درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في اتباع الكتاب والسنة ، قول ابن مسعود : " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
درس " الترغيب والترهيب " ، الترغيب في اتباع الكتاب والسنة ، قول ابن مسعود : " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " .
A-
A=
A+
الشيخ : ... نقرأ ما بقي من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في هذا الباب .

فيقول : وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " ، هذا كلام ابن مسعود ليس حديثًا منسوبًا مرفوعًا إلى النبي - صلى الله ... - .

... هنا في كتاب " الترغيب والترهيب " للحافظ المنذري ، في فصل : الترغيب في اتباع الكتاب والسنة ، وقد قرأنا منه بعض الأحاديث التي صحَّت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الباب ، والآن نقرأ ما بقي من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة في هذا الباب ، فيقول :

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " ، هذا كلام ابن مسعود ليس حديثًا منسوبًا مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإنما هو من كلام عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل المعروف بقِدَم صحبته للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبأنه كان من كبار فقهاء الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين .

يقول هذا الصحابي الجليل : " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة " ، إيش معنى الكلام ؟

يعني لَأَن يعمل المسلم بقليل من السنن الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خيرٌ له من أن يجتهد ويكثر من العمل من البدع التي لم تثبُتْ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وهذا العامل بهذه البدع يظن أنه يعمل خيرًا وهو لا يعمل شيئًا من الخير ؛ لذلك فالعمل بقليل من السنة خير من الإكثار من العمل بالبدعة ؛ أي : البدعة التي يسمُّونها بالبدعة الحسنة ؛ لأنه لا يحسن المقابلة بين السنة وبين البدعة التي يتَّفق الجميع على أنها ضلالة ، إنما يحسن هنا المقابلة بين السنة الثابتة عن الرسول - عليه السلام - وبين البدعة التي عليها شائبة أو مسحة كونها خير ، فالعمل بقليل من السنة الثابت الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خير من الإكثار من هذه البدع التي يظنُّ الناس أنها بدع ؛ لأن العمل بشيء من القليل من الخير محصور بأنه خير ، خيرٌ من العمل بكثير من الأمور التي لا يخفى على الإنسان أن فيها خيرًا وأن فيها أجرًا عند الله - تبارك وتعالى - .

وإذا عرفنا معنى هذا القول عن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان هذا القول في الواقع دليلًا على أن ابن مسعود لا يعرف أن في العبادات ما يمكن أن يسمَّى بالبدعة الحسنة التي يُؤجر ويُثاب صاحبها عند الله ؛ لأنه يرغِّب الناس بالعمل بالقليل من السنة والإعراض عن الإكثار من البدعة ، ولا يمكننا أن نقابل العمل بقليل من السنة بالعمل بقليل من البدعة ؛ لأن غَرَضَ الحديث هذا الموقوف على ابن مسعود ... الناس وصرفهم عن العمل بالبدعة ؛ سواء كثرت أو قلَّت إلى العمل بالسنة ولو شيئًا قليلًا ، فالعمل من السنة مما قلَّ منها خيرٌ من العمل بكثير من البدعة ؛ لأن هذا الكثير هباء وغثاء كغثاء السيل ليس له أجر ، والآثار التي صحَّت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في النهي عن الابتداع في الدين والتمسُّك بالسنة أكثر من أن يُذكر أو يُحصى ؛ فهو - مثلًا - يقول - رضي الله عنه - : " اتَّبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كُفيتم ، عليكم بالأمر العتيق " ، " اتبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كُفيتم " ؛ يعني أن الشارع قد كفاكم من التشريع بما يُغنيكم ويشبع نهمتَكم ورغبتكم في الطاعة ؛ فإذًا ما عليكم إلا أن تتَّبعوا وتتمسَّكوا بالأمر العتيق ؛ أي : ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - .

مواضيع متعلقة