الرد على الأشاعرة في قولهم : يجوز لله أن يعذب الطائع ويثيب العاصي ، فيجوز له أن يدخل النبي النار ويدخل إبليس الجنة . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الرد على الأشاعرة في قولهم : يجوز لله أن يعذب الطائع ويثيب العاصي ، فيجوز له أن يدخل النبي النار ويدخل إبليس الجنة .
A-
A=
A+
الشيخ : لكن العجب العُجاب بعد هذا البيان الصَّريح من لغة العرب في تفسير الظلم أن يتدخل لتفسير هذا النص النبوي الإلهي بخلاف ما يدل عليه لغةُ القرآن ، فهناك مثلًا خلاف في علم الكلام بين المذهبين المعروفين أحدهما بالمذهب الماتريدي ، والآخر بالمذهب الأشعري .

في المذهب الأشعري تصريحٌ خطيرٌ جدًّا ينافي الكتاب والسنة في نصوصهما العديدة ، يقولون : " إن الله - عز وجل - يجوز له -هكذا نصه- يجوز تعذيب الطائع وإثابة العاصي " : يجوز عندهم - الأشاعرة - تعذيب الطائع وإثابة العاصي ، بل إن بعض متأخريهم يصرِّحون بما هو أشدُّ خطورة من هذا الكلام وهو كافٍ في الخطورة ، فيقولون : " يجوز لله - عز وجل - أن يُدخل نبيه ومصطفاه - عليه الصلاة والسلام - الذي هو سيد البشر- في النار أسفل السافلين ، وبالعكس أن يدخل إبليس اللعين الرجيم في الجنة وفي الفردوس الأعلى ، يجوز له ذلك وأنه إن فعلَ فما ظلم شيئًا " ، كيف ذهبوا إلى هذا الكلام الخطير المنافي للكتاب والسنة لا سيما هذا الحديث كما سأيزده شيئًا من التوضيح ، لأنهم فسروا الظلم بغير ما سمعتُن من التفسير العربي ، قالوا عندهم : " الظلم هو تصرف المتصرف في مال غيره " ، الظلم عند الأشاعرة هو فقط التصرف في مال الغير ، ولما كان الناس جميعًا مِن أنس وجن وملائكة عبيدين مملوكين لله - عز وجل - والله هو المالك الحق فيجوز له أن يتصرف في ملكه كما يشاء ، فإذا ألقى بالنبي - عليه السلام - في أسفل السافلين ورفع إبليس الرجيم في أعلى درجات الجنان فهو يتصرف في ملكه كما يشاء وهذا ليس من الظلم لأنه يتصرف في ملكه ، فلما يُجابهون بالآيات الصريحة أنَّ الله - عز وجل - لا يظلم الناس مثقال ذرَّة (( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )) آيات كثيرة معروفة في القرآن وبمثل هذا الحديث ، يقولون : هذا كله بدهي أن الله - عز وجل - لا يفعل ، لا يظلم ، ولكنه لو فعل لم يكن ذلك نقصًا فيه ، لأنه يتصرَّف في ملكه كما يشاء ، هكذا يقولون ، لكن هذا في الحقيقة خطأ من ناحيتين : الناحية الأولى : الناحية العربية أن الظلم ليس هو التصرُّف في مال الغير فقط وإنما هو كما ذكرنا آنفًا : " وضع الشيء في غير مكانه اللائق به " ، يدخل في هذا التعريف أن يأخذ مال الغير ، فمال زيد يأخذه عمرو فيضعه إلى ماله هذا ظلم وبغي ولكن ليس هذا هو الظلم فقط ، وإنما دائرة الظلم أوسع كما دل على ذلك نص الإمام الراغب الأصفهاني ، فحينما يتصور أحدهم بأنه من الممكن أن يُدخل أتقى الناس النار وأشقى الناس في الجنة فهذا وضع الشيء في غير محله بلا شك ، لذلك يكون هذا خلاف النص اللغوي الآتي في القرآن وفي الحديث .

ثانيًا : لو كان الأمر كما زعمت الأشاعرة وهو أن التصرف في ملك الغير هو الظلم فقط وبناء على ذلك فإذا تصرَّف الله - عز وجل - في شيء مما يبدو لنا أنه ظلم فليس بظلم لأنه لم يتصرف في ملك غيره ، لو كان هكذا ، لم يكن هناك معنًى لتنزُّه الله - عز وجل - عن نسبة الظلم إلى نفسه في تلك الآيات وفي هذا الحديث ما دام أنَّ الظلم لا يمكن أن يُتصوَّر صدوره منه ، لأنه مهما فعل بكون عم يتصرف في ملكه ، فحينئذٍ ما معنى تنزه الله - عز وجل - عن الظلم وهو لا وجود له إطلاقًا مهما كان تصرُّف ربِّ العالمين .

مواضيع متعلقة