معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله الله ) ، وبيان بدعية ذكر الله بلفظ : " الله الله " مثل فعل الصوفية . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله الله ) ، وبيان بدعية ذكر الله بلفظ : " الله الله " مثل فعل الصوفية .
A-
A=
A+
الشيخ : وفي حديث آخر : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله الله ) ، وبدهيٌّ جدًّا أنه ليس المقصود من هذا الحديث ، أقول هذا دفعًا للمفاهيم الخاطئة ؛ ليس المقصود من هذا الحديث الصحيح : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله الله ) ؛ أي : يذكر الله بالاسم المفرد ما شاء الله من العدد مئة مئتين ثلاث مئة إلى أن يجنَّ جنونهم ، ليس هذا المقصود إطلاقًا ؛ أي : أن يقول : الله الله الله الله ، هذا ذكر مبتدع شرعًا ولغةً ، أقول الذكر بلفظ : الله الله هو ذكر مبتدع شرعًا ولغةً ، أما شرعًا فلأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولأن الصحابة ومَن تَبِعَهم بإحسان وفيهم الأئمة الأربعة الكرام كل هؤلاء جميعًا لم يُنقل عن أحد منهم شرعية من مثل : الله الله ، مع كثرة الأذكار التي حضَّ عليها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أمته ؛ لا سيما وقد قال : ( خير الكلام أربع كلمات ، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأت : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) ، هذا أفضل الكلام بعد القرآن ، هذه الجمل الأربعة ، وجاءت أحاديث خاصَّة في بيان أفضلية التهليل ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) .

وكتب الأذكار المؤلَّفة في هذا الصدد لبيان ما شَرَعَه الله - تبارك وتعالى - على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - من تلك الأذكار شيءٌ لا يكاد يحيط به أعبد الناس وأعلم الناس ، ولا تجد في شيء من هذه الكتب إطلاقًا ولو في حديث موضوع أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يجلس هو وأصحابه ويذكرون الله بهذا اللفظ : الله الله ؛ لذلك فالذكر بهذا اللفظ المفرد بدعة في الدين ؛ لا سيما مع عدم وروده فهو مصادم للأذكار الواردة كما أشرنا إلى ذلك آنفًا ، أما أنه مبتدع لغةً فقد يكون هذا غريبًا على بعض الناس ، ولكن مَن كان عنده شيء من العلم بآداب اللغة وبنَحوِها فهو يعلم أن هذا الكلام ليس له جواب ، مبتدأ لا خبر له ؛ فهذه جملة مبتورة ناقصة " الله " ، ما باله ؟ لو قيل : الله عظيم ، الله جليل ، الله عزيز ، الله كريم ، الله عليم ؛ كانت جملة تامة ، ثم يبقى النقد من حيث عدم ورودها ، أما فهذه الكلمة " الله " فهي جملة ناقصة لم يأتِ خبرها .

ثم هناك خطأ آخر لا يصح لغةً أن يقال : الله الله ، وإنما تقول : اللهُ اللهُ الله ، إذا وقفت ، أما إذا لم تقف فلا بد من الوصل ، تقول : اللهُ اللهُ اللهُ ، هذا لو صح من حيث المعنى ، لكن الآن نحن نتكلم من حيث التعبير ؛ فلا يصح الوقوف على متحرِّك ، كما أنه لا يجوز التحريك وهو ساكن ... لا يجوز أن يقول : اللهْ اللهْ اللهْ ، وإنما اللهُ اللهُ اللهُ .

إذًا لما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله ) يعني مَن يشهد أن الله وحدَه لا شريك له ، لا يعني وعلى وجه الأرض مَن يذكر الله بلفظ : الله الله ؛ لأن هذا أوَّلًا كما قلنا غير مشروع ، وثانيًا لو كان مشروعًا ؛ هل هو ركن من أركان الإسلام ؟ والواقع أنه كانت جرت مناقشة بيني وبين بعض المشايخ ، وقد احتج بهذا الحديث على شرعية ما يسمُّونه بالذكر المفرد ، فاعترضت عليه بما سبق بيانه ، وبالحديث الآخر الذي هو بلفظ : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : لا إله إلا الله ) هذه جملة التامة ، وهذه مفسِّرة بالرواية الأولى : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله ) ؛ أي : مَن يقول : لا إله إلا الله .

بعد هذا قلنا : لو سلَّمنا جدلًا بأن هذا الذكر مشروع وهو غير مشروع قطعًا ؛ فهل هو ركن ؟ قال : لا . يعني ركن من أركان الإسلام ؟ قال : لا . فرض من فرائض الإسلام ؟ قال : لا . واجب من واجبات الإسلام عندما يفرِّق بين الفرض والواجب ؟ قال : لا . سنة مؤكدة ؟ قال : لا . ماذا سيكون ؟ سيكون سنة مستحبة مندوبة ؛ يعني لها فضل خاص ، قلت : لو فرضنا أن أمة المسلمين حافظوا على عقيدتهم الصحيحة ، وحافظوا على القيام بكلِّ الفرائض والواجبات والسنن كلها ، لكن تركوا مستحبًّا من المستحبات ، ومنها هذا الذكر الذي نعتقد بأنه مبتدع ؛ هل يستحقُّون أن تُقام الساعة عليهم ؟ قال : لا . قلنا : إذًا هذا دليل قاطع على أن تفسير الحديث كما يبدو لبعض الطرقيِّين : ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض مَن يقول : الله ) ؛ يعني : مَن يذكر " الله الله " غير صحيح ؛ لأنُّو لو تركنا هذا الذكر ما نكون شرار أهل الأرض ، وقد قال - عليه السلام - : ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ) ؛ فمن هؤلاء شرار الخلق ؟ هم الكفار ؛ أي : هم الذين لا يشهدون لله بالوحدانية ، ولنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بالنبوَّة والرسالة . هذه جملة معترضة .

مواضيع متعلقة