الضابط الرابع لنجاح الصحوة الواقعة في الأمة هو البعد عن العنف والصدام مع الحكام. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الضابط الرابع لنجاح الصحوة الواقعة في الأمة هو البعد عن العنف والصدام مع الحكام.
A-
A=
A+
العيد عباسي : النقطة الرابعة التي أرى أن عمل دعاة الإسلام يجب أن يراعيها هي أن نبتعد عن الصدام مع الحكام وأن لا نجعل همنا وديدنا التحرش بهم ومهاجتهم وبيان سوءاتهم فهذا أمر يعني يطول ويحرض علينا هؤلاء ونحن في حالة ضعف ودعوتنا لم تتبلغ للناس لم يعرفوها بعد ما تزال محصورة في طائفة قليلة من الناس فكيف نخوض معركة نؤلب ضدنا الأعداء الأقوياء الألداء الذين يتكالبون من كل بقاع الدنيا والذين يمد بعضهم بعضا ويشجع بعضهم بعضا وكلهم يشعرون بخطر هذا الإسلام فنحن نستعديهم على أنفسنا لا ليس معنى ذلك أننا نسكت عن المنكر وأننا نجامل ونداري لا فالله عز وجل أمر بإنكار المنكر لكن هناك أمور أولويات نبدأ بالأهم ثم المهم نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم نقتدي بالأنبياء الذين قص الله تعالى علينا قصصهم في القرآن الكريم هذه قصص الأنبياء لو تلاها المسلم وهي مبثوثة في كتاب الله عز وجل هنا وهناك ماذا يجد فيها هل كان تركيز أولئك الأنبياء أن فلانا الحكام الظالم وفلان فعل كذا وفلان كذا ويتسقطون مثالبه وأفعاله فيرصدونها ويتهجمون عليه فيها لا نجد هذا وإنما نجد أن دعوتهم كانت تتركز على التوحيد (( وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ )) ((وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ )) (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )) هذا ديدن الرسل كلهم يدندنون حول هذه العقيدة تركيز العقيدة تبليغ الناس إياها فهدفنا يجب ألا يكون محصورا في هذه الدنيا كثير من دعاة الإسلام في زماننا هذا يظنون أنه الهدف الأصلي الذي يجب أن يجمع حوله دعاة الإسلام جموعهم ويركزوا جهودهم هو استلام الحكم هذا هو بغيتهم وهذا هو ديدنهم فهم يرون إن لم يستلموا الحكم فقد أخفقوا وقد فشلوا ولم يبلغوا الهدف هذا يا أخي الحقيقة غفلة شديدة عن دعوة الرسل وهم لو درسوا كتاب الله وسنة رسوله لرأوا ذلك نحن لا نعد الدنيا في الحياة إلا فترة قصيرة جدا كما قال عليه الصلاة والسلام ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) ( ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل بشجرة ثم قام فتركها ) ما الحياة الدنيا بالنسبة إلى الحياة الأبدية الخالدة التي تنتظرنا والتي لا تخرج عن أحد أمرين إما نار أبدا وإما جنة أبدا فهذا الذي يجب أن نركز جهودنا حوله هو أن ننقذ الناس من النار أن يدعوهم إلى ما ينقذهم من النار إلى ما يدخلهم إلى الجنة إلى ما يكسبهم رضوان الله عز وجل سواء قام حكم وسيطرنا على سلطة في بلد من البلدان أو نفعل فليس هذا هو الهدف وليس هذا هو الغرض تعلمون كثيرا من أنبياء الله عز وجل حتى من أولي العزم لم يقيموا دولة ولم يسيطروا على حكم ولم تكن لهم الهيمنة على مجتمع ما أكثرهم إنما جاهدوا في الدعوة والتبليغ وصبروا على الإيذاء والاضطهاد وأقوامهم يعني اضطهدوهم بكل سبيل ومع ذلك صبروا واحتملوا ذلك في ذات الله عز وجل ولم يقابلوا قومهم سوء بسوء وإنما كان ديدنهم وكان محور ما يؤمرون به هو الصير (( اصبر على ما يقولون )) (( فاصبر صبرا جميلا )) (( اصبر إن وعد الله ولا يستخفنك الذين لا يوقنون )) كما في آخرة سوة الروم لا يستخفنك يعني لا يجعلونك تخرج عن طورك فنلجأ مثلا إلى مثل هذه الأساليب التي يريدون هم أن تسلكها يستفزونك لتقابلهم بالمثل فتضرب وتقتل وتنهب وتفعل أمور التي هي ردات فعل وليست هي التي يوجه الله عز وجل بها عباده فالرسل عليهم الصلاة والسلام لو نظرنا في كتاب الله عز وجل في السنة الغراء لما وجدنا منهم إلا الدعوة والتعليم والتربية والتبليغ الله عز وجل يحصر مهمة الرسل في قوله (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) مبشرين ومنذرين يبشرون من أطاع الله عز وحجل بالجنة وينذرون من عصى الله عز وجل بالنار ويبلغون ما أمر الله عز وجل به الله عز وجل في أكثر من آية يحصر مهمة الرسول بالتبليغ (( إن عليك إلا البلاغ )) هذا أسلوب حصؤر (( إن عليك )) أي ما عليك إلا البلاغ (( إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر )) (( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب )) الحساب على الله عز وجل وليس على الداعية وليس على الرسول فلذلك مهمة الرسل محصورة في هذه الأمور تبليغ تبشير إنذار ثم بعد ذلك الناس إما أن يستجيبوا لهذه الدعوة أو يرفضوها إن استجابوا إليها بشرهم بالجنة وبرضوان الله عز وجل وإن تولوا ورفضوها أنذرهم بالنار ثم بعد ذلك أمرهم إلى الله عز وجل ليس أمرهم إليك ليس الأمر إلى أحدنا فننتقم يعني الذين يفعلون هذه الأعمال، اعمال العنف كأن أمر الناس إليهم فهم يريدون أن يقوموا مقام الله عز وجل ينتقمون ويعذبون ويحكمون على فلان بكذا وفلان بكذا هذا أمره إلى الله عز وجل فيجب هو أن يترك إليه ولا يتدخل إنسان فيه ويشترك مع الله عز وجل في ذلك فدعوة الرسل هذه (( رسلا مبشرين ومنذرين )) (( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم )) (( ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا )) فأرى من الانحراف عن طريق الرسل أن نجعل همنا غير ذلك أنت عمل الرسل ووظيفة الرسل الإنذار والتبشير والتبليغ فإذا جعلنا هدفنا ليس الإنذار ولا التبشير ولا التبيلغ ولا التبيين وجعلناه إقامة الحكم فنكون قد انحرفنا عن ذلك لا أقول إن إقامة الحكم ليس مطلوبا مطلوب لكن مطلوب الحقيقة بشروط الله عز وجل فيما أستنتج من كتاب الله ومن سنة رسوله لا يجيز لنا أن نسعى إلى الحكم إلا إذا دعونا الناس بصراحة ووضوح وبينا لهم الدين الصحيح والعقيدة الصحيحة والفقه الصحيح والأخلاق الصحيحة وربيناهم على ذلك وجعلنا منهم كأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في إيمانهم في تقواهم في عبادتهم في أخلاقهم في استقامتهم في تبصرهم وتبينهم وكانوا صادقين في ذلك ثم والوا عالما فاضلا أو رجلا مؤمنا في ذلك أكثرية المجتمع إن لم يكن أكثره وأهل الحل والعقد فيه وأهل القوة والمكانة فيه إن حصل ذلك فسيكون الانتقال إلى السلطة ووصول المسلم إلى الحكم من باب تحصيل حاصل ولن يكون مشكلة ولن يكون عقبة هذا المثل القريب أمامنا على ما فيه من يعني ملاحظات وعلى ما فيه من مآخذ ثورة ايران كيف أن الناس لما استجابوا لداعيتهم وتجمعوا حوله ووالوه وبايعوه سقط أكبر طاغية كان في هذه المنطقة وولد إدبار أنه لم يستطع أن يقاوم فهناك إذا استجاب الناس في مجتمع ما لدعوة الإسلام الصحيحة الحق ولدعاتها الذين المفروض فيهم أن يكونوا مجتمعين على قلب رجل واحد وعلى إمام واحد وبيايعوه ووالوه وقصدوا بذلك وجه الله عز وجل فالحكم سرعان ما يزول دون عناء كبير فإذا إذا استجاب المجتمع لدعوة الإسلام الصحيحة عند ذلك سيقوم الحكم أما إذا لم يستجب فالله عز وجل لا يأمرنا بالتوصل إلى الحكم بأي طريق والأمثلة في ذلك كثيرة نوح عليه الصلاة والسلام قال الله عز وجل (( وما آمن معه إلا قليل )) صبر تسع مائة وخمسون عاما هل فوق هذا الصبر صبر تسع مائة وخمسون عاما هل أمره الله عز وجل بقتال هل أمره بالانتقام مع أنه قد أعذر إليهم وعاش فيهم عمرا طويلا لا يصبر أي إنسان على مثل هذا الصبر مع ذلك بقي صابرا محتسبا حتى أمره الله عز وجل ببناء السفينة ثم تولى أن أهلك قومه الذين كفروا وضلوا كذلك موسى عليه الصلاة والسلام من أولي العزم هو الآخر حينما قال حرض الملأ من قوم فرعون على قوم موسى (( وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ )) ماذا كان جواب موسى قال موسى (( قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )) اصبروا هكذا (( اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ )) رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه حينما كان في مكة وجاء إليه خباب وغيره من المستضعفين وشكوا إليه قال يا رسول الله قد ترى ما نزل بنا وما حل بنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ماذا كان جواب قومه ماذا كان جوابه عليه الصلاة والسلام كان جوابه ( لقد كان من قبلكم يؤتى بالرجل فينشر بالمنشار ما بين مفرق رأسه وقدمه ويمشط بامشاط الحديد ما يصده ذلك عن دينه ولكنكم قوم تستعجلون وليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) فإذا لم يجيبهم حتى بالدعاء وإنما أمرهم بالصبر والاستعانة بالله عز وجل فما بالنا في هذا الزمان إن أوذينا بعض إيذاء ثار فينا الدعوات وهاجت الحماسة والغيرة أن الإسلام يذبح وترى الأساليب الأناشيد الحماسية اللتي تهيج الشباب وتحرضهم وتحركم طبعا بإشراف الكبار يعني هذه لم تأت عبثا ولم تأت صدفة بل هي مرتبة ومخطط لها ما بالنا نفعل ذلك أين الصبر الذي أمرنا به هل استجاب لنا الناس هل أصبحت دعوة الإسلام على كل لسان وهل أصبح الناس يطبقون أحكام الله عز وجل يعرفون عقيدتهم ويطبقون دينهم وينفذون تعاليمه أم أننا لا نزال نرى دعاة الإسلام غرباء قلة ومفرقين هنا وهناك بل مع الأسف أرى أكثر من ذلك أنه هؤلاء السلفيون الذين هم خلاصة الدعوات الإسلامية مع الأسف أرى فيها انقساما وتفرقا ربما بعضهم لأمور دنيوية ربما بعضهم لأمور خلافات فكرية طبعا هذا كله يجب أن يكون انتهينا منه وأصبحنا يدا واحدا ورأيا واحدا واجتمعنا على رجل واحد أقول إن مما يفيد الأعداء ولعله مما لهم مشاركة في إيصالنا إلى هذا أن يحرضوا الشباب المتطرف المتشدد المغالي الذين تحركهم العواطف الهائجة التي لا ضابط لها هم يستغلون هذا وربما يدفعه بعضهم ليصلوا بالمسلمين إلى هذه النتيجة ليضربوا ضربتهم قبل أن يستفحل الأمر وقبل أن تصل الدعوة الإسلامية إلى الثمرة يريدون الإجهاز عليها وإجهاضها قبل أن تلد وقبل أن تثمر فلا يجوز للمسلمين أن يكونوا فريسة لهذه المؤامرات ولا أن يكونوا يقعون في هذا الشرك فإنهم إن كانوا كذلك فهذا يعني أنهم على غباء وأنهم لم يصلوا بعد إلى المستوى الذي يجب أن يكونوا عليه والذي يجب أن يفكروا فيه ويصلوا إليه الدولة الإسلامية التي يفكر كثيرون في الوصول إليها مع الأسف يفكرون بطرق ليست من تفكير المسلمين ينظرون كيف الدعوات في البلاد الأخرى والأحزاب السياسية الكافرة كيف وصلت إلى السلطة يريدون سلوك سلوكها من انتخابات من انقلابات من اغتيالات من ثورات أهلية من من كلها تقليد لما يجري في بلاد الكفر وعلى طريقة الكافرين فعجب من العجب أن المسلمين الذين أنزل الله عز وجل عليهم هذا الدين ونورهم بضياءه وبصرهم به هل هم فقراء لم يبين الله عز وجل لهم طريقهم ولم يبين لهم سبيلهم فلذلك هم يذهبون إلى هنا وهناك يلتمسون الهدى والنور والله عز وجل يقول في أكثر من آية (( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً )) (( وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ )) والأحاديث في ذلك حديث سلمان تعرفون حينما قال له بعضهم ( إن نبيكم علكمكم كل شيء قال: نعم علمنا كل شيء حتى الخراءة أمرنا ألا نستنجي بعظم وألا نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار )) إلى آخر الحديث هذا الدين الشامل الذي نفخر به ونعتز به والذي هم يدندنون أيضا أنه شامل كل أمور الحياة دين ودولة ومصحف وسيف وعبادة ودولة ومجتمع ونظام اقتصادي وسياسي يقولون هذا بألستنهم وينسونه في سلوكهم فتراهم كما قلت يلجأون ذات المين وذات الشمال يستجدون من أولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابا عظيما ووصفهم بالضلال المبين يستجدون منهم طرقهم وأساليبهم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل ( تركتم فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ) كأنه لم يقل لهم ( لقد تركتم على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيعغ عنها إلا هالك ) فلذلك يتناقض سلوكهم فيأتون بالعجب العجاب فنحن كنت ألاحظ أن في بلاد الشام مثلا سوريا فعلا كثيرا من هذا الشباب المتحمس يقومون بدعاية لفلان الشيخ فلان الخطيب لا لشيء إلا لأنه يهاجم الحكومة ولأنه يتصدى للسلطة ويتحدث بعبارات بطولة وتحدي وكشف للأخطاء وما شابه ذلك وقد يكون فهمه للإسلام منحرفا وقد يكون خرافيا وقد يكون صوفيا وقد يكون عقلانيا معتزليا أو خارجيا أو ما شابه ذلك كل هذا يطرحونه جانبا المهم يهاجم الحكومة فيمدحونه هذا جريء هذا بطل هكذا فصار المثل عندهم أن مهاجمة الحكام هي المحور وهي المقياس الذي يقاس به صلاح الرجل عقيدة الرجل دين الرجل وتجمع حول الرجل " فما هكذا يا سعد تورد الإبل " ما هكذا نحن جعل الله لنا ميزانا نوزن به الأمور جعل لنا قدوة أنبياء الله عز وجل أولئك الذين يقول فيهم ربنا الله تبارك وتعالى (( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده )) أولئك الذين هداهم الله في سورة الأنعام بعد أن عدد الأنبياء الكثر قال (( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده )) وعن نبينا وخاتم الرسول عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل (( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وذكر الله كثيرا ))
فهذا في رأيي أمر هام يجب أن يراعيه إذا أردنا لهذه الصحوة الإسلامية أن تكون راشدة وأن تقطف ثمارها وأن تبلغ غايتها فلا نسلك هذا السبيل لا تطرف بل نتوسط في الأمور من صفات الإسلام البارزة التي يبينها الله عز وجل في كتابه الكريم (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )) (( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً )) (( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا )) الوسطية في حديث سلمان وأبي الدرداء حينما زاره جاءه فوجد أم الدرداء متبذلة وسألها ما حالها وقالت أخوك أبو الدرداء لا أرب له في الدنيا فكان من قصته في آخرها أن قال له سلمان وصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل ذلك الكلام ( إن لنفسك عليك حقا وإن لربك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ) لا تبالغوا أيها إخوة لا تتطرفوا فالتطرف الذي هو سيما كثير من الشباب ليس من الإسلام قد تجد إنسانا وهذا كان فعلا صفة من صفات الخوارج المبالغة والتطرف تجدهم من أشد الناس عبادة صوام بالنهار قوام بالليل ذاكرين الله عز وجل متمسكون بالسنن والمستحبات وشتى العبادات لكن ما أفادهم ذلك شيئا لم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصفهم بانهم كلاب النار ولم يمنعه أن يامر بقتلهم ويعد من يقتلهم بأن له الأجر العظيم ما منعهم ذلك من هذا الوعيد لماذا؟ لأنهم قد انحرفوا في فهمهم فليس المهم كثرة العبادة وكثرة القربات وإنما المهم أن يكون الإنسان على هدى مستقيم أن يكون على هدي السلف الصالح رضي الله عنهم أن يكون فهمه للإسلام صوابا وعمله صوابا ولذلك قال السلف " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " لو الفرائض قام بها الإنسان وهو غير منحرف في عقيدته ودينه وفقهه وخلقه خير من كثير كثير من هؤلاء الذين أكثروا من العبادات وحبسوا أنفسهم في الصوامع وتنفلوا وزادوا وكانوا يبذلون أموالهم ودمائهم يظنون في سبيل الله عز وجل يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان كما قال النبي صلى الله عليه سلم فكانوا ضالين ومضلين وتوعدهم الرسول عليه الصلاة والسلام بتلك الأحاديث الكثيرة التي وردت في الخوارج فإذا المهم أن يكون الإنسان على الجادة لا نغتر بهذه المظاهر كثير من الشباب فعلا اغتروا بهذه المظاهر يجد إنسانا متحمسا في الدعوة صباحا مساء رواح غداء يذهب ويجيء يقرأ يطالع يتصل بفلان وفلان فيظنونه أنه هو المرجع وأنه هو القطب الذي يجب أن يجتمع حوله ويلتف حوله لكن مع الأسف خدعوا بذلك ورأينا كيف أوردوهم الردى وكيف أخروا دعوة الإسلام القهقرى ورجعوا بها عشرات السنين إلى الوراء بهذه الحماقات وبهذا الطيش الذي لم يهتد بهدي الكتاب والسنة ولم يتفقه بفقه السف الصالح رضوان الله عليهم وإنما كان مثاله هذه الأحزاب الكافرة هنا وهناك التي همها الوصول إلى الحكم .

مواضيع متعلقة