بيان ضعف حديث معاذ - رضي الله عنه - لما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وقال له ( بم تحكم .؟ قال : بكتاب الله ) سنداً ومتناً . (بيان حجية السنة) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان ضعف حديث معاذ - رضي الله عنه - لما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وقال له ( بم تحكم .؟ قال : بكتاب الله ) سنداً ومتناً . (بيان حجية السنة)
A-
A=
A+
الشيخ : ومن هنا يعني نخلص إلى القول ببطلان الحديث المشهور عند الفقهاء المتأخرين، وبخاصة في كتب الأصول خاصتهم، الذي يوردوه لإثبات القياس وشرعيته، حديث معاذ ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن، فقال له: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد قال: بسنة رسول الله، قال: إن لم تجد، قال أجتهد في رأيي ولا آلو. قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله ) .

هذا حديث باطل، مع تداول علماء الأصول له واحتجاجهم به.

باطلٌ أولًا من حيث معناه وهذا هو المقصود، وجرّأنا على مثل هذا الإبطال أن إسناده فيه جهالة، فهو سندا ضعيف، متنا باطل.

أمّا الضعف من حيث السند أن فيه رجلًا مجهولًا اسمه الحارث ولا إيش.

السائل : الحارث بن عمرو.

الشيخ : الحارث بن عمرو، وهو يرويه عن أصحاب لمعاذ عن معاذ، فأعل بعلتين اثنتين:

إحداهما قاطعة، الأخرى ليست كذلك.

العلة الأولى المعلّة، وهي العلة الحقيقة، هي جهالة الحارث بن عمرو هذا.

العلة الثانية عن أصحاب معاذ، فقال بعضهم: هم جماعة يبعد عنهم الكذب، ويبعد عنهم سوء الحفظ، وهذا كلام منطقي مقبول، لكن العلة دونها، وهو الحارث بن عمرو هذا، ولذلك فالسند ضعيف باتفاق علماء الحديث، لذلك حكم أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري على إنكار هذا الحديث بهذا الإسناد.

أما كونه باطلًا من حيث متنُه، فهو أنه جعل مرتبة السنة -هنا الدقة- جعل مرتبة السنة بالنسبة للقرآن كمرتبة السنة مع القياس.

متى يقيس الإنسان؟ حين لا يجد في السنة.

متى يلجأ إلى السنّة؟ حينما لا يجد في القرآن.

هذا خطأ، يجب الجمع بين القرآن والسنة معًا، وليس أن تنظر في القرآن، والله ما وجدت الجواب تنزل إلى السنة، نزلت للسنة ما وجدت الجواب، آه تجتهد رأيك، ليس هكذا منزلة السنة من القرآن، كمنزلة القياس من السنّة، وإنما هما توأمان، القرآن والسنة كما أشار إلى ذلك عليه الصلاة السلام بقوله: ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) . ولذلك من أصول الفقه السلفي الصحيح، هو حينما يريد الإنسان أن يعطي حكمًا في مسألة ما أن ينظر إلى الثقلين إلى المصدرين الأساسين الكتاب والسنة، ... نزل بعد ذلك كما جاء في حديث معاذ يجتهد رأيه ، أما الفصل بينهما، فهذا هو منشأ الضلال.

أنا في اعتقادي أنه من أكبر أسباب الفرقة التي جعلت المسلمين فرقًا وشيعًا وأحزابًا، هو أنهم لم يجروا بنسبة واحدة في تطبيق هذا المنهج العلمي الصحيح، وهو الجمع دائما بين الكتاب والسنة في كل مسألة أصدروا فيها رأيًا، وبخاصة إذا كانت مسألة لها علاقة بالعقيدة، فلهذا لا يجوز التفريق بين القرآن وبين السنّة.

فإذا عرفت هذه الحقيقة وكان معلومًا لديك أن العم والخال هما من المحارم، فلا يهمنك بعد ذلك أنهما لم يذكرا في آية (( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن )) إلى آخره.

وهذا مثاله أيضًا مسألة الرضاع، والأمثلة على هذا كثيرة وكثيرة جدا، من أشهرها وأسهلها فهما على عامة الناس (( حرمت عليكم الميتة )) ، النص القرآني السمك ميتة، الجراد ميتة، فهما بنص القرآن حرام، لكن لا يجوز الإفتاء بناء على هذا النص حتى تضم إليه ما جاء في السنّة، جاء في السنّة: ( أحلت لنا ميتتان ودمان، الحوت والجراد، والكبد والطحال ) .

وجاء في السنة التي هي أصح من هذا الحديث قصة أبو عبيدة بن الجراح لما أرسله النبي عليه صلى الله عليه وسلّم في سريّة إلى اليمن إلى البحر الأحمر فجاعوا حتى اضطر أبو عبيدة أن يجمع التمر من جميع السريّة ويعطي لكل فرد تمرة أو تمرتين حتى نفد الزاد كله.

فأرسل الله إليهم حوتًا ضخمًا جدًا رأوه من بعيد، فذهبوا إليه فإذا هو حوت ألقاه البحر، وكان من الضخامة بحيث أنهم نصبوا ضلعًا من أضلاعه، فكان يمر الراكب على الناقة من تحته، يعني نفق.

فأكلوا منه وتزودوا منه، فلما أبلغوه الرسول عليه السلام خبره قال، طلب منهم أن يطعموه منه.

فهذه ميته، فإذا أخذنا القرآن قلنا حرام، لكن إذا ضممنا إلى هذا النص، قلنا إذًا الآية هنا مطلقة قيّدتها السنة، وكم وكم من نصوص في الكتاب مطلقة مقيّدة بالسنة، عامة مخصصة بالسنة، وهكذا.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت.

السائل : جزاك الله خير يا شيخ.

سائل آخر : جزاك الله خيرًا.

الشيخ : استغفرك وأتوب إليك.

سائل آخر : جزاك الله خير.

الشيخ : ماذا يقول صاحبك؟.

سائل : نعم، قهوتنا بُنيّة، وشربها بالنيّة.

الشيخ : وهذه نكتة مصرية، شو معنى شربها بالنّية؟.

السائل : يعني حسب.

الشيخ : يعني بجوز تكون فرض واجب أو سنة، طيب جزاك الله خير.

مواضيع متعلقة