ما حكم الاحتجاج بالحديث المُرسل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم الاحتجاج بالحديث المُرسل ؟
A-
A=
A+
الشيخ : يستحقُّ أنُّو يكون هو القول الأول .

السائل : الأخير ؟

الشيخ : آ ؛ لأن الصحيح أنَّ الحديث المُرسل كأيِّ حديث ضعيف لم يشتَدَّ ضعفه ، وهذا الكلام واضح أن الحديث المرسل ضعيف ، فلا يُحتج به كما يقول به البعض ، وإنما لا يُحتج به كما يقول البعض الآخر ، لكن عدم الاحتجاج به كعدم الاحتجاج بأيِّ حديث آخر ضعيف ولو كان متَّصلًا ، لكن فيه علَّة تجعل إسناده ضعيفًا ، فإذًا الحديث المرسل كأيِّ حديثٍ ضعيف لا يُحتج به إلا إذا احتفَّت به بعضُ القرائن ، من ذلك ما ذكرتَه أنتَ آنفًا ، وهو مما قاله الإمام الشافعي سابقًا ؛ وهو أن يأتي من طريق آخر موصول ، ولا يُشترط في هذا الحديث الآخر الموصول أو في هذا السند الآخر الموصول أن يكون صحيحًا ، بل ولا أن يكون حسنًا بذاته ، حسبُه أن يكون ضعيفًا مما يُستشهد به ، فحين ذاك فالحديث المرسل يُحتج به كأيِّ حديث آخر ضعيف جاء له شاهد لم يشتدَّ ضعفه ، فهذا هو القول الراجح من الأقوال التي قِيلت في الحديث المرسل ، يُحتج به ولا يُحتج به ، وإنما الصواب : لا يُحتج به مطلقًا إلا إذا جاء من طريق آخر موصول .

أما لو جاء من طريق آخر مرسل وإسناده صحيح فالمرسل لا يصلح شاهدًا بمرسلٍ مثله ، والسبب في هذا دقيق ؛ وهو أنه من الممكن أن يكون مدار المُرسَلَين - وإن شئت قلت : المُرسِلَين - على شيخ واحد هو الساقط هو المجهول ؛ حيث لم يذكر لا الأول ولا الآخَر مَن هو الذي حدَّثه بهذا الحديث ؛ ولذلك اشترط الإمام الشافعي الشرط السابق أن يأتي من طريق آخر موصول ؛ يعني يظهر فيه راوي الحديث أنه صحابي ، والسِّرُّ - أو السبب ؛ لأنُّو لا سرَّ في العلم - السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل هو عدم معرفة الشيء الذي لم يذكره المرسل ؛ لأنه يحتمل أن يكون صحابيًّا ، وهو في هذه الحالة يكون صحيحًا ، لكن يحتمل ألَّا يكون صحابيًّا ؛ أن يكون تابعيًّا ، وهو في هذه الحالة يحتمل أن يكون ثقةً ، كما يحتمل أن يكون غير ثقة ، فبهذه الاحتمالات التي ترد على الحديث المرسل يُقال : لا يُحتج بالحديث المرسل . وهذا هو رأي جماهير علماء الحديث ، أما الفقهاء فمعروف اختلافهم في ذلك ، وأقوى قول لهم هو قول الإمام الشافعي الذي ذكرناه آنفًا ، فهذا هو القول الراجح في الحديث المرسل .

مواضيع متعلقة