ما ردكم عمن توقف عن تصحيح أو العمل ببعض الأحاديث النبوية الطبية بحجة أن الطب المعاصر لم يثبت حقائقها بعد ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما ردكم عمن توقف عن تصحيح أو العمل ببعض الأحاديث النبوية الطبية بحجة أن الطب المعاصر لم يثبت حقائقها بعد ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك هذا يؤدي بنا ، إلى أن نتخذ هذا الجواب قاعدة للرد على بعض الدكاترة وهنا بصورة خاصة ، في الجامعة الأردنية ، يقررون بأن بعض الأحاديث النبوية ، التي تتعلق ببعض الجزئيات الطبية ، والتي لم يثبت الطب حقائقها ، قال نحن نتوقف ، ولا نقول بأن هذا الحديث صحيح ، ولو صححه المحدثون ، لأن الطب لم يصححه ، هذا معناه شك في شيئين ، الشيء الأول الشك في اجتهادات علماء الحديث ، وجهودهم ، التي تكاتفت على مر الأيام والسنين في ضبط أحاديث الرسول عليه السلام ، وتمييز صحيحها من ضعيفها ، أولا ، ثم فيه الطعن ، على ما تلقته الأمة بالقبول ، لأن أحاديث البخاري ومسلم كما هو معلوم لدى الجميع ، هي أصح الأحاديث ، وأصح الأقوال التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد كتاب الله تبارك وتعالى ، ولذلك اتفقت الأمة كلها ، على أن حديث الصحيحين ، مما لم يقع فيه خلاف بين العلماء المتقدمين ، فكلها تفيد الصحة واليقين ، فلا يجوز الشك في شيء منها بسبب أن بعض الناس يعيشون ثقافة معينة ، أو عقلية معينة ، كالمثال الذي أشرت إليه آنفا ، عندكم مثلا من الأحاديث التي لا يؤمن بها الأطباء اليوم ، إلا من كان مؤمنا حقا ، أحاديث كثيرة جدا ، تدور كلها في الطب النبوي ، من ذلك قوله عليه السلام: ( في الحبة السوداء ، شفاء من كل داء إلا السام ) الحبة السوداء ، التي يقولون عنا في الشام تعبير جميل " ما بتعبي العين " من صغرها ، العين ما بتشبع من النظر إليها ، لكن من علم ، هذا النص النبوي الكريم الصحيح ، لا شك أنه حين ينظر إليها ، تختلف نظرته إليها ، عن نظرة عامة الناس ، وبخاصة الكفار منهم إليها ، هذا الحديث بطبيعة الحال ، الطب التجريبي ، كما يقولون ، لم يكتشف سر هذه الحبة المباركة ، وإن كانوا قد اكتشفوا شيئا من فوائدها ، أما إنها شفاء من كل داء ، إلا السام الموت ، فهذا ما وصلوا إليه ، وفي اعتقادي ، ربما لن يصلوا إليه ، لأنه يبقى حكما شرعيا غيبيا ، ليمتحن الله به عباده ، أيؤمنوا أم يكفرون ؟ من ذلك مثلا الحديث المعروف ، حديث الذبابة ( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، ثم ليخرجه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء ) ، ما وجدوا هذا في زعمهم ، وبخاصة السر الأكبر ، الذي لا يمكنهم أن يكشفوه ، إلا بتجارب عديدة ، وكثيرة جدا جدا ، وهي أن تراقب الذبابة ، حيث جاء في بعض الروايات الصحيحة ، أنها تقع على الجناح الذي فيه الداء ، وهذا أظن حتى لو أجريت اختبارات يعني تجريبية ، وهي تهبط على الأناء فقد يكون الإعجاز ، أن الذباب على نوعين ، منه ما يكون الداء في الجناح الأيمن ، ومنه ما يكون الجناح الأيسر فتختلف النتيجة ، فلا يمكن الوصول إليها بالتجربة ، إذن ما ينبغي حينئذ للمسلم إلا أن يقف ويقول كما قال رب العالمين (( ويسلموا تسليما )) ، بعض الأطباء بعض الدكاترة يقولون ، هذه الأحاديث مشكلة ، فنحن نتوقف عنها ، يعني لا نصدق ، ولا نكذب وترون ما حقيقة هذا الموقف ؟ لو أردنا أن نشرحه أي أنهم يعاملون حديثهم حديث نبيهم معاملتهم للإسرائيليات لأن الإسرائيليات هي التي جاء عن الرسول عليه السلام الأمر بأن لا نصدقهم وأن لا نكذبهم ، لأننا إن صدقناهم ، نكون قد صدقناهم فيها افتروا ، وإن كذبناهم يمكن أن نكذبهم في شيء ، من البقايا الثابتة من شرائعهم فلا نصدقهم ولا نكذبهم ، هذا موقف المسلم بالنسبة للإسرائيليات أما موقف المسلم ، بالنسبة للأحاديث الواردة عن الرسول عليه السلام ، وبالأسانيد الصحيحة ، فلا يجوز إلا أن يكون آمنا بالله ، وبما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الإيمان ، لأننا إن انتظرنا أن يثبت بالتجربة الطبية ، حقيقة شرعية فآمنا نحن ما آمنا بالشرع والحالة هذه ، آمنا بماذا ؟ بالطب حينئذ هذا يناقض الإيمان الكامل ، كما قال تعالى في أول سورة البقرة: (( ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه )) لمن ؟ (( هدى للمتقين )) من ؟ (( الذين يؤمنون بالغيب )) أول شرط للمؤمنين حقا ايمانهم بالغيب ، وما هو الغيب ؟ كل ما غاب عن عقلك ، فهو غيب ، فكل ما جاء عن نبيك صلى الله عليه وسلم يجب أن تسلم به ، وأن تؤمن به ، سواء ثبت بالطب أو بالعلم أو لم يثبت ، ولذلك فالذين يقررون اليوم ، ويقولون مثل هذه الأحاديث نحن نتوقف ، ولا نقول فيها شيئا ، إنما يلقون الشك ، في قلوب المسلمين ، في قلوب الطلبة ، الذين سوف يصبحون عما قريب موجهين للأمة ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فإذا كان هؤلاء لا يوجد عندهم الإيمان فليس باستطاعتهم أن يزرعوا هذا الإيمان ، في قلوب الناس لأنهم هم في أنفسهم ، ليسوا مؤمنين بكثير مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذن جاء مثل قوله تعالى: (( عبس وتولى أن جاءه الأعمى )) ، إذن هذا مثال واقعي ، كيف نقول إن الرسول عليه السلام لا يجتهد ، ها هو قد اجتهد ولكنه لم يقر (( وما يدريك لعله يزكى أو يتذكر فتنفعه الذكرى )) ، وكثير من الأحكام التي صدرت عن الرسول عليه السلام توحي إلينا من كلامه عليه السلام ، لا من كلام رب العالمين أنها اجتهاد منه ، وقريبا ذكرنا بمناسبة ، أن امرأة فاضلة من الصحابيات ، الفضليات اسمها فاطمة بنت قيس سافر عنها زوجها ، وقد طلقها تطليقتين ، ثم أرسل إليها بالطلقة الثالثة ، وكان لهذا المطلق المسافر وكيل في المدينة ، فجاء إليها وبلغها تطليق زوجها الطلقة الثالثة ، وطلب منها أن تخرج من دار زوجها ، لأنها أصبحت بائنة منه بينونة كبرى ، ما كان عندها علم أن المطلقة ثلاثا، ليس لها نفقة ولا سكنى ، فتجلببت وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقصت قصتها للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي أن زوجها طلقها طلقة ثالثة ، وأرسل إلى وكيلها وجاء إليّ وطلب مني السكن ، فقال عليه السلام: ( ليس لك نفقة ولا سكنى اذهبي ) وهنا الشاهد ( اذهبي إلى بيت أم شريك ) وكانت امرأة فاضلة أيضا ، من المهاجرات ، وكان المهاجرون يترددون على دارها ، فقال لها: ( اذهبي إليها ) ، ثم قال: (لا )، هنا بقي انتبهوا إذا لما قال لها اذهبي ، كان هذا اجتهاد من عنده ، لأنه عقب هذا القول اذهبي و قال: (لا . اذهبي إلى ابن أم مكتوم فإنه أعمى ، فإنك إذا وضعت خمارك عن رأسك ، فإنه لا يراك ) إلى آخر الحديث فإذن في آن واحد ، يصدر من الرسول عليه السلام شيء ، ثم يصدر منه شيء آخر ، فهذا أكبر دليل على أنه عليه السلام يجتهد ولكن الفرق كما قلنا آنفا ، وأكرر هذا على مسامعكم لكي تنتهوا إلى الحقيقة المقطوع بها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كمثله شيء في البشر ، النبي صلى الله عليه وسلم ليس كمثله شيء في البشر فهو إذا اجتهد فأخطأ لا يقر ، ينبه بماذا ؟ بطريقة الوحي ، في حديث الدجال مثلا تجدون ، إنه يقول هو في مكان كذا ، ثم يقول لا ، في مكان كذا ، ثم يقول ثلاث تحويلات هذا كله وذاك وأشياء كثيرة وكثيرة جدا ، تضطرنا أن نقول بأن الرسول عليه السلام يجتهد ، ولكن اجتهاده ليس كاجتهاد العلماء حيث يموت أحدهم ، ولا يؤجر على كثير من اجتهادته ، إلا اجتهادا واحدا لأنه أخطأ أما الرسول عليه السلام فهو معصوم ، نرجع الآن عن أن يُقر على خطأ .

السائل : جزاك الله خيرا يا أستاذنا

سائل آخر : لكن هو كسنة ؟

الشيخ : إيش كسنة .

سائل آخر : كسنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

الشيخ : الأمر طيب ، ونحن احتجمنا مرارا وتكرارا والحمد لله .

مواضيع متعلقة