أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثَّرَ في جنبه ، فقال : يا رسول الله ، لو اتَّخذْتَ فراشًا أوفر من هذا . فقال : ( ما لي وللدنيا ؟! ما مَثَلي ومثل الدنيا إلا كراكبٍ سافر في يوم صائف فاستظلَّ تحت شجرةٍ ساعة ثم راح وتركها ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثَّرَ في جنبه ، فقال : يا رسول الله ، لو اتَّخذْتَ فراشًا أوفر من هذا . فقال : ( ما لي وللدنيا ؟! ما مَثَلي ومثل الدنيا إلا كراكبٍ سافر في يوم صائف فاستظلَّ تحت شجرةٍ ساعة ثم راح وتركها ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو صحيح أيضًا ، وهو قوله : وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثَّرَ في جنبه ، فقال : يا رسول الله ، لو اتَّخذْتَ فراشًا أوفر من هذا . فقال : ( ما لي وللدنيا ؟! ما مَثَلي ومثل الدنيا إلا كراكبٍ سافر في يوم صائف فاستظلَّ تحت شجرةٍ ساعة ثم راح وتركها ) . رواه أحمد ابن حبان في " صحيحه " والبيهقي .

مثل ما تقدَّم قوله : وعنه ؛ يعني ابن عباس قال : حدَّثني عمر بن الخطاب قال : دخلتُ على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو على حصير ، قال : فجلستُ فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره .

الإزار هو الثوب يغطِّي أعلى البدن .

السائل : الإزار ، آ ، عفوًا . نعم .

الإزار هو الثوب يغطِّي أسفل البدن ، والرداء يغطي أعلى البدن ؛ فهذا - أيضًا - ممَّا يصف به الراوي الرسول - عليه السلام - أنه لما دخل عليه لم يكن عليه من الثياب إلا الإزار الذي يغطِّي به عورته - عليه الصلاة والسلام - ، ثم هو على ذلك يصف البيت أو الغرفة التي كان فيها ، والفراش الذي كان جالسًا عليه ؛ قال : فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره ، وإذا الحصير قد أثَّرَ في جنبه ، وإذا أنا بقبضةٍ من شعير نحو الصَّاع ، وقَرَظٍ في ناحية في الغرفة ؛ هذا كلُّ الزاد الذي يوجد في بيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس هو إلا الحصير ، والقبضة من الشعير ، وقليل من القَرَظ الذي كانوا يدبغون به الإهاب - أي : الجلود قبل دبغها - ، وقَرَظ في ناحية في الغرفة ، وإذا إهاب معلَّق كأنُّو هذا القَرَظ هُيِّئ لدبغ هذا الإهاب ، وإذا إهاب معلَّق ، فابتدرت عيناي ؛ يعني يبكي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، فقال : ( ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟! ) . فقال : يا نبيَّ الله ، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثَّر في جنبك ، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى من الشعير والقَرَظ ، وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبيُّ الله وصفوته ، وهذه خزانتك ؟! لماذا لا أبكي وأنت سيد البشر ، وأنت في هذا الفقر وأولئك الكفار ملوك كسر وقيصر يعيشون في النعيم وفي الحرير وفي الأنهار ؟! قال : ( يا ابن الخطاب ، أَمَا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟! ) .

هكذا الحديث ينتهي هنا في هذا الكتاب ، ولكن يجب أن يُستدرك عليه زيادة ابن ماجه : قلت : بلى . هذه الزيادة لم تَرِدْ في الكتاب هنا في هذه النسخة ، فتُستدرك عند مَن كانت عنده نسخة كنسختي .

قال : ( يا ابن الخطاب ، أَمَا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟ ) . قلت : بلى . رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم . عندي هنا استدراك على هذه التخريج ، قلت : وفي استدراكه على مسلم وَهْمٌ ، وفي عزو المصنف لِابن ماجه تقصير ، فقد أخرَجَه مسلم في الجزء الرابع في الصفحة الثامنة والثمانين بعد المئة إلى التاسعة والثمانين بعد المئة ، في قصَّة اعتزاله - صلى الله عليه وآله وسلم - نساءَه بلفظ ابن ماجه وإسناده ، إلى آخر التعليق .

فالمصنِّف عزاه فقط لابن ماجه ثم للحاكم ، وذكر أن الحاكم صحَّحه على شرط مسلم ، فهنا وَهْمٌ من جهة الحاكم وتقصير من جهة المؤلف الوهم من جهة الحاكم ؛ لأنه خرَّج هذا الحديث في كتابه " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، وإنما يخرِّج في كتابه المذكور ما لم يأتِ في الصحيح " صحيح البخاري " أو " صحيح مسلم " ، ويكون الحديث على شرطهما أو شرط أحدهما ؛ ففي هذه الحالة يُورد الحديث ويقول : صحيح على شرط البخاري ، أو صحيح على شرط مسلم ؛ فهذا الحديث استدرَكَه الحاكم وقال : إسناده صحيح على شرط مسلم ، وفاتَه أن الإمام مسلم رواه كما رواه الحاكم في " صحيحه " ، ومن هنا يتبيَّن تقصير المصنف حيث اقتصر في تخريج الحديث على عزوه لابن ماجه والحاكم ، وكان الأحق أن يُعزى لـ " صحيح مسلم " ، ولكن بعدُ المخرج عن مظنة الإنسان أبعَدَ المصنف عن أن يستحضر عزوَه لـ " صحيح مسلم " ؛ لأن مسلمًا إنما روى هذه القطعة بمناسبة اعتزاله - عليه السلام - لنسائه في قصَّة معروفة أخرَجَها مسلم بكاملها ، وفي تضاعيفها لمَّا بلغ عمر بن الخطاب أن النبي - صلوات الله وسلامه عليه - اعتزَلَ نساءه جاء إليه لِيُواسيه - عليه السلام - أو يساعده على ما هو فيه ، فلما دخل عليه رأى ما جاء في هذه الرواية ، ففي هذه القصة بتمامها جاء هذا المقدار منها في " صحيح مسلم " ، فلم يتنبَّه لذلك الحاكم ثم المؤلف ، وهذا يقع لكلِّ مؤلف ؛ لأن العصمة لله وحده - سبحانه وتعالى - .

مواضيع متعلقة