فائدة : معنى اللعن وحكمه . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : معنى اللعن وحكمه .
A-
A=
A+
الشيخ : ومعنى اللعن كما أظن تعلمون جميعًا هو إبعاد الملعون عن رحمة الله - عز وجل - ، أي : الدعاء عليه بأن يبعده الله - عز وجل - عن رحمته إبعادًا كليًّا تامًا ، ولا يستحق مثل هذا اللعن أو مثل هذا الدعاء إلا من كان كافرًا بالله - تبارك وتعالى - ، حتى لقد اختلف العلماء في جواز لعن الكافر فضلًا عن المؤمن الفاسق ، اختلفوا في لعن شخص معيَّن فذهب الجمهور إلى أنه لا يحوز أن يلعن المسلم شخصًا معيَّنًا لذاته ، وعللوا ذلك بأن هذا الشخص المعين لا يدري أحد عاقبة أمره ، والرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يقول : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) فلا يجوز من أجل هذا لعن شخص معيّن لذاته اللهم إلا أن يكون قد مات وعرفنا أنه مات يقينًا على الكفر ، ففي هذه الحال يجوز لعن هذا الشخص المعيّن ، ولكن مع ذلك يرى بعض العلماء أنه حتى في هذه الحالة لا يحسن أن يلعن ليس لأن هذا الملعون لا يستحق اللعنة وقد مات كافرًا بالله ، وإنما حتى لا يعوِّد الإنسان المسلم لسانه على اللعن ، من هذه الزاوية فقط قالوا بالنسبة للكافر المقطوع بوفاته على الكفر قالوا لا يستحب لعنه تأديبًا للفظه ولسانه ، وقد اختلفوا أشد من هذا الاختلاف في لعن مسلم معيّن بشخصه فيما إذا قصد أمرًا يستحق اللعن عليه ، فالجمهور منهم قالوا أيضًا لا يجوز ، لكن الواقع أننا نرى في السنة ما يشهد على جواز لعن الشخص الظالم بعينه تأديبًا له وردعا له عن ظلمه ، وأظن أنه قد كان مرّ بنا في كتاب إما في نفس الكتاب أو تعليقًا على بعض أحاديث تلك القصة التي فيها أسلوب من أساليب الرسول - عليه الصلاة والسلام - اللطيفة في تربية الباغي والظالم ، وفيه أن بعض الصحابة استعملوا لفظة اللعن في ذلك الجائر الظالم ، وأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أقرّهم على ذلك ، والواقع أنه كانت نتيجة هذا الأسلوب في سب ولعن الظالم أن ارتدع عن ظلمه ، تلك القصة خلاصتها أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكي جاره ، فأمره الرسول - عليه السلام - بالصبر فصبر ثم نفذ صبره فعاد شكيا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهكذا ، فلما علم - عليه الصلاة والسلام - بأن هذا الجار مظلوم ومضرور قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( إيت متاع دارك ، واجعَلْه على قارعة الطريق ) ففعل ولا شك أن هذا الإلقاء يعني واحد يخرج عفش بيته ويُجعل في الطريق أمر يسترعي اهتمام الناس ويُلفت أنظارهم ويجعلهم يتساءلوا : مالك يا فلان ؟ فما يكون منه إلا أن يقول : فلان جاري ظلمني ، فما يكون منهم إلا أن يقولوا : قاتله الله لعنه الله ، فصاروا يدعون : قاتله الله لعنه الله والجار يسمع بأذنيه ، فما كان منه إلا أن بادر إلى النبي تائبًا يرغب في أن يعود جاره المتاع إلى بيته .فمثل هذه الحادثة تدلنا على أن لعن الظالم بعينه تأديبًا له بعينه جائز ، ولكن هذا يكون بهذا الغرض وهذا القصد فلا يزال حديث هذا الباب مُحكما يعني حكمه ساريا في الشريعة لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا يعني دائمًا لفظة اللعن تسبق من فمه ونحو ذلك طبعًا كل الألفاظ الكريهة البذيئة ، وأشبه ما يكون شبها باللعن الذي لا يجوز هو ما يغلب على كثير من العامة من سب الدين والعياذ بالله ، فلا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتلفّظ بمثل هذه الألفاظ التي لو قصد المتلفظ بها معناها لخرج من دين الله كما تخرج الشعرة من العجين ، وأقل ما يقال في الذي يتلفظ بهذه الألفاظ المكفّرة أنه يعرض نفسه للمعاقبة العادلة لو كان هناك حكم إسلامي ...ولذلك جاء الحديث مقرِّرًا لمبدأ ولأدب إسلامي فيقول : ( لا ينبغي للمسلم أن يكون لعَّانًا ) .

مواضيع متعلقة