تتمة شرح قول ابن مسعود رضي الله عنه : ( ... ولا أن يعد أحدكم ولده شيئاً ثم لا يُنجز له ). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح قول ابن مسعود رضي الله عنه : ( ... ولا أن يعد أحدكم ولده شيئاً ثم لا يُنجز له ).
A-
A=
A+
الشيخ : لذلك قال ابن مسعود : " لا يصلح الكذب في جد ولا هزل ولا أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا يُنجز له " : هذه نقطة تعالج أمرًا يقع فيه كثير من الآباء والأمهات في تربيتهم لأولادهم حيث قال ابن مسعود عطفًا على جملة : لا يصلح الكذب في شيء من الجد والهزل : ولا أي : ولا يصلح أيضًا . " أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا ينجز له " علمًا بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال في بعض الأحاديث الصحيحة : ( أنت ومالك لأبيك ) وقال في حديث آخر : ( لا يحلُّ لرجل أن يرجعَ في هبته إلا الوالد مع ولده ) وفي حديث ثالث : ( الذي يرجع في هبته كالكلب يرجع في قيئه ) : هذا التشبيه خطير جدًّا فيه لوم من يهب لإنسان هبة ما ثم يسترجعها ويندم عليها ، مثل هذا العائد في هبته كالكلب يرجع في قيئه : يرجع في قيئه : بمعنى الشيء الذي استفرغه يستعيده ، كيف يستعيده وهو شيء قبيح ؟! هذا مثل ذلك الذي يهب إنسانًا ما شيئًا من ماله ثم يرجع فيه . لكن الوالد مع الولد يجوز له ذلك ، أي : يجوز للوالد أن يرجع عن هبته التي قدمها لابنه ، ومعنى يجوز هنا ينفذ ، بخلاف ما لو كانت الهبة موجهة إلى رجل آخر غير الولد فالعود هنا لا يعتبر نافذًا يعني ليس له الرجوع . مثلًا رجل اشترى حاجة من تاجر وقبل أن يتفرَّقا يجوز للشاري أن يرجع في شرائه على التاجر ، يقول له : أنا عدلتُ ، ما في مانع شرعًا إطلاقًا لكن بشرط قبل أن يتفرَّقا وليس على هذا النادم في شرائه أي إثم وأي ذنب وأي ... ، لكن الجواز المذكور في حديث رجوع الوالد في هبته إلى ولده يعني أن الشرع أي القضاء يحكم له بالرجوع لكن هل يحسن هذا ؟ هذه مسألة أخرى . الجواب في حديث ابن مسعود حين قال : " لا يصلح الكذب في جدٍّ ولا هزل " قال " ولا أن يعد أحدكم ولده شيئًا ثم لا يُنجز له " هذا أبلغ في منع الوالد من رجوعه عن هبته التي قدمها لابنه لأنه يقول : إنه لم يهب له لأنه كل ما في الأمر أنه وعده ، مع ذلك فهو يعتبر أنه ليس من مكارم الأخلاق أن يعد الوالد ولدًا له بشيء بعطية ثم لا ينجز له لا ينفذ ذلك له ، هذا لا يصلح في الإسلام لكنه إن فعل الوالد شيئًا من هذا مع ولده نفذ لكنه مع المخالفة للآداب الإسلامية .

خلاصة هذا الباب : هو ما ذكرته في تضاعيف الكلام السابق أن المسلم عليه أن يلتزم دائمًا وأبدًا الصدق في كلامه وأن يبتعد دائمًا وأبدًا عن الكذب فيه إلا ما اضطررتم إليه ، فحين ذاك هذه الضابطة إلا ما اضطررتم إليه ممكن نجعل ضابطة للناس خاصة الذين لا فقه عندهم فيما يجوز لهم من الكذب بين الزوجين وفي الإصلاح بين الناس ، حتى لا تفسد باسم الإصلاح العلاقات بين الزوجين بسبب التوسع في الترخص في استعمال الكذب بينهما أي بين الزوجين . نسأل الله - عز وجل - أن يطبعنا بطابع الصدق في كلامنا دائمًا وأبدًا ويكتبنا عنده من الصِّدِّيقين . والسلام عليكم .

مواضيع متعلقة