تتمة شرح أثر قيس بن عاصم : ( فإذا متُّ فلا تنوحوا فإنه لم ينح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ) ، وفيه التحذير من النياحة على الميت، وجواز الدفن بمكان لا يعلم عند خوف نبشه من عدو ونحوه. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح أثر قيس بن عاصم : ( فإذا متُّ فلا تنوحوا فإنه لم ينح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ) ، وفيه التحذير من النياحة على الميت، وجواز الدفن بمكان لا يعلم عند خوف نبشه من عدو ونحوه.
A-
A=
A+
الشيخ : كمان من وصية الرجل : " فإذا متُّ فلا تنوحوا فإنه لم ينح على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا مت فادفنوني بأرض لا تشعر بدفني بكر بن وائل فإني كنت أغافلهم في الجاهلية " : هنا كلمة كان ينبغي الوقوف عندها لكن الوقت ضيق فنقول : وصية الرجل بقوله : " وإذا متُّ فلا تنوحوا " يعني إذا جاءني اليقين والموت فلا تبكوا عليّ بكاء صياح ، فبكاء الصياح هو النوح وهذا محرم في الإسلام لا سيما إذا كان النَّوح مِن النساء ، أما بكاء الدمع بكاء حزن فهذا جائز وهذا أمر فطري وطبيعي ، فقد بكى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على بعض أولاده منهم إبراهيم ومنهم زينب بنته - عليه الصلاة والسلام - ، لكن هذا البكاء كان بكاء رحمة وحُزن للمفارقة ولم يكن بكاء نوح وصياح كصياح الجاهلية ، هذه آخر وصية أوصى بها هذا الرجل أولاده ، وكل وصية منها تصح أن تكون وصية لكل فرد من أفراد المسلمين .

أما وصيته الأخيرة فهي وصية خاصة لا تتعدى غيرَه وهي قوله : " وإذا مت فادفنوني بأرضٍ لا تشعر بدفني بكر بن وائل ، فإني كنت أغافلهم في الجاهلية " : في الجاهلية كانوا كما نعلم جميعًا قبائل كما قال بعض الشعراء : " يقتل بعضهم بعضًا ظلمًا " " " ولا يخاف حرجًا وإثمًا " ثم هذا الرجل أسلم وبطبيعة الحال حسن إسلامه لكن خشي أن تثور النعرة الجاهلية في بعض من كان غافلهم في الجاهلية وقتل منهم ، والإسلام يجُبُّ ما قبله ، فخشي أنه إذا دفن في مكان فيتنبه بكر بن وائل أي : بعض أفراده فيأتون وينبشون قبره ، فأوصى بهم أن يدفنوه في أرض لا يعرفها بنو بكر بن وائل ، لأنه لهم ثأر عنده في الجاهلية فقد يكون ثأرهم منه بأن ينبشوا قبره وهذا لا يجوز إسلاميًا .هذه آخر وصية أوصى بها قيس بن عاصم أولادَه -- رحمه الله -- وجعلنا نتمثل وصاياه هذه كلها ونعمل بها .

وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة