ما حكم مسابقة الإمام بالتأمين .؟وما سبب غفلة المسلمين عن أمور دينهم ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم مسابقة الإمام بالتأمين .؟وما سبب غفلة المسلمين عن أمور دينهم ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ولعلك علمت في بعض اللقاءات أنني طفت المرة الأخيرة شهرين في السعودية ووجدت هذا الخطأ كما هو هنا كما هو في سوريا كما في مصر أي نعم ؛ فالناس في غفلة ، وسبب هذه الغفلة أولا يعود إلى غفلة أهل العلم ، وغفلتهم قد تكون مزدوجة ؛ فأقول غفلة العلماء تارة تكون مزدوجة وتارة تكون منفردة ؛ فكثير من العلماء درسوا الفقه مجردا عن السنة ، وإن كان فيهم من درس الفقه مقرونا بدراسة السنة ؛ فالغالب عليهم دراسة الفقه على دراسة السنة ، وبدهي جدا أننا حينما نذكر الفقه مقابلا للسنة فإنما نعني الفقه التقليدي وإلا فلا انفصال بين السنة وبين الفقه النبوي الصحيح ؛ فالذين يدرسون الفقه المذهبي إن درسوا السنة فدرسوها من قريب وبصورة ليس فيها التفقه الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح المعروف : ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) من أجل ذلك فقد تفوتهم كثير من السنن مع أنها معروفة في السنة وفي الأحاديث الصحيحة ومهجورة في واقع العالم الإسلامي ، وهذا كثير وكثير جدا ، وحسبنا الآن هذه الظاهرة المنتشرة في كل المساجد ، في كل بلاد الإسلام لا أستثني منها حتى ولا المسجد الحرام ولا المسجد النبوي ؛ فمسابقة المقتدين لإمامهم بالتأمين هذه ظاهرة واضحة جدا ومخالفة لقوله عليه السلام الذي ذكرناه آنفا: ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ولذلك فقد ألقي في نفسي حينما سمعت صوتين مختلفين في التأمين خلف الإمام ، صوتا مخالفا للحديث ، وصوتا مطابقا للحديث ، ألقي في نفسي أنه لا بد من تذكير الإخوان الذين قلت عنهم آنفا إنهم غرباء في هذا البلد ولكنهم ليسوا غرباء فينا ، فهم منا ونحن منهم ، ونحن جميعا إن شاء الله على الكتاب و السنة إلا أن المرء قوي بأخيه ، والمؤمن مرآة المؤمن فهو يساعده على أن يكتشف ما قد لا يرى من عيبه أو عيوبه ؛ ولذلك أقول ألقي في نفسي أنكم أنتم أولا الذين قد تكونون قد اعتدتم هذه العادة الجارية في العالم الإسلامي أن تعودوا أنفسكم قبل أن تنبهوا غيركم على عدم مسابقة الإمام في هذا الأمر كما أنتم معتادون في عدم مسابقة الإمام في غير هذا الأمر ، وذلك يكون بلا شك بالانتباه لقراءة الإمام ، ذلك لأن الأئمة تختلف طرائق قراءتهم للفاتحة ، فمنهم من يقرؤها هذًّا كهذ الشعر ، ومنهم من يقرؤها مرتلا لها كما قال الله : (( ورتل القرآن ترتيلا )) ، ومنهم بين ذلك ؛ ثم من بعض التفاصيل التي تدخل في هذا الإجمال أن بعض الأئمة يطيل المد اللين في (( ولا الضالين )) حركتين ومنهم من يطيل أربع حركات ومنهم ست حركات ؛ فإذن هذا يقتضي على المقتدين شيئا مهما جدا ألا وهو أن يكون لبهم وقلبهم وعقلهم مع قراءة الإمام لعله يمد حركتين ، لعله يمد ستا ، لعله يمد أربعا ؛ فإذا ما انتهى الإمام من قراءة ولا الضالين وسمعتم اسكانه للنون هنا يجب أن تتصوروا إن لم يتيسر لكم أن تسمعوا وكثيرا ما لا يتيسر لكم أن تسمعوا جهر الإمام بآمين لسبب أو آخر فقد يكون الإمام من متعصبة بعض المذاهب الذين يخالفون السنة في تركهم الجهر بآمين ، ويرون أن السنة الإسرار بها ، فلا تسمعون والحالة هذه جهر الإمام بآمين وحينئذ فيكفيكم أن تنتبهوا لملاحظة السابقة ، إذا سمعتم إسكان الإمام لآمين حينئذ خذوا نفسا في أنفسكم بمقدار ما يقول هو سرا آمين ثم قولوا أنتم معه آمين ، هذا إذا كان لا يجهر ؛ أما إذا كان يجهر فالعذر في المخالفة أبعد لأننا في هذه الحالة أول ما نسمع ألف آمين من الإمام نحن نمشي معه على أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الأفضل أن ننتظر فراغ الإمام من قوله آمين بمعنى حسب التفصيل السابق كما قلنا لا نشرع بآمين حتى نسمع جزم الإمام لنون ولا الضالين على القول الثاني في تفسير فقولوا آمين أي ما نشرع نحن المقتدون بآمين إلا إذا سمعنا إسكان الإمام لنون آمين ؛ لا شك أن هذا القول أحوط في البعد عن الوقوع في مسابقة الإمام وفي تحقيق الأمر الذي رتبه عليه السلام على قول الإمام ( إذا أمن فأمنوا ) هذا أحوط ؛ لكن الظاهر والأرجح أننا ما ينبغي أن نتأخر هذا التأخر كله وإنما المهم أن لا نسبق الإمام بأن نبدأ بآمين قبل أن يبدأ هو كما هو الواقع اليوم ، فإذا تمرنا على هذا عمليا حينئذ ساغ لنا أن ننقل هذه السنة تبليغا للحديث وتعليما عمليا على هذا النحو الذي سمعتموه الآن ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) وليس يخفاكم في اعتقادي أن مخالفة الأمر النبوي هو معصية لقوله تعالى : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) لكن كثير من الناس قد لا يهتمون بالمخالفة كاهتمامهم فيما إذا شعروا بأن هناك خسارة كبرى بالمخالفة وهي أن يخسروا استحقاقهم لمغفرة الله تبارك وتعالى المترتبة على متابعة الإمام بآمين ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ومعنى هذا الحديث أن الملائكة الذين يحضرون المساجد ويحضرون الصلوات الخمس على نوبتين معروفتين هم ليسوا كالبشر المطبوعين ، البشر المطبوعين على المعصية ؛ فالملائكة ليسوا كذلك لأن الله عز وجل وصفهم بقوله : (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) بناء على ذلك فهم لا يسابقون الإمام ، فهم لا يقولون آمين قبل تأمين الإمام ؛ فحينئذ إذا قام أو إذا فعل المقتدون فعل الملائكة ووافق تأمينهم تأمين الملائكة وهذا بلا شك أمر غيبي نحن لا نحس به ولا ندركه لكن من إخبار الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث نعلم أن الملائكة يقولون بعد أن يشرع الإمام بآمين هم يقولون فإذا نحن فعلنا فعلهم و وافقناهم على تأمينهم كان ذلك لنا أجر عند الله أن يغفر الله لنا ذنوبنا ؛ وهذا مكسب عظيم جدا جدا لو عاش كما أقول بهذه المناسبة وغيرها لو عاش المسلم عمر نوح عليه السلام الذي هو أكثر من ألف سنة إلا خمسين عاما ، فقط ليغفر الله له لكان هو الرابح فما بالك أن هذه المغفرة إنما ينالها المسلم فقط بالانتباه لقراءة الإمام ولمتابعته قوله (( ولا الضالين )) ؛ ثم ابتداء هو هذا الإمام بآمين فيمشي هو معه في آمين لا يتقدمه ولا يتأخره غفر الله له ، ما شاء الله هذا مكسب عظيم جدا ؛ لذلك ليبلغ الشاهد الغائب ، فتعودوا معنا على تنفيذ هذا الأمر النبوي ، ثم ليكن همكم فيما بعد أن تبلغوا ما وراءكم ومعذرة فقد حبسناكم عن طعامكم فتفضلوا ، فتفضلوا .

مواضيع متعلقة