يقول القرآنيون : قال - تعالى - : (( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )) ، وقال - تعالى - (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( إن هذا القرآن طرفه بيد الله ، والطرف الآخر بأيديكم ؛ فتمسَّكوا به لن تضلُّوا ) ؛ نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
يقول القرآنيون : قال - تعالى - : (( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )) ، وقال - تعالى - (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( إن هذا القرآن طرفه بيد الله ، والطرف الآخر بأيديكم ؛ فتمسَّكوا به لن تضلُّوا ) ؛ نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشَّيخ ، يقول القرآنيون : قال - تعالى - : (( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )) ، وقال - تعالى - : (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( إن هذا القرآن طرفه بيد الله ، والطَّرف الآخر بأيديكم ؛ فتمسَّكوا به لن تضلُّوا ) ؛

نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك ؟

الشيخ : أما قوله - تعالى - : (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) هذه الآية إنَّما تعني بالكتاب هنا اللوح المحفوظ ولا تعني القرآن الكريم ، إذا رجعتم إلى كتب التفسير فستجدون ذلك واضحًا جليًّا ، (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ )) ؛ أي : في اللوح المحفوظ ، أما (( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )) فإذا ضمَمْتُم إلى القرآن الكريم ما تقدَّمَ بيانه آنفًا ؛ ألا وهو السنة ؛ فحينئذٍ يتمُّ أن الله - عز وجل - قد فصَّلَ كل شيء تفصيلًا ، لكن بضميمة أخرى ؛ فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارةً بالإجمال بوضع قواعد عامة إذا فَهِمَها المسلم دخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها ، فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة يمكن أن يكون ذلك تفصيلًا كما جاء في الآية الكريمة ، وتفصيل من نوع آخر وهو المتبادر من هذه الآية كما قال - عليه السلام - في الحديث الذي أخرَجَه الإمام الشافعي في " سننه " عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : ( ما تركت شيئًا يقرِّبكم إلى الله ويبعِّدكم عن النار إلا وأمَرْتكم به ، وما تركتُ شيئًا يبعِّدكم عن الله ويقرِّبكم إلى النار إلا ونهيتُكم عنه ) .

فالتفصيل إذًا تارةً يكون بالقواعد التي تدخل تحتها جزئيات كثيرة ، وتارةً يكون بالتفصيل لِمُفردات عبادات وأحكام تفصيلًا لا يحتاج الرجوع إلى القاعدة ، من هذه القواعد - مثلًا - التي يدخل تحتها فرعيَّات كثيرة ، وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - على سبيل المثال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، وقوله - عليه السلام - : ( كلُّ مسكرٍ خمر ، وكلُّ خمرٍ حرام ) ، وقوله - عليه السلام - : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ؛ هذه قواعد وكلِّيَّات لا تفوتها شيء مما يتعلَّق بالضَّرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول ، وما يتعلَّق بما يُسكر ؛ سواء كان المسكر مُستَنبَطًا من العنب كما هو المشهور أو من الذَّرَّة أو من أيِّ مادة من المواد الأخرى ؛ فما دام أنه مسكر فهو حرام ، ( كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام ) .

كذلك في الحديث الثالث : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) لا يمكن حصر البدع لكثرتها ، ولا يمكن تعدادها ؛ ومع ذلك فهذا الحديث مع إيجازه يقول بصراحة ما بعدها صراحة : ( كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، هذا تفصيل لكن بقواعد ، والأحكام التي تعرفونها تفصيل بمفردات جاء ذكرُها في السنة على الغالب ، وأحيانًا كأحكام الإرث - مثلًا - المذكورة في القرآن الكريم ، أما الحديث الذي جاءَ ذكرُه فهو حديث صحيح ، والعمل به هو الذي نحن بإمكاننا أن نتمسَّكَ به وكما جاء في الحديث الذي ذكرناه قبل الصلاة : ( لن تضلُّوا ما إن تمسَّكتم بهما ؛ كتاب الله وسُنَّتي ) ، فالتمسُّك بحبل الله الذي هو بأيدينا إنما هو العمل بالسنة المفصِّلة للقرآن الكريم .

نعم .

مواضيع متعلقة