بيان الشيخ الحكمة في الدعوة إلى الله ؟ وأمثلة على ذلك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان الشيخ الحكمة في الدعوة إلى الله ؟ وأمثلة على ذلك ؟
A-
A=
A+
الشيخ : لكن هنا في هذه المناسبة لا بد أن نذكر قيداً ، لا بد أن يقترن مع فكر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فكراً وعملاً، ألا وهو أن يكون أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر أن يكونَ كلُّ ذلك بالمعروف، أن يكون أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالمعروف من أساليب الشريعة، فكلنا يعلم قول ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )) ، الحكمةُ هنا أول ما يتبادر إلى ذهننا وذهن غيرنا أيضا هو اللين وترك الشدة والغلظة، كما قال تعالى : (( وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )) ، وهذا أمر ملاحظ في هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي سنته العملية، لقد كان بأمته رؤوفاً رحيماً كما وصفه ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم : (( بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) ، لقد كان صلى الله عليه وسلم كذلك في أسلوب حياته وتعليمه لأمته، ولعل الحاضرين جميعاً كلنا يعرف قصة ذلك الأعرابي الذي يبدو أنه كان حديث عهد بالإسلام وأنه لمّا يتعلم بعد الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية ، ذلك أنه حاول أن يبول في المسجد النبوي , وتعلمون أن المسجد النبوي كان مفروشاً بالحصباء، فلما رأى ذلك منه أصحابه عليه السلام همّوا به أن يضربوه، فقال صلى الله عليه وسلم لهم : ( لا تزرموه ) أي لا تقطعوا عليه بوله، ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسّرين ) وتركه صلى الله عليه وسلم يقضي بوله حتى ارتاح، لكن الرجل بقدر من سره من لطفه صلى الله عليه وسلم به انغاظ من غلظة أصحابه , وبدا ذلك في دعاءه بعد الصلاة حيث قال : " اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً ، اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً " محمد يستحق الرحمة لأنه رحيم، أما هؤلاء الجفاة الغلاظ القلوب فهؤلاء لا يستحقون الرحمة " اللهم ارحمني ومحمداً ولا تشرك معنا أحداً " فعاد الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمه يقول له : ( لقد حجّرت واسعاً من رحمة الله ) حجَرت أي ضيّقت واسعاً من رحمة الله تبارك وتعالى، فهذا أسلوب من أساليب الرسول صلى الله عليه وسلم الهينة اللينة في تأديبه لأصحابه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.

لكن هناك قصة تشبه هذه، وقد لا يعرفها كثيرٌ من الناس، وهي قصة ذلك الصحابي الذي تكلم في الصلاة وحاول من حوله أن يسكتوه بالضرب على أفخاذهم ، ألا وهو الذي يُعرف بـماذا ؟ معاوية بن الحكم السُلمي، هذا معاوية غير معاوية بن أبي سفيان الذي صار فيما بعد خليفة المسلمين، يقول هو نفسه معاوية بن الحكم السلمي : صليت يوماً وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فعطس رجلٌ بجانبي، فقلت له : يرحمك الله فنظر إليّ ـ يعني نظرة مسكتة، مَنْ حوله فضاق بهم ذرعاً، ونادى بأعلى صوته : " واثُكل أميّاه " . هو يصلي ينادي بأعلى صوته: " واثُكل أميّاه " -أي فقدتني أمي- ، يدعو على نفسه، لماذا تنظرون إليّ ؟ ما لكم تنظرون إلي؟ فأخذوا ضرباً على أفخاذهم . اسكت الآن ليس وقتاً للكلام، قال -وهنا الشاهد- : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ، فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) إلى آخر الحديث والحديث فيه طول ولو أنه فيه فوائد، لكن ما نطيل عليكم الآن.

فالشاهد أن الرجل شعر بأنه أخطأ في الصلاة من نظرات الصحابة إليه، نظرات إنكار في الصلاة، ثم من ضربهم على أفخاذهم تسكيتاً له، فعرف أنه كان مخطئاً ، ومثله يتصور ويحدث نفسه : الآن يا ترى بعد الصلاة شو بده يعاقبني الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الخطأ الذي ارتكبته.؟، فيجيب نفسَه بنفسِه، فيقول : ( فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي : هذه الصلاة لا يجوز فيها هذا الكلام ) أقول الأمر بالمعروف يجب أن يكون بالمعروف , لكن هنا الشيء الذي ينبغي التنبه له والتنبيه عليه ، لكن أحياناً لا بد من استعمال الشدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ... .

مواضيع متعلقة