هل يجوز تفسير القرآن بالاعتماد على اللغة فقط دون الرجوع إلى السنة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز تفسير القرآن بالاعتماد على اللغة فقط دون الرجوع إلى السنة ؟
A-
A=
A+
السائل : هذا سؤال يكثر الحديث عنه ولعله كانت الإجابة شافية فيه في بعض الأشرطة لكن لا بأس من الجواب عنه هل يجوز تفسير القرآن بالاعتماد على اللغة فقط دون الرجوع إلى السنة هذا سؤال؟
الشيخ : لا بد لمن يريد أن يفسر القرآن أن يكون على علم باللغة العربية أولا لأن القرآن كما هو معلوم لدى الجميع أنزل بلسان عربي مبين ولكن هذا لا يكفي لو جاء أعرب الأعراب وأراد أن يفسر القرآن بلغته التي بها القرآن نزل لم يستطع أن يحسن تفسير هذا القرآن الذي نزل ذلك لأن هناك في عرف العلماء لغتين اللغة العرفية التي نزل بها القرآن ولغة شرعية ذلك أن الله عز وجل أدخل معني جديدة في ألفاظ وربما بجمل معروفة قديما عند العرب فكالحج مثلا وكالزكاة فالحج لغة هو القصد والزكاة لغة هو التطهير لكن الشارع وضع للفظة الحج معنى هو العبادة التي تعرفونها التي إذا أخل بركن من أركانها لم يكن آتيا بها كذلك الزكاة كذلك الصلاة فالصلاة في اللغة الدعاء (( إن الله وملائكته يصلون على النبي )) لكن الصلاة حينما تطلق فإنما تعني عبادة لها شروطها ولها أركان إلى آخره ولذلك فلن يستطيع أحد مهما كان عليما باللغة العربية أن يفسر القرآن تفسيرا صحيحا إلا بالاعتماد على اللغة الشرعية اللغة الشرعية هذه تؤخذ من مصدرين اثنين من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما جاء بيانه في قوله عز وجل (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فهذه الآية تتضمن أمرين اثنين أحدهما مبيِن والآخر مبيَن فالمبيَن هو ما أنزل على رسول الله من كلام الله ألا وهو القرآن الكريم أما المبيِن فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك بسنته التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام قول منه عليه السلام أو فعل أو تقرير فمن لم يعرف أقواله عليه السلام وأفعاله وما قرره مما رآه واقعا بين الناس فهو لا يستطيع أبدا أن يفسر القرآن وسيخطئ أخطاء فاحشة جدا حتى وقع بعض الأمثلة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما أشكل عليهم قوله تعالى (( ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون )) ( قالوا يا رسول الله من منا لم يلبس إيمانه بظلم؟ ) ذلك لأنهم فهموا الظلم هنا مطلقا وحقيقة ما من أحد بعد الأنبياء معصوم عن أن يقع منه مثل هذا الظلم المطلق ولذلك خافوا أن يشملهم هذه الآية بحيث أنهم لا يكونون مهتدين لأنهم قد تلبسوا بالظلم فقال لهم عليه الصلاة والسلام ( ليس الأمر هذا الذي تقولون ألم تقرأوا قول الله تبارك وتعالى (( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )) ) إذا الظلم المذكور في الآية الأولى هو الظلم المذكور في الآية الأخرى إذا كان أصحاب الرسول عليه السلام أشكل عليهم تفسير الظلم في الآية الأولى فسيشكل على من بعدهم ما هو أهون من هذا الإشكال لهذا لا بد لكل مفسر أن يكون ملما في حدود الاستطاعة بالسنة في أقسامها الثلاثة قوله عليه السلام وفعله وتقريره.

مواضيع متعلقة