمين قد خالف سنة من السنن الصحيحة لا ينبغي أن نحط عليه وأن نطعن فيه وإنما أن نلتمس له عذرا ، ذلك أنه كان مجتهدا فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ومن الأعذار التي شرحها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " شرح من هذه الأسباب أن السنة لم تكن قد تجمعت يومئذ فقد كانت السنة متفرقة في البلاد الإسلامية التي تفرق إليها الأصحاب الأولون من أصحاب الرسول عليه السلام ، وبذلك تفرقت السنة ولم يتمكن المسلمون علماءهم فيما بعد أن يجمعوا هذه السنة إلا في القرن الثاني أخيرا ، والقرن الثالث وهكذا ... .

مواضيع متعلقة