الرد على المعتزلة و الجبرية في مسائل القدر . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرد على المعتزلة و الجبرية في مسائل القدر .
A-
A=
A+
الشيخ : و لذلك فنحن نقول في موضوع القضاء والقدر الأصل فيه الإيمان الصادق الصحيح و حينما يجري نقاشا بين المعتزلة و الجبرية حيث أن كلاّ من الفريقين يقف بعيدا بعيدا جدّا عن الآخر و كلاهما على طرفي نقيض لأنهم يحكّمون عقولهم دون أن يلاحظوا ما ذكرت آنفا من أنّ الله عزّ و جلّ و أنه تبارك و تعالى: (( ليس كمثله شيء )) فالمعتزلة يلتقون مع الجبرية في رأي واحد لكن الفرق بين الفريقين أن المعتزلة حينما يعملون عقلهم في ذلك الرأي يجدونه لا يلتقي مع العدالة الإلهية فيفرون منه أما الجبرية فيستقرون عليه و يطمئنون إليه, ما هو ؟ إذا قيل بأن الإنسان مقدّر عليه كل عمل يأتيه سواء كان خيرا أو شرا التقى الفريقان أن هذا يعني أنه جبر للإنسان على أن يفعل الخير أو الشر فالتقيا في هذا كلاهما , لكن المعتزلة فروا قالوا لو كان الأمر كذلك لم يبق هناك حكمة لله عز و جل أولا في أن يأمر بالخير و ينهى عن الشر و ثانيا أن يجزي على الخير خيرا و على الشر شرا , أن يجزي على الخير جنّة و على الشر نارا يقول المعتزلة , التقدير مع التكليف لا يلتقيان إذن فرّوا إلى قولهم لا قدر , الجبرية ظلوا على رأيهم أن معنى كون الله عز و جل قدّر على الإنسان الخير و الشر أنه مجبور و ظلوا عليه فأخذ كل من الفريقين يرد الباطل الذي في كل منهما , الباطل في المعتزلة إنكارهم القدر , الباطل في الجبرية تشبثّهم بالقدر و إثبات الجبر و هو أيضا باطل و لذلك الأمر كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يؤخذ الصواب من كل من الفريقين و يترك لهم الضلال , يؤخذ من الجبرية إيمانهم بالقدر بأنه حقّ و يترك لهم القول بالجبر لأنه باطل و يؤخذ من المعتزلة قولهم أن الجبر باطل و ينكر عليهم إنكارهم للقضاء و القدر , فالشاهد فكل من الفريقين تمسّك بحق و ردّ باطلا و السبب أنهم أرادوا أن يعقلوا هذه الصفة الإلهية التقدير الإلهي ( كل شيء بقدر ) كما قال عليه السلام: ( كل شيء بقدر حتى العجز و الكيس ) أرادوا أن يفهموا التصرف الإلهي بعقولهم المحدودة فوقعوا في الضلال , أولئك أنكروا القدر لأنهم لم يستطيعوا أن يوفّقوا بين الإيمان بالقدر و بين الإيمان بأن الإنسان مختار و هؤلاء أنكروا اختيار الإنسان لأنهم لم يستطيعوا أن يوفّقوا بين اختيار الإنسان و بين القدر الإلهي فلذلك قصدي من هذا الكلام أن المؤمن يستعمل عقله و فكره إلى حدّ و بخاصة فيما يتعلق بالصفات الإلهية و من ذلك القدر فهو لا يستطيع أن يحل مشكلة القدر أو بالمعنى الصحيح عقيدة القدر بحيث أنه يفهمه و يخضعه لعقله لا بد من الإيمان و لا بد من التسليم فالاختيار الذي أنكره الجبرية هذا إنكار لأمور بدهية و كما أقول أنا في مثل هذا البحث أنا الآن أتكلم معكم من الذي يشك بأنني أتكلم مختارا و إذا عاند أحدهم و قال لي أنت تتكلم غير مختار , أصمت , إذن أنا أتكلم باختياري و أصمت باختياري هذه مكابرة و جحد للحقائق البدهية لماذا ينكرون هذه الحقائق البديهية يا أخي مكتوب هذا مسجّل نعم مسجّل و لا شكّ و لا ريب ومسجل بعلم و عدل و حكمة و أنا أضرب مثلا بقتل الخطأ و قتل العمد فهذا القتل ذاك كلاهما مقدّر و مكتوب في اللوح المحفوظ و لا شكّ و لا يقبل تأويلا و لا تحويلا و لكن كيف كتب كيف قدّر ؟ حينما نقول قتل العمد و قتل الخطأ بلا شكّ نذكر مع قتل الخطأ عدم وجود الإرادة البشرية قتل و لكنّه ما أراد قتل أما القتل العمد كما يقولون اليوم في لغة القانون قتل عن سابق عزم و تصميم و تخطيط . فأنا أضرب مثلا لهذين النوعين من القتل رجل خطط لقتل رجل منزوي على رأس الجبل و وضع الخطّة الدقيقة للغدر به و قتله فصعد الجبل في ليلة لا قمر فيها كما يقال فقتله . آخر صعد الجبل لأمر ما للنزهة فزلت به القدم و هناك شخص فصدمه فانقلب يتدحرج حتى وصل قتيلا إلى سفح الجبل , ذاك قاتل و هذا قاتل فمن الذي يقول هذا كهذا كلاهما مقدّر إذن يجب أن نفكّر أن القدر الإلهي كما ألمحت في أول كلامي مقرون بالصفات الإلهية الأخرى منها العلم و منها الحكمة فإذا انكشف الغطاء لنا و كنا من قبل لا نعلم شيئا عن صفة هذين القتلين لكن بعد أن وقعت الواقعة عرفنا أن الأول قتل عن سابق عزم و تصميم و تخطيط , أما الآخر فزلت به القدم فصدم شخصا آخر فانقلب هذا الشخص يتدحرج ميّتا , انكشف الأمر أن القتل الأول عمد و القتل الآخر خطأ فالآن تحليل الكتابة الإلهية , كتب الله عز و جلّ أن الأول سيتعمّد و سيخطط و سيعزم على قتل الرجل باختياره فكتبه في اللوح المحفوظ قاتلا عمدا و ادّخر له عذاب جهنّم , أما الآخر فقد كتب أنه سيقتل بغير قصد و بغير إرادة منه و لذلك ما كتب عليه جهنم , فكون إذن الأمر الأول يمثل ما يستحق عليه العذاب و الآخر لا يستحق عليه العذاب ...

أبو ليلى : شيخنا محمد عودة على التليفون .

الشيخ : إذا عدنا إلى سؤالك فما هو الإشكال إذا عرفنا هذه الحقيقة ؟

السائل : الإشكال الذي كان عندي أنه ذكر أحد العلماء بأن , نسيت عبارته معليش يا شيخ لا لا بأن المقدور كذا بأن الشر شر المقدور و ليس شر القادر و كذا .

الشيخ : شر المقدور و ليس إيش ؟

السائل : و ليس شر القادر لأن هذه من أفعال العبد نفسه , خانتني العبارة يا شيخ ؟

الشيخ : ما فهمت .

أبو ليلى : يعني شيخ يقصد ... .

الشيخ : أنت فهمت عليه ؟

أبو ليلى : أنا و الله يا شيخنا .

سائل آخر : أنا فهمت .

الشيخ : هات نشوف .

سائل آخر : لعله يقصد قول بعض الأشياخ أن الله سبحانه و تعالى عندما يقدّر الشر ليس هو الشر في حقيقته كما تكلمت و إنما في المقدور مثلا كجلد الزاني هذا الأمر شر .

الشيخ : هذا مثلت له

سائل آخر : مثلت له نعم .

الشيخ : إيش الفائدة من التعقيب على كلامي !

سائل آخر : هو قال هذا الإشكال الذي قام في ذهني فأنت تكلّمت فيه يعني .

السائل : جزاك الله خيرا .

الشيخ : زال الإشكال يعني ؟

السائل : نعم زال .

الشيخ : جزاك الله خيرا .

مواضيع متعلقة