كلمة للشَّيخ الألباني حول معنى التجديد في الحديث : ( إنَّ الله يبعث لهذه الأمة مَن يجدِّد لها دينها على رأس كلِّ مئة سنة ) ، وأن لا عودة للمسلمين لمجدهم الغابر ولا قيام لدولتهم المنشودة إلا بطريق الكتاب والسنة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلمة للشَّيخ الألباني حول معنى التجديد في الحديث : ( إنَّ الله يبعث لهذه الأمة مَن يجدِّد لها دينها على رأس كلِّ مئة سنة ) ، وأن لا عودة للمسلمين لمجدهم الغابر ولا قيام لدولتهم المنشودة إلا بطريق الكتاب والسنة .
A-
A=
A+
الشيخ : الحقيقة أنُّو هذا الحديث : ( إنَّ الله يبعث لهذه الأمة مَن يجدِّد لها دينها على رأس كلِّ مئة سنة ) ، فتجديد الدين ليس معناه بالإتيان ، ليس معناه الإتيان بشيء جديد ، وإنما معناه إزالة ما علقَ بهذا الدين ممَّا ليس منه حتى يعود كما كان جديدًا فتيًّا ، وإذا كان الأمر كذلك فذلك لا يستطيعه إلا العلماء بالكتاب والسنة ؛ لأن المفروض على المجدِّد أن يُعيد بيان الدين للمسلمين في زمنِه كما كان في زمن النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وإذا كان من البدهيَّات أن الذي لم يدرس السنة لا يستطيع أن يبيِّن للناس كيفيَّة وضوء الرسول - عليه السلام - ، أبسط الأمور ؛ لأنُّو هذه أمور عملية ، الرسول - عليه السلام - توضَّأ أمام الناس مئات المرات ، وشاهدوه ، فإذا كان لا يستطيع أن يصف للناس وضوء الرسول - عليه الصلاة والسلام - أولى وأحرى ألَّا ... بين الناس القانون الإسلامي الجامع لكلِّ ما يتعلق بالإسلام من أمور اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية أو سياسية أو تعبُّدية ، فأولى وأحرى أن لا يستطيع عند ذلك إطلاقًا ، وهذا بحث في الواقع طويل وطويل ، ولكن لنضرب على ذلك مثلًا بسيطًا :

لِنقُلْ لأيِّ إنسان يُظَنُّ به العلم : صلِّ لنا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، قد يعجب البعض إخواننا الحاضرين أنَّ هذا الذي يُقال له هذا الكلام إذا كان فهمان نفسه شو هو ، يعني فهمان نفسه أنُّو ما هو عالم بالسنة وإنما هو مقلِّد ؛ راح يقول لك بصراحة : أنا شو بيعرِّفني بصلاة رسول الله ؟! أنا بحكيلك الصلاة اللي درسناها في المذهب ، وإذا كان جاهل أكثر من اللازم ؛ اللازم يكون مقلِّد ؛ لأنُّو لا طريق للتعلم إلا التقليد ، لكن إذا كان جاهل أكثر من اللازم راح يقول لك صلاة الرسول كان إذا قام إلى الصلاة قال : نويت أن أصلي لله - تعالى - أربع ركعات فرض العشاء مقتديًا مؤتمًّا مستقبل القبلة ... إلى آخره ، هَيْ هي صلاة رسول الله ، إلى آخرها ، لكن هو يجهل أنُّو علماء المذهب نفسهم قالوا أنُّو التلفظ بالنية بدعة ؛ يعني الرسول ما قال : نويت أصلي لله - تعالى - إلى آخره ، وهذا المسكين من شدَّة معرفته بصلاة الرسول - عليه السلام - أول ما افتتحها ، افتتحها بمخالفة صلاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - .

هذه حقائق مؤسفة جدًّا لو كان الناس يعلمونها كانت حفزتهم شوية أنُّو يغاروا على سنة الرسول - عليه السلام - ويهتمُّوا بدراستها ، أو يجعلوا المشايخ يهتمُّوا شوية ؛ لأنُّو نحن نشعر بالواقع أنَّ بعض أهل العلم لضعف شخصيَّتهم بينجرفوا مع التيار ؛ إن كان هذا التيار خير أو كان شر ، هذا نحن نعرفه فمنذ قبل عشرين سنة ما كنت ترى خطيبًا يقول في خطبه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا رواه البخاري أبدًا ، حتى اللي ما بيصدق منكم كشباب ما بيعرف التاريخ ما قبل عشرين سنة يشوف هاللي بيسمون دواوين الإيش ؟ المنبرية .

عيد عباسي : خطب .

الشيخ : " خطب المنبرية " ، ما بتشوف فيها حديث مخرَّج إطلاقًا ، لكننا اليوم أصبحنا في كثير من المساجد في عديد من الخطباء نسمعهم يقولون بعدما ذكروا الحديث : رواه البخاري ، رواه أبو داود ، رواه فلان وفلان . وهاللي ما أدرك الحالة السابقة وهو عدم تخريج الحديث على الخطب ، والحالة اللاحقة في التخريج ؛ يعرف السبب ، السبب أنُّو الشباب المسلم صار عنده شوية وعي ، شوية مو كثير ، ولكن كما قيل : " أول الغيث قطرٌ ثم ينهمر " إن شاء الله ، صار الشاب المسلم أو الشباب المسلم عنده شيء من الوعي ؛ بيسمع الحديث كما كان يسمع سابقًا من على المنبر : قال رسول الله ، ينزل الخطيب من على المنبر بيقول له : سيدي الشَّيخ هذا الحديث مين رواه ؟ هَيْ بدعة جديدة ، ما كانوا المشايخ إطلاقًا أن يُسألوا مثل هذا السؤال ، هذا الحديث مين رواه ؟ هذا حديث صحيح ؟ نغمة جديدة فعلًا !!

وهذه صارت بصورة خاصَّة وقوية عندنا في دمشق في " مدرسة الجمعية الغرَّاء " هاللي اسمها جمعية " تنكز " ، " مدرسة تنكز " سابقًا ، من شيء عشرين سنة كان في المدرسة طالبان من لبنان تعرفوا عليَّ وأنا يومئذٍ أعمل في الدكان ساعاتي ، وصاروا يكثروا التردُّد ، فتفتَّحوا هاالشابين هدول من بين كل الطلاب " الجمعية الغراء " فيما يتعلَّق بالحديث الصحيح والضعيف ، ورواه البخاري رواه مسلم ، بعدي مو كل حديث رواه أبو داود ضروري يكون صحيح كالبخاري ومسلم إلى آخره ، صاروا بقى يحضروا الدرس كما كانوا يحضرون ، درس الفقه مدرِّس الفقه جاب حديث ؛ أستاذ من فضلك ، هذا الحديث مين رواه ؟ صمت أول مرَّة ثاني مرَّة بعدين انتبه الشَّيخ أنُّو هدول عم يتثقَّفوا بثقافة غير مدرسية ، مدرِّس التفسير يجيب له حديث في أثناء التفسير ؛ أستاذ هالحديث هذا صحيح ؟ إي والله كمان نغمة هذه !! الخلاصة حقَّقوا دقَّقوا عرفوا أنُّو هدول انعدوا من الألباني ، شو الطريقة ؟ حبسهم وعدم السماح لهم بالخروج من المدرسة ، ما عاد شفناهم إلا فلتات ، شو القصة ؟ ذكروا لنا شو القصة .

الشاهد : فكثرت المطارق على المسامع ؛ هذا الحديث مين رواه ؟ هذا الحديث صحيح ؟ إلى آخره . الخطباء مهما كانوا بشر في عندهم إحساس ، أخيرًا ما وجدوا طريقًا إلا أنُّو يتجاوبوا مع طلبات الشباب هدول ، إذًا لا بد من تحضير الخطبة ولو تحضير حديثين ، ولو من كتاب سهل التناول " رياض الصالحين " للإمام النووي نعمَ الكتاب ، إذًا خُذْ لك كم حديث من الكتاب رواه البخاري رواه مسلم رواه الترمذي ، والله خطبة طيبة ، وهذه ظاهرة " أشكرة " الآن على مسامع الناس اليوم من خطباء من مدرِّسين إلى آخره .

ووجدنا هذا - أيضًا - في رسالة تُؤلَّف ما لها علاقة بعلم الشرع إطلاقًا ، في الأدب في اللغة في النحو يجي حديث ، صار يجي - مثلًا - هذا اللي ما مسك بزمانه كتاب حديث يجي عند الأستاذ الألباني : دَخْلك مر معي في الرسالة حديثين ثلاثة بدي أعرف هدول مصدرهم ، فأنا إن كان مصدرهم قريب التناول يسَّرت له السبيل ، وإلا راجع الكتاب الفلاني راجع ، صار كمان هذا الأديب يقعد يشتغل بكتب الحديث ، كتاب " الجامع الصغير " عمرهم ما مسكوه ؛ صار يرجعوا لكتاب " الجامع الصغير " إلى آخره ، صار في حركة صار في نشاط .

فإذًا إذا وجدنا نحن في أهل العلم نقص من جانب نحن نقدر أنُّو يقدموا لنا هالنقص يستدركوه ويقدموا لنا إياه بطريق لبق وناعم ولطيف ؛ ولذلك فأنا أرى أنُّو كل خطبة تُلقى فيها حديث ذكره الخطيب إن كان صاحبك إن كان شيخك إن كان غريب عنك ... بعد الخطبة لا ، بعد الصلاة ، أنُّو يا أستاذ من فضلك أنت ذكرت الحديث الفلاني ؛ ممكن أعرف مصدره ؟ حتمًا هو ما بيعرف مصدره ، لكن أنت من هون والثاني من هون والثالث من هون راح يصير شيخك ، راح يصير صاحبك ، راح يصير هاللي هو غريب عنك يشتغل بالحديث " غص من عنو " ، ليش ؟ حسب العرض والطلب !! [ الجميع يضحك ! ] .

سائل آخر : ... .

الشيخ : أبدًا ؛ لأنُّو في طلب لازم بقى إيش ؟

سائل آخر : يتعلَّم .

الشيخ : يتفقَّه ، وهكذا ، ونحن عقيدتنا أنُّو المسلمين لا عودة لمجدهم الغابر ولا قيام لدولتهم المنشودة أبدًا إلا بطريق الكتاب والسنة .

مواضيع متعلقة