بيان حكم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمدًا واختلاف العلماء في الحكم عليه. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان حكم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمدًا واختلاف العلماء في الحكم عليه.
A-
A=
A+
الشيخ : ولذلك اختلف العلماء علماء الحديث بصورة خاصة في حكم من كذب على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عامدًا متعمدًا هل هو كافر مرتد عن دينه أم هو فقط فاسق يستحق عذاب ربه كما أفاده هذا الحديث ولكنه لا يخلد في النار لأنه مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؟ اختلفوا على قولين اثنين : منهم من حكم بكفره أي ردته عن دينه ، ومنهم من لم يوصله إلى هذا الدرك من النار وإنما حكم عليه لأنه فاسق ، وهذا الحكم الثاني هو الأرجح بالنسبة لأدلة الشريعة الإسلامية لأنه قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( مَن قال : لا إله إلا الله ؛ نَفَعَتْه يومًا من دهره ) ؛ أي : إنه لا يخلد في النار وبدليل أحاديث الشفاعة وهي كثيرة جدًّا ، وفيها أن الله - تبارك وتعالى - يقول لملائكته بعد أن شفع في أهل النار الأنبياء والأولياء والصالحون يقول ربُّ العالمين : ( شفعت الملائكة ، وشفعت الأنبياء ؛ فلم يبقَ إلا شفاعتي ، أخرجوا من النار مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة من إيمان ) ؛ لذلك فمهما فعل المسلم من ذنوب وآثام فلا بد أن يخرج يومًا ما من النار ، لكن لا يستسهلن أحد هذا الحكم حينما يقول العلماء في بعض العصاة أنهم يستحقون دخول النار العذاب في النار ولكنهم سيخرجون يومًا ما ، لا يستسهلن أحد هذا الحكم فيقول الأمر سهل ما دام أنه سيخرج يوم ما من النار لأننا نقول إنه جاء في الأحاديث الصحيحة أن المسلمين الذي يخرجون من النار يوم القيامة يخرجون وقد صاروا حمما سودًا يعني فحم حطب محروق ، فالأمر خطير وخطير جدًّا ، فلا يستسهل أحد من الرجال والنساء ارتكاب المعاصي بحجة أنه يوم ما سيخرج من عذاب النار نقول : هذا الرأي الثاني في حكم من تعمد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما هو من كذب وضميره يؤنِّبه يعني معترف بأن هذا الكذب هو حرام حرمه الله على لسان نبيِّه - عليه الصلاة والسلام - ، ولكن النفس الأمارة بالسوء التي تسول لصاحبها ارتكاب أي ذنب كان مهما كان كبيرًا فيبقى هناك شيء من الإيمان في قلب هذا المستحل للإثم وللذنب ألا وهو الاعتراف بأن هذا ذنب حرمه الله - تبارك وتعالى - ، فهذا الإيمان الباقي في قلب هذا المرتكب لما حرم الله أي محرم كان ومنه ما نحن فيه الآن وهو التقوُّل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن كان المتقوِّل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشعر بأنه ارتكب إثمًا ووقع جرمًا يستحقُّ العذاب عليه فهذا الاعتقاد يشفع له يوم القيامة أن يخرج من النار بعد العذاب الذي يستحقُّه ، أما إن كان يستحل الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو مرتد بمجرَّد هذا الاستحلال مرتد عن دينه فهو في الدرك الأسفل من النار مع المنافقين لأنه يتظاهر بالإسلام ومن جهة أخرى يستحل الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .وقد ترد ههنا شبهة وهي أنه إذا كان الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والكاذب غير مستحله قلبًا فسق إذا كان هذا فسقًا فما الفرق بين الكذب على رسول الله وبين الكذب على غيره وهو أيضًا فسق وحين ذاك أي فسق وقع فيه المسلم فإن كان استحله بقلبه فقد ارتدَّ عن دينه سواء كذب على محمد بن عبد الله أو أي مسلم من المؤمنين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استحل ذلك بقلبه فهو مرتدٌّ عن دينه وإذا لم يستحلَّه بقلبه فهو فاسق فما الفرق حين ذاك بين الكذب على رسول الله وبين الكذب على غيره ما دام النتيجة أنه لا يكفر لا بهذا ولا بهذا ؟ الجواب : أن الكذب بلا شك درجات الكذب هو كله إثم وذنب ، ولكن ليس كل نوع من أنواع الكذب يشابه الأنواع الأخرى فالكذب درجات ككل ذنب ومعصية ، الزنا درجات والسرقة درجات و وإلى آخره ، فالذي يسرق درهمًا ليس كالذي يسرق دينارًا ، والذي يسرق دينارًا ليس كالذي يسرق دنانير ، فالذي يكذب على مشرك كافر لأنه كذب فهو إثم لكن لو كذب على مسلم يزداد الإثم ، لو كان هذا المكذوب عليه مسلمًا فاسقًا فإذا كان مسلمًا صالحًا فالكذب أشدُّ إثمًا ، وهكذا دواليك إلى أن يصل الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيكون هذا النوع من الكذب أكبر الإثم ليس بعده إلا الكفر بالله - تبارك وتعالى - ، فهذا كلمة حول التقول على الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأن صاحبه ينبغي عليه أن يهيِّئ نفسه للنار ويتَّخذ مكانًا منها .

مواضيع متعلقة