ذكر كيفية نقل الصحابة للحديث لِمَن بعدهم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر كيفية نقل الصحابة للحديث لِمَن بعدهم .
A-
A=
A+
الشيخ : لنرجع بكم الآن إلى العهد الأول عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لنرى كيف كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ينقلون أحاديث الرسول إلى مَن بعدهم ؛ سواء كانوا من المعاصرين للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكنهم لم يتشرَّفوا بصحبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كاليمانيين الذين كانوا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليمن ولم يتيسَّر لهم أن يَفِدُوا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأرسل إليهم معاذًا ، وأرسل إليهم عليًّا ، وأرسل إليهم أبا موسى الأشعري بفترات متفاوتة .

ماذا قال لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - حينَما أرسله داعيةً إلى الإسلام ؟

قال كما جاء في " الصحيحين " - ولعل الجمهور الحاضر إن شاء الله يذكر هذا الحديث - قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( لِيكُنْ أوَّلَ ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا هم أجابوك فمُرْهم بالصلاة ) إلى آخر الحديث .

الشاهد : الصلاة حكم من الأحكام ، ومع ذلك فقد جاء قبل ذلك أمرُه - عليه السلام - لمعاذ بأن يدعوهم إلى التوحيد ، التوحيد هو أسُّ الإسلام ، وهو أصل كلِّ عقيدة في الإسلام ، تُرى معاذ بن جبل إذا بلَّغهم هذا الأمر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ هذا الخبر خبر متواتر أم خبر آحاد ؟ لا يشك كلُّ ذي لبٍّ وعقلٍ أنه خبر آحاد خبر فرد ؛ تُرى أَقَامَتْ حجة الله ثم حجة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على اليمانيين الذين أُرسِلَ إليهم معاذ بدعوة التوحيد أم لم تقُمْ ؟ الذين أدخلوا فلسفة " حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة " ؛ معنى كلامهم : لا تقوم حجة الله ورسوله بإرسال الرسول لصاحبه معاذ بن جبل وحدَه ، بل كان عليه أن يُرسِلَ عدد التواتر .

ولذلك فأنا قلت لبعضهم مرَّة ممَّن يدَّعي أن خبر الأحاد لا تُؤخذ به عقيدة : قد يذهب أحدكم - أخاطب مَن لا يحتج بحديث الآحاد - قد يذهب أحدكم إلى بلاد من بلاد الكفر يدعوهم إلى الإسلام ، وممَّا لا شك فيه أنه سيدعوهم أوَّل ما يدعوهم إلى العقيدة ، وأول عقيدة في الإسلام هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، لكن هذا الحزب الذي أُشيرُ إليه قد وضع له رئيسُهم فصلًا في كتاب له سمَّى هذا الفصل بطريق الإيمان ، وهذا الطريق هو الذي يسلكونه في الدعوة ، دعوة المسلمين في بلاد الإسلام ، ودعوة الكفار في بلاد الكفر والطغيان .

قلت : فإذا ذهب أحدكم يقرِّر عليهم طريق الإيمان ، وفي هذا الطريق يأتي في آخره حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة ، وكان الناس مجتمعين يسمعون المحاضرة تلوَ المحاضرة إلى أن انتهى من بيان طريق الإيمان ، ومنه أن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة ؛ فقام أحد الذين تتبعوا محاضرات الرجل فقال له : يا أستاذ ، يا فضيلة الشَّيخ ، أنت الآن تعلِّمنا عقيدة الإسلام ، وتذكر فيما ذكرت أن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد ، فأنت واحد من هؤلاء المسلمين الذين جئْتَ من عندهم لتعرِّفَنا بعقيدة الإسلام ؛ هذا على منهجك الذي علَّمتنا إياه لا تقوم حجة الله علينا ؛ لأنك فرد واحد ، فعليك أن تعود إلى بلادك وأن تجلب عدد التواتر لِيشهَدُوا معك على أن هذا هو الإسلام .

فهل هذا هو الإسلام ؟! وأين أنتم من حديث الرسول - عليه السلام - الذي ذكرناه آنفًا حينما أرسل معاذًا وأرسل عليًّا وأرسل أبا موسى أفرادًا يعلِّمون الناس الإسلام ؟!

فَمِن هنا تفهمون أن هذه العقيدة دخيلة في الإسلام لا يعرفها السلف الصالح ؛ تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد ؛ حسبُكم أن يصلكم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صحيحًا بشهادة أهل التصحيح ، وليس بشهادة العقول المَأفونة ، العقول التي لم تتطهَّر بفقه الكتاب والسنة معًا ؛ إذًا يجب تفسير القرآن بسنة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولو كانت ليست متواترة وإنما هي آحاد .

مواضيع متعلقة