معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ الله تجاوَزَ لي عن أمَّتي ما حدَّثَتْ به أنفسها ما لم تتكلَّم أو تعمل به ) وعلاقته بقوله - تعالى - : (( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ، وبيان جواز نسخ القرآن بالسنة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ الله تجاوَزَ لي عن أمَّتي ما حدَّثَتْ به أنفسها ما لم تتكلَّم أو تعمل به ) وعلاقته بقوله - تعالى - : (( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ، وبيان جواز نسخ القرآن بالسنة .
A-
A=
A+
الشيخ : في حديث في " الصحيحين " كأن له ارتباطًا بحديث أبي هريرة السابق ، ولعله أوضح منه ؛ وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إنَّ الله تجاوَزَ لي عن أمَّتي ما حدَّثت به أنفُسَها ما لم تتكلَّم أو تعمل به ) ، هذا الحديث يردُّ على الذين أرادوا أن يفسروا الآيات هذه دون الاستعانة بالحديث ، فقالوا - مثلًا - : (( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ )) هذا الذي يُخفيه الإنسان في نفسه له حالة من حالتين ؛ إما أن يمكِّن ذلك في نفسه وفي قلبه .

السائل : ... .

الشيخ : إي نعم ، فهذا يُؤاخذ عليه ، وإما أن يكون خاطرًا ورد ثم ذهب ؛ فهذا الذي لا يُؤاخذ عليه ، حاولوا هذا توفيقًا بين ما تقدَّم من الآيات وما تأخَّر ، بينما يأتي الحديث الأخير بصورة خاصَّة : ( إنَّ الله تجاوَزَ لي عن أمَّتي ما حدَّثَتْ به أنفسها ما لم تتكلَّم أو تعمل به ) ، فهذا يبيِّن أن الخاطر الذي خطر في بال الإنسان المكلَّف ، ثم تمكَّن من قلبه وعزم على تنفيذه ، ولكنه لم يخرج إلى حيِّز التكليف الذي هو أحد شيئين ؛ إما أن يتكلَّم أو يعمل به ؛ فهذا عفوٌ ومغفرة من الله - عز وجل - لا يُؤاخذ به عباده المؤمنين ، بينما كان قد قال في أول الآية : (( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ، هكذا الآية ، مشي ؟

السائل : إي نعم .

الشيخ : (( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ارتفع قوله - تبارك وتعالى - : (( وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ، لم يبقَ عذاب على ما استقرَّ في نفوس الناس ما لم يتكلَّموا به أو يعملوا به ؛ إذًا نحن بحاجة إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لكي نفهَمَ عفوَ الله وفضله وسعة رحمته في خصوص قوله في الآية السابقة : (( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) فسوف لا يعذِّبُ الله - عز وجل - على ما وَقَرَ في النفوس بشرط عدم التكلم وعدم العمل به .

فهذا أمر عظيم وعظيم جدًّا ؛ حيث أثبت أن الله - عز وجل - بعد أن أنزل أنه يعذِّب أو قد يعذِّب فأصبح بعد ذلك ربنا - عز وجل - تفضَّل على عباده فلا يعذِّبهم على ما وَقَرَ في قلوبهم ، إنما يُقال هنا تُرى هذا نسخ أم تخصيص ؟ ممكن أن يُقال : هذا نسخ ؛ على اعتبار أن قوله - عز وجل - : (( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) نُسِخَ برمَّته ، وليس كلفظة الأقربين التي تشمل عديدًا من الأجزاء ، فخُصِّص هذا النَّصُّ بقوله - عليه السلام - : ( لا وصية لوارث ) ، أما هنا فقوله : (( وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) ارتفع ، فهو بهذا الاعتبار مثال صالح لآية في القرآن نُسِخَت بحديث من كلام الرسول - عليه السلام - ولم يبلغ مبلغ التواتر ، لكن لم تُنسَخ الآية بتمامها من أولها لآخرها ، ولكن نُسِخ منها فقرة من فقراتها ؛ وهو قوله - عز وجل - : (( فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) .

إذًا هذه الكلمة : (( وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ )) نُسِخت ، وحينئذٍ يقول النظر السليم : أيُّ فرق بين أن يُنسخ جزء من آية فيه معنى موثَّق بحديث آحاد وبين أن تُنسخ آية كاملة قد تكون طويلة أو قصيرة بحديث آحاد ؟!

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

أهلًا مرحبًا .

مواضيع متعلقة