ما معنى حديث حذيفة - رضي الله عنه - الذي ذكرته ، حيث أن السفينة قد كثر فيها الخرق ولا نستطيع الأخذ على أيديهم ؛ فبدل أن نغرق معهم فعلينا إذًا بمغادرتها ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما معنى حديث حذيفة - رضي الله عنه - الذي ذكرته ، حيث أن السفينة قد كثر فيها الخرق ولا نستطيع الأخذ على أيديهم ؛ فبدل أن نغرق معهم فعلينا إذًا بمغادرتها ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول : بمناسبة حديث حذيفة حديث السفينة .

الشيخ : حديث إيش ؟

السائل : السفينة .

الشيخ : السفينة .

السائل : لأن السفينة قد كَثُرَ فيها الخرق ولا نستطيع الأخذ على أيديهم ، فبدل أن نغرقَ معهم فعلينا بمغادرتها إلى ... أو إلى مغادرتها ؟

الشيخ : إلى إيش ؟

السائل : أقول ما عندي [ السَّائل يضحك ! ] ... بعض إخواننا راحوا فيها !!

الشيخ : يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ... انظروا كيف أن الناس بأهوائهم وتساوي أفهامهم كيف ينحرفون عن السنة ، قال - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تزال طائفة من أمَّتي ظاهرين على الحقِّ ) إلى آخر الحديث ، ( لا تزال طائفة ) أي : قليلة ، ثم الحديث السابق ذكرت لكم في الغرباء ، مَن هم ؟ ( هم الذين يُصلِحُون ما أفسد الناس من سُنَّتي من بعدي ) ، هؤلاء على مسؤولية السَّائل - أنا أقول : على مسؤولية السَّائل - هؤلاء يحكمون على الأمة كلها بالغلط ، والواقع أنه خطأ ، وهذا - أيضًا - يذكِّرني بحديث : ( مَن قال ) - والحديث في " صحيح مسلم " - : ( مَن قال : هَلَكَ الناس ؛ فهو أهْلَكُهم ) أو ( فهو أَهْلَكَهم ) روايتان ، ( مَن قال : هَلَكَ الناس ؛ فهو أهْلَكُهم ) أو ( فهو أَهْلَكَهم ) ، ولكلٍّ من الروايتين معنى جميل جدًّا ، أما الرواية الأولى فهو : ( أهْلَكُهم ) ؛ يعني هو أشدُّ ضلالًا منهم ، أما الرواية الثانية فهي أبدع ؛ أي : هو سبب هلاكهم ؛ لأنه يَدَعُهم وضلالهم ثم ينزوي عنهم بعيدًا كما قال الأستاذ هناك ... فنحن أجَبْنا عن هذا ؛ قلنا : إن الحديث دندَنَ حول تغيير المنكر هناك بالمرتبة الأولى ، ولكن إذا كان ليس في الاستطاعة ذلك ماذا نفعل ؟ مَن الذي قال أننا نخرج من هذا المجتمع ولا ننتقل من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثانية ؟ بل مَن الذي قال : لا ننتقل من المرتبة الثانية إلى المرتبة الثالثة ؟ أين محلُّ هذا الحديث ؟

المراتب ثلاث ، محلُّ هذا الحديث في المجتمعات التي فيها المنكر قلَّ أو كثر ، إن قَلَّ المنكر قلَّ الآمرون ؛ يعني القضية عرض وطلب كما يقال ، وإن كَثُرَ المنكر كَثُرَ المنكرون ، ولكن هؤلاء المنكرون هم الحريصون على تطبيق الشريعة فعلًا بحذافيرها لا يأخذون نصًّا ويَدَعون النصوص ، وإنما يجمعون بين النصوص كلها ، فيأتينا هؤلاء بحديث واحد يأمرنا أن ندَعَ الناس في ضلالهم ، وبإمكاننا نحن أن ننكر المنكر ولو بالمرتبة الدنيا ، لا يوجد مثل هذا الحديث أبدًا ، بل على العكس من ذلك ؛ حديث ابن عمر السابق الذكر : ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم ) ؛ فهذا يدعو المسلم إلى أن يكون - كما يقولون اليوم بلغة العصر الحاضر - اجتماعيًّا ؛ أن لا يكون انعزاليًّا كما هو مذهب الصوفية ، فالصوفية مذهب سهل ورخيص ؛ لأنُّو معناه ترك الجهاد الذي منه اللسان كما قال - عليه الصلاة والسلام - بالحديث الصحيح : ( جاهدوا المشركين بأنفسهم وأموالكم وألسنتكم ) ، فالانزواء والانطواء والخروج - مثلًا - في بلاد مهجورة أو صحارى قفراء هذا أمرٌ سهلٌ ، لكن هل يظنُّ هؤلاء بأنُّو سيظلُّ هؤلاء الأفراد في الصحراء يعيشون ما شاء الله من سنين بل من قرون ، ويستمرون على الصفاء والنقاوة أم سيعيد التاريخ نفسه ويبدأ المنكر يذرُّ قرنه ، فماذا يفعلون ؟ يظلُّون ينتقلون من مكان إلى آخر ؟ ليس هذا من هدي الرسول - عليه السلام - ، ( وإنما عليكم بالجماعة ؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) .

طبعًا ( عليكم بالجماعة ) ؛ سيقول هؤلاء : الجماعة المتمسِّكة بالكتاب والسنة ؛ نقول : نعم ، والقضية نسبية ، هاتوا جماعة متمسِّكة بالكتاب والسنة أحسن من غيرها لنقول لكم : اذهبوا إليها ، أما أن تخرجوا من هؤلاء ولا تكونوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء ؛ فهذا انحراف خطير وخطير جدًّا .

مواضيع متعلقة