بعض الجماعات التكفيرية تمتنع من شهود صلاة الجمعة والجماعة مع المسلمين ، فما حجتهم في هذا .؟ وما ردكم عليهم .؟ وما التفسير الصحيح للآية (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بعض الجماعات التكفيرية تمتنع من شهود صلاة الجمعة والجماعة مع المسلمين ، فما حجتهم في هذا .؟ وما ردكم عليهم .؟ وما التفسير الصحيح للآية (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) .
A-
A=
A+
السائل : عندنا في إحدى المدن الهولندية جماعة جاءوا بفكرة ، وهذه الفكرة حسب رأينا منبعها من مصر ، وهي التكفير والهجرة .

الشيخ : التكفير والهجرة نعم ، هذه وصلت إلى بلاد الجزائر .

السائل : ففي إحدى المدن الهولندية في جماعة لا يصلون في المساجد ويكفرون غيرهم من الإخوة كذلك السلفيين الذين يقولون بأنهم يصلون خلف هذا الإمام لأنه مبتدع ولأنه كذا ولأنه كذا ، فهم الآن قالوا : إنهم إذا سمعوا فتوى تجيز لهم أن يصلوا في هذه المساجد التي هي نفس الصورة أو نفس المساجد اللي في البلاد الإسلامية ، نفس الأئمة جاءوا إلى هولندا واشتروا مساجد الحمد لله يعني الجالية الإسلامية ، وجابوا إمام ويعطى له راتب ، فما في فرق بين هذا الإمام اللي مثلاً في المغرب أو في الجزائر أو في مصر وهذا مثلاً في هولندا ، وهم يقولون نحن لا نصلي خلف هذا الإمام ، فذهبت عندهم مرة فقلت لهم يعني ، ناقشتهم شوي ، قالوا لي في الأخير : إن اعتزالنا لهذه المساجد هو تعبير منا على عدم الرضا بهذه البدع وهذه المنكرات الموجودة في هذه المساجد على حد تعبيرهم ، فهل يجوز لهم أن يبقوا على حالتهم تلك أم يصلوا يعني كسائر الناس؟

الشيخ : مشكلة هؤلاء يا أخي أخطر بكثير من الصورة التي ذكرتها ، وهي أنهم لا يصلون في مساجد المسلمين ، وراء امتناعهم من الصلاة في هذه المساجد ليس لأن فيها مثلاً أئمة غير مخلصين في الصلاة وإنما يؤمون الناس مقابل راتب ، أو أن في هذه المساجد كثير من البدع والحوادث ، ليست هذه هي المشكلة ، المشكلة أن هؤلاء هم عندهم كفار ؛ لأنهم أولاً : في البلاد الإسلامية فضلاً عن بلاد هولندا وبولندا وأمثالها وفضلاً، حتى المسلمين الذين يعيشون في بلاد الإسلام كهذه البلاد وغيرهم ، فضلاً عن المسلمين الذين يعيشون هناك في بلاد الكفر ، المسلمون الذين يستوطنون بلاد الإسلام هؤلاء كفار عندهم ، وهم يسلسلون الكفر من الحاكم إلى المحكوم ، ويطبقون قوله تعالى : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) على كل حكام الدول الإسلامية ، لا يفرقون بين أحدٍ منهم ، ثم يسلسلون القضية إلى خادم المسجد ، وليس فقط إلى الإمام ولا المؤذن ، بل ولخادم المسجد ، لماذا ؟ لأن هؤلاء يعينون الحاكم ويرضون بحكمه فيسلسلون الكفر الذي بدءوا بالحاكم إلى أصغر محكوم ، فكل هؤلاء كفار ، ولذلك هم يمتنعون من الصلاة لهذا السبب ، وليس لأنه في بدع أو في أمور أو إخلاص أو ما شابه ذلك .

وهذه شنشة نعرفها من أخزم ، ونحن بلينا هنا ببعض الأفراد من الشباب المسلم الذي كنا نظنه أنه معنا ومنا وفينا ، وفعلاً كنت أتعجب منهم ؛ لأنهم كانوا يستدلون بكتبي ، وينتفعون بها ، ويصرحون بذلك ، فاجتمعنا مع بعضهم هنا كانوا يمتنعون عن صلاة الجمعة وعن صلاة الجماعة ، لا يصلون إطلاقًا ، والسبب هو الذي ذكرته لك آنفًا ، فخطأهم يبدأ من الآية الكريمة حيث فهموها فهمًا خطأ ، ويتلو ذلك أخطاء كثيرة وكثيرة جدًا ، منها : أنهم يخطئون الرواية التي تقول : بأن ابن عباس لما فسّر الآية المذكورة ، قال : " كفر دون كفر " قالوا : هذه رواية غير صحيحة ، وهم جهلة ، لا يعرفون علم الحديث ولا علم الجرح والتعديل ، وإنما دينهم هواهم كالخوارج الأولين تمامًا ، فما أعجبهم فهو دينهم ، وما لم يعجبهم فهم يرفضونه ، وينبذونها نبذ النواة .

فهؤلاء في الواقع قد نجد فيهم جماعة مخلصين ولكنهم ضالون ؛ لأنهم يمشون على غير علم ، فهم بحاجة إلى علماء يقفون لهم بالمرصاد ؛ ولهذا فمجادلتهم يجب أن تبدأ من تكفيرهم للمسلمين ، وهم كما قلت لك أهل أهواء يأخذون من كل نص ما يشتهون ، ربنا يقول : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) يأخذونها بظاهرها .

أولاً : لا ينظرون إلى من سيقت الآية ؟ و هم اليهود ، حيث كان اليهود قسمان :

قسم له السلطة عن القسم الآخر ، ويأخذون منهم إتاوة أو ضريبة أو ما شابه ذلك ، فلما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ووجدوا فيه الصدق والحكم بالحق ، ولكنهم جحدوه حسدًا وبغيًا من عند أنفسهم ، وكما قال رب العالمين في القرآن الكريم : (( يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )) ، مع ذلك قالت طائفة الدون منهم : نحن نتحاكم إلى محمد ، أن هذا الذي يأخذونه منا ، الطائفة الكبرى والعليا عندهم ، هل يحق لهم ذلك؟ فإن أجابكم بما يوافقكم فخذوا به وإلا فارفضوه ، فأنزل الله عزَّ وجلّ هذه الآية أنهم يريدون أن يأخذوا من حكم محمد وهم كفار به ، فأولاً : الآيات تعني بمن لا يؤمن بالإسلام ، ولا تعني بمن يؤمن بالإسلام ولكنه يقصر في تطبيق جانب من جوانب الإسلام ، هذا أولاً .

ثانيًا : هم لا يعلمون حقيقة لغوية وشرعية أن الكفر درجات ، فمثلاً : قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ ) إذًا قتال المسلم كفر ، هل هو الكفر الذي عناه رب العالمين في الآية السابقة (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) ؟ الجواب : لا ، كذلك قوله - عليه السلام - في الحديث الذي يرويه الإمام البخاري في صحيحه من رواية جرير بن عبد الله البجلي ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال لجرير : ( استنصت لي الناس ) سكتهم حتى يسمعوا ما أقول ، فخطب فيهم - عليه الصلاة والسلام - وقال لهم : ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) كفارًا بمعنى خارجين عن الملة؟ لا ، تفعلون فعل الكفار يضرب بعضكم رقاب بعض ، من هنا قال ترجمان القرآن ابن عباس في تفسير الآية الأولى : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) ، قال : " ليس كما يظنون ، إنما هو كفر دون كفر " ، وهذا الحديث صحيح الإسناد لا يمكن لأحد أن يشك فيه ، لكن أولئك لما وجدوه يصدم اتجاههم الخارج عن الإسلام ، قالوا : هذا لا يصح .

وعلى ذلك : قوله تعالى : (( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ )) حكم على الطائفة الباغية بما حكم على الطائفة المبغي عليها ، طائفتان مؤمنتان ، مع إنه الحديث شو قال : ( وقتاله كفرٌ ) إذًا صدق ابن عباس حينما قال : " كفر دون كفر " .

هؤلاء جهلة ويكفيك أن تعلم أنه أغرار ، يعني : شباب ، ما في رجل بلغ من السن الستين والسبعين وهو يدرس العلم ، وليس المقصود بلغ من السن كبير وهو جاهل - لا - ما بلغ سنًا في دراسة العلم ، حتى يعرف الناسخ والمنسوخ ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، ثم يعرف آثار الصحابة ما يصح منها وما لا يصح .

ختامًا أقول : هؤلاء الناس خرجوا عن نصوص من الآيات الكريمة منها ، وبهذا النص أختم هذه الجلسة إن شاء الله ، فإن الساعة الآن الحادية عشرة ، قال تعالى : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ، هؤلاء اتبعوهم غير سبيل المؤمنين ، لأنهم لم يكن معضٌ واحد ، هؤلاء اتبعوا غير سبيل المؤمنين ، لأنه مضى على المسلمين أربعة عشر قرنًا ، وجاءت فيهم الخوارج ، والمعتزلة ، والمرجئة ، ومع ذلك المسلمون حتى الأوائل علي ابن أبي طالب وغيره قال عن الخوارج : " أكفارٌ هم ؟ " قال : " لا ، هم للكفر فروا " أكيد هؤلاء يتجرءون على تكفير كل المسلمين إلا هؤلاء الشرذمة القليلة والتي لم تؤتَ شيئًا من العلم يخولهم أن يصدروا أحكام رهيبة جدًا وهم بالكتاب والسنة جاهلون .

أرجوكم الآن ... .

السائل : لا ، ما في أسئلة ، لكن في قضايا أخرى ما زالت عندنا .

الشيخ : معلش ، تتصل معي في الهاتف إن شاء الله .

السائل : جزئية صغيرة بس يا شيخ بس .

الشيخ : الله يهديك ، تضمن أن يكون الأخير ؟

السائل : إن شاء الله أضمن .

السائل : أنا عندي بعد الأخير - يضحك الطلبة - .

الشيخ : لا لا ، السلام عليكم .

الشيخ : إذا كان أحد له سؤال ، نغتنمها فرصة ، تفضل .

مواضيع متعلقة