شرح حديث حذيفة رضي الله عنه : ( كُنا مع حذيفة فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا يدخل الجنة قتات ) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث حذيفة رضي الله عنه : ( كُنا مع حذيفة فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لا يدخل الجنة قتات ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الباب الذي يليه هو : " باب النمام " .روى فيه بإسناده الصحيح عَن هَمَّامٍ : كُنَّا مَعَ حُذَيفَةَ . فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ رَجُلًا يَرفَعُ الحَدِيثَ إِلَى عُثمَانَ . فَقَالَ حُذَيفَةُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - يقولُ : ( لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ قتَّاتٌ ) .

كنا مع حذيفة : حذيفة بن اليمان رجل من مشاهير أصحاب الرسول - عليه السلام - وكان له خصوصية منه لم يشاركه فيها أحدٌ غيره ، ذلك أنه كان صاحب سر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وبذلك أنه كان عنده أسماء المنافقين الذين لا يعلمهم أحد من البشر إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم حذيفة كان صاحبَ سر الرسول - عليه السلام - فكان يعلم أسماء هؤلاء المنافقين ولذلك كان عمر مع فضله ومع أَنه كما قال - عليه الصلاة والسلام - فيه : ( ما سلكت فجًّا إلا سلكَ الشيطان فجًّا غير فجِّك ) مع هذا كان عمر يأتي إلى حذيفة فيناشده ويسأله هل أنا مذكور في أسماء أولئك المنافقين ؟! فيبشره بأنه لا .هذا حذيفة قيل له : " إن رجلًا يرفع الحديث إلى عثمان " : هذه الجملة جملة عربية ولكن طرأ عليها اصطلاح في علم الحديث ، فهي من الناحية العربية يرفع الحديث إلى عثمان معناه ينم ، والنميمة أظن لا أحد يجهل معناها ، لكن القتَّات المذكور في الحديث يفسّر بتفسير أدق شوي من النمام فنقول : يرفع الحديث يعني ينم ، وما معنى ينم هو : يسمع الحديث بين الناس يكون جالسًا فيسمع من واحد يسب آخر ، أو بيطعن فيه بحق أو بباطل ، فما يكون من هذا النمَّام إلا أن ينقل هذا الكلام إلى الذي طُعِن فيه بقصد الإيقاع بين الطاعن وبين المطعون فيه ، فهذا الرجل كان يرفع الحديث إلى عثمان : بمعنى كان يجلس مع الناس فيسمع ماذا يتحدث الناس عن عثمان ، لعل الكثيرات منكن يعلم إنه في زمن عثمان كانت فتن كثيرة وكثيرة جدًّا ، وكان عاقبة ذلك مع الأسف الشديد أن ثار طائفة من الناس عليه وقتلوه في بيته وهو يتلو كتاب الله ، فلا شك أن كل فتنة حينما تعظم تكون مقدمات تقدَّمتها قبل ذلك ، كما يقال : " وما معظم النار إلا من مستصغر الشرر " ففي هذا الجو في زمن عثمان بن عفان كان هناك رجل يجلس في مجلس فيسمع فلان شو عم يتكلم ضد عثمان فيسارع ويقول لعثمان : فلان قال فيك كذا وكذا ، يريد أن يولج عثمان بهذا الإنسان الذي تكلم فيه ، هذه هي النميمة .لما قيل لحذيفة بن اليمان أنّ هناك رجل يرفع الحديث يعني ينقل الحديث إلى عثمان على طريق الإفساد والنميمة هذا هو المعنى اللغوي ، لكن المعنى الاصطلاحي يرفع الحديث اختصار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، كم في فرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي : يرفع الحديث يعني ينمّ ، يرفع الحديث يعني ينسبه إلى الرسول - عليه السلام - ، فإذا جاءت مثل هذه العبارة يرفع الحديث ما في سياق وسباق يفهمنا بأنه يقصد المتكلم النميمة فمعنى يرفع الحديث أي : ينسبه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أما هنا فواضح جدًّا أن المقصود من قوله : يرفع الحديث إلى عثمان أي : ينقل الكلام الذي سمعه من الطعن في عثمان إلى عثمان بقصد إغراء عثمان عليه والإفساد بينهما ، فكان جواب حذيفة أن قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( لا يدخلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ ) : من المشهور تفسير القتات بالنمام ، وهذا معناه لا يدخل الجنة نمام ، ولكن بعض العلماء ذكر تفصيلًا للنميمة ، وحمل على وجه من وجوه ذاك التفصيل هذا اللفظ القتَّات : إذا كان الرجل يجلس في المجلس بين الناس علنًا فيسمع فلان شو عم يقول فلان ثم ينقل فهذا هو النمام ، أما الذي لا يجلس مع الناس وإنما يتنصت من وراء حُجُب ، الناس لا يعرفون أن هناك مثل جاسوس يعني ، لا يعرفون أن هناك إنسان يتجسس عليهم فيسمع كلمة فيها طعن في شخص فسُرعان ما ينقلها إلى ذاك الشخص المطعون فيها بقصد الإفساد - أيضًا - هذا معنى القتَّات .

مواضيع متعلقة