شرح أثر ابن عباس رضي الله عنهما : ( النعم تكفر والرحم تقطع ولم نر مثل تقارب القلوب ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح أثر ابن عباس رضي الله عنهما : ( النعم تكفر والرحم تقطع ولم نر مثل تقارب القلوب )
A-
A=
A+
الشيخ : وثالثًا وهو قوله عن ابن عباس قال : " النِّعَمُ تُكْفَرُ ، والرَّحِمُ تُقطَعُ ، ولَم نَرَ مِثَل تَقَارُبِ القُلُوبِ " . هذا حديث موقوف أي من كلام ابن عباس وليس من كلام الرسول - عليه الصلاة والسلام - . يتحدَّث ابن عباس في هذا الأثر الموقوف عن أمر واقع بين الناس إلا من عصم الله وقليل ما هُم فيقول : " النّعم تُكفر " يعني بدل أن يُشكر خالقها والمنعم بها على عباده فهؤلاء العباد إلا من رحم الله كما ذكرنا يكفرون نعمة الله عليهم وينكؤونها فكأن ابن عباس يريد أن يقول : وهذا لا يجوز أن يصدر من مسلم فينبغي ألا يكون من هؤلاء الذين يكفرون بنعمة الله - عز وجل - وإنما هم يقومون بشكره - تبارك وتعالى - ، كذلك في الفقرة الثانية يقول : " والرّحم تُقطع " أي : فلا تكن أيها المسلم أو أيتها المسلمة من هؤلاء الذين ينكرون نعمة الله عليهم أو يقومون بقطع الرحم لما سبق معنا في درس مضى من قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا يدخل الجنَّةَ قاطعُ رحم ) فقطع الرحم من الذنوب الكبائر التي جعلها الله - عز وجل - سببًا لوصل من وصل الرحم وقطع من قطع الرحم ، ومن قطع الرحم ولم يوصلها كان عقابه عند الله - عز وجل - أن يحرّم عليه دخول الجنة إما دخولًا مطلقًا وذلك إذا استحل هذه المعصة بقلبه ، وإما دخولًا مع السابقين الأولين فيحرُم أو يحرّم ذلك عليه حتى يدخل النار ويتطهر من أوضار وأوزار هذه المعصية الكبيرة ألا وهي قطع الرحم ، بعد ذلك إن كان بقي في نفسه أثرًا من شهادته لله بالوحدانية ولنبيّه بالرسالة فهذه الشهادة تنجيه من الخلود في النار ، لكن بعد العذاب الأليم الشديد .فإذا كانت النّعم تّكفر والرّحم تقطع فابن عبّاس يوجّه المسلمين ألا يكونوا من ؤلائك الناس الذين يكفرون بالنّعم ويقطعون الأرحام .ثم يقول : " ولم نر مثل تقارب القلوب " أي : لم نرّ في المودة والمحبة أن يتقارب الناس بعضهم مع بعض في قلوبهم ولا تباغضون فيكون نتيجة ذلك أن يتفرقوا وأن تذهب ريحهم كما هو صريح القرآن الكريم .

مواضيع متعلقة