الكلام على حكم قول بعضهم : " النظر إلى وجوه الصالحين عبادة " ، وهل هو حديث صحيح ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على حكم قول بعضهم : " النظر إلى وجوه الصالحين عبادة " ، وهل هو حديث صحيح ؟
A-
A=
A+
السائل : ... .

الشيخ : يعني متأثِّر بالحديث الموضوع : " النظر إلى عليٍّ عبادة " !

السائل : لا يا شيخ ، هذا من آثار الصالحين يعني ... .

الشيخ : هداك الله مرَّة أخرى ، وين هدول الصالحين ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وين الصالحين ؟

السائل : ... يعني كانوا .

الشيخ : إي ، أنا أخطأت ، لنشوف بس شو رح يطلع منه .

السائل : يعني .

الشيخ : الصالحين القدامى .

السائل : يعني كانوا يقال بأنُّو إذا نظر الرجل إلى رجل من أهل السنة يتذكَّر أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - والالتزام في السنة ، فعندما يرى رجلًا من أهل السنة الذين يعني يطبِّقون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياتهم فيعتبر أن هذا الرجل عندما يراه يذكِّره بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتقيُّد بما أتى به الرسول - عليه الصلاة والسلام - انطلاقًا من قول الله : (( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )) ، فمن هذا الباب يُقال أنُّو النظر إلى الرجل من أهل السنة عبادة ؟

الشيخ : طيب ؛ تأويلة إذا ما قلت بالتعبير السوري " ترقيعة حلوة " ! شايف ؟ لكن شو رأيك " النظر إلى عليٍّ عبادة " ؟ بغضِّ النظر أنُّو هذا الحديث لا يصح روايةً عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، يجوز نقول : هذا الحديث ضعيف أو موضوع روايةً صحيح درايةً ؛ يجوز أن نقول ؟ مفهوم كلامي ولَّا أعيده ؟

السائل : أعيده .

السائل : آ ، كويس .

سائل آخر : إعادة وتفصيل .

الشيخ : أقول : في بعض الأحاديث من حيث الراوية تكون غير ثابتة ، لكن من حيث المعنى تكون حكمة ؛ يعني كأيِّ حكم شرعي مُستنبط استنباط ما فيه عليه دليل من الكتاب والسنة ؛ يعني كما قلنا مرَّة لبعض الناس أنُّو يا أخي ما بدها هالتعب كله أنُّو هذا حديث صحيح وهذا مو صحيح وإلى آخره ، نحن ننظر للمعنى ، وحسب المعنى نصحِّح ونضعِّف ؛ قلنا له : شو رأيك في حديث : " أكل الباذنجان حلال " ؟ ضحك هو ، وكأنُّو عرف شو وراء هذا السؤال ! قلت له : ما لك ؟ قُلْ : حديث صحيح ولَّا غير صحيح ؟ عرف هو أن كلامه خطأ ؛ لأنُّو هذا الحديث أنا اختلقته الآن ، لكن في فرق كبير بين المختلقين الوضَّاعين الكذَّابين القدامى وبيني أنا حيث أضربه مثلًا لِمَن يقول : بإمكاننا نعرف الحديث الصحيح من الضعيف من جهة المعنى ، فشو رأيك بهذا الحديث معناه صحيح ولَّا لا ؟ ما يقدر يقول إلا أن معناه صحيح ، فإذا قال : هذا حديث صحيح . أقول له : كذب ، لأنُّو أنا اللي قلته ، والرسول ما عنده خبره ، وهكذا بإمكان كل واحد من مئات الألوف من المسلمين كل واحد يجيب حديث معناه صحيح ، لكن ما قاله الرسول - عليه السلام - ولا عنده خبر .

فبعض الأحاديث فيها معنى جميل ، لكن ما يصحُّ نسبته للرسول - عليه السلام - ؛ لأنه يقول : ( من قال عليَّ ما لم أقُلْ ) ما قال فلسفة صحة المعنى وعدم صحة المعنى ( فليتبوَّأ من النار ) ، هذه ناحية . وناحية أخرى - وهي أهم - : من الذي يحكم أنُّو هذا الحديث معناه صحيح ؟ بمعنى لو فعلًا أردنا أن نضع قاعدة مستأنفة من جديد في هذا العصر ؛ أنُّو الحديث إذا صح معناه فقد قاله - عليه السلام - ، من الذي يحكم أن هذا معناه صحيح ومعناه غير صحيح كل مسلم ؟ الجواب : لا . بل كل عالم ؟ الجواب : لا . لأنُّو معرفة المعنى الصحيح اللي يطابق الشرع أو يخالفه هذا يحتاج إلى علماء من وزن معيَّن المعرفة بكتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ إذًا ما يجوز نحن أن نقول أنُّو هذا حديث صحيح أنُّو ما يصح نسبته عن الرسول - عليه السلام - ، لكن المعنى صحيح ، ممكن أي إنسان يقول : أنا أرى ، لكن ما يجعله حديثًا مُفترى على الرسول - عليه السلام - ويشيِّعه بين الناس بحجة إيش ؟ أنُّو هو يرى أن معناه صحيح ، وما دام أنُّو المعنى صحيح ؛ فإذًا الرسول - عليه السلام - قاله ؛ لأنُّو هذا ثابت البطلان الأسلوب بداهةً كما ضربنا آنفًا مثلًا بحديث الباذنجان ؛ فإذًا ليس لهذا الميزان ضابطة وقاعدة ممكن يمشي عليها الإنسان .

لكن قد يكون هناك أحاديث ممكن أن يقال أنُّو معناها صحيح ، لكن ما أختلف أنا وأنت في حديث ما أن معناه صحيح ، لكن هذا لا يكفي أن نقول : قاله الرسول - عليه السلام - ، فالآن بعد الكلام هذا الذي طبعًا ليس له صلة وُثقَى بما كنا فيه آنفًا ، لكن أردْتُ أن أبيِّن أنُّو ما فيه قاعدة هنا من حيث العقل وافقت المنطق أن الحديث يصح أو لا يصح .

نرجع الآن نفترض أنُّو هذا الحديث : " النظر إلى علي عبادة " هذا قلنا أنُّو ما ثبت عند المحدثين ، طيب ؛ شو رأيك نقدر نقول أنُّو معناه صحيح ؟! على التأويل السابق أو الترقيعة السابقة كما قلناه آنفًا ؛ أنا في اعتقادي - هون بقى الشاهد - ما بقدر أقول هذا المعنى الصحيح ؛ لأنُّو هذا يتضمَّن الحكم الشرعي ما أجد ما يشهد له في الكتاب والسنة التي أنا اطَّلعت عليها .

يشبه هذا كثير من العلماء يستحبُّوا للمسلم إذا مات أن يُدفن بجواز قبر صالح ، هذا أخذوه من شيئين ؛ أحدهما قياس الميت على الحيِّ ، وهذا كما لا يخفاكم قياس مع الفارق ؛ هل يقاس الميت على الحيِّ ؟ لا ، كما لا يُقاس الحي على الميت ؛ لأنُّو من باب القياس قياس النقيض على نقيضه ، أخذوه من هذا الباب أوَّلًا ، ثم أخذوه من جهة حديث ذَكَرَه ابن الجوزي في " الموضوعات " فيما أذكر أكيد بلفظ : ( ادفنوا موتاكم عند قوم صالحين ) . ما نقدر نقول : والله هذا معناه صحيح ؛ لأنُّو هذا أمر غيبي ، يا ترى الجار الميت إذا دُفن بجنب صالح يتأثَّر فيه ؟ يستفيد منه ولو يعني ولو شمَّ رائحة طيِّبة - مثلًا - كما جاء في الحديث الصحيح : ( مَثَلُ الجليس الصالح كمَثَلِ بائع المسك ؛ إما أن يُحذِيَك مجَّانًا ، وإما أن تشتريَ منه ، وإما أن تشمَّ رائحة طيبة ) ؟ ما نقدر نقول ، عالم الغيب كما يقولون اليوم : عالم ما وراء الطبيعة ما وراء المادة لا تُقاس على ما نحن في المادة وفي الطبيعة .

الخلاصة : أنا لا أرى التوسُّع في استعمال فلسفة الأحكام الشرعية ... .

... لهذا المعنى ، فنَكِلُ الأمر إلى الله - عز وجل - ، ثم - يا أخي - يرد علينا هنا إشكال ، والإشكال يقول العلماء المحقِّقون عادةً في الرد على بعض غُلاة الصوفية حيث يقول قائلهم : " نظرة من الشَّيخ تقلب الشَّقيَّ سعيدًا ! " . نحن نأخذ جواب أهل العلم لإبطال هذه الصوفية نأخذ منه مددًا لإبطال هديك النظرة اللاصوفية ؛ قالوا في الرَّدِّ على هذه النظرة الصوفية : ويحكم كَم وكَم من المشركين الأشقياء الضَّالين المضلِّين رأوا الرسول وجالسوه وما انقلبوا سعداء ؛ فهل أنتم عند الله - عز وجل - في منزلة أسمى وأعلى من منزلة سيِّد الأنبياء - عليه الصلاة والسلام - ؟ لا شك الجواب معروف يعني ، ما الذي نستفيده نحن من هذا الجواب ؟ كَم وكَم من ناسٍ كان لهم صلة بالصالحين ، وكانت تقع أنظارهم ، بل ويصاحبونهم ثم ما استفادوا من ذلك شيئًا ؛ صحيح هذا ولَّا لا ؟

السائل : صحيح .

الشيخ : فإذًا ما نبالغ هذه المبالغة حتى ما نقع في مثل تلك الصوفيات .

مواضيع متعلقة