فائدة : هل المثلية في قوله صلى الله عليه وسلم: ( الدال على الخير كفاعله ) مثلية تامة من كل الوجوه ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
فائدة : هل المثلية في قوله صلى الله عليه وسلم: ( الدال على الخير كفاعله ) مثلية تامة من كل الوجوه ؟
A-
A=
A+
الشيخ : وهاهنا مسألة : هل هذه مثلية مثلية تامة من كل الوجوه بمعنى أن ذلك الرجل الذي حمل المبدع به والذي انقطع في الطريق ، هذا الرجل الذي حمله وأعاره دابته لو فرضنا أن الله - عز وجل - كتب له ألف حسنة فهل يكتب للذي دل عليه ألف حسنة هل هذا هو معنا قوله - عليه السلام - في هذا الحديث فله مثل أجر فاعله ؟الجواب : لا ، لأن المثلية لا تقتضي المشابهة من كل وجه ، حينما يقول فلان مثل فلان لا يعني من كل ناحية وإنما من الناحية التي هو في صدد التحدث عنها ، هذا مثاله تمامًا في علم البلاغة حينما يقول : فلان مثل الجبل فلا يقصد بأنه حجر أصم لا يسمع وإنما هو مثل الجبل في الثبات والصمود وعدم تزعزعه أمام الجوارف والتيارات المختلفة ، وأشهر من هذا المثال حينما يقال : زيد أسد فكل إنسان يفهم أن هذا الواصف لزيد بالأسد لا يعني أنه كالأسد من جميع الوجوه فمثلًا الأسد له ذنب فهو لا يعني أن زيد له ذنب ، إذن ماذا يعني ؟ في صدد التشبيه يعني المبالغة في الشجاعة فيزد أسد أو كالأسد يعني في الشجاعة ، وهكذا إذا جاء في الحديث أن من فعل كذا فله مثل فلان ، فالمماثلة هنا ليست من كل الوجوه ، ومثل هذا الحديث يأتي في أحاديث كثيرة مثلًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن فطَّرَ صائمًا فله مثلُ أجرِه ) الصائم الذي صام طوال النهار فلما أنا آتي به مساءً أفطره عندي فأنا لي مثل أجره ، ولكن إذا كتب لهذا الصائم ألف حسنة فأنا لمجرد أني فطرته فلي ألف حسنة أيضًا ؟ الجواب التشبيه هذا لا يقتضي المماثلة من جميع الوجوه ، من فطر صائمًا فله مثل أجره أي قريبًا من أجره .وكذلك الحديث الآخر الذي يقول فيه الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( من أتى مسجد جماعة فوجدهم قد صلوا ، ثم صلى وحده ؛ كتب له مثل أجر صلاتهم ) ، هؤلاء الذين صلوا جماعة للذين تأخروا وفاتتهم صلاة الجماعة مثل أجرهم ترى الذي أدرك صلاة الجماعة من أولها مع الإمام كبر تكبيرة الإحرام وهو كبير معه هذا مثل أجر الذي فاتته الصلاة من أولها فأدرك الإمام مثلًا في الركعة الثانية وشخص ثالث أدركه في الركعة الثالثة وشخص رابع أدركه في الركعة الرابعة والشخص الخامس جاء وقد انتهوا جميعًا من الصلاة هؤلاء الأشخاص كلهم في مرتبة واحدة ؟ الجواب : لا ليسوا كذلك لأن الله - عز وجل - يقول : إن الله لا يضيع مثقال ذرة ، إذن ما معنى قول الرسول - عليه السلام - في حديث صلاة الجماعة فله مثل أجر صلاتهم ؟ وما معنى قول الرسول - عليه السلام - بالنسبة لمن فطر صائمًا فله مثل أجره وما معنى قول الرسول - عليه السلام - أخيرًا في هذا الحديث : ( مَنْ دلَّ عَلى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِه ) ؟ الجواب : المثلية هنا دون ملاحظة التضعيف ، فإن للإنسان من العمل إذا عمله عشر حسنات فصاعدًا بدليل حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يقول الله - تبارك وتعالى - لملائكته : إذا هَمَّ عبد بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة ، وإذا هَمَّ عبدي بحسنة فعملها فاكتبوها عشر حسنات ، إلى مئة حسنة ، إلى سبع مئة ، إلى أضعاف كثيرة ، والله يضاعف لِمَن يشاء ، وإذا هَمَّ بسيئة فلم يعملها ؛ فلا تكتبوها شيئًا ) . وفي رواية : ( فلم يعملها فاكتبوها له حسنة ) ، ( إذا هَمَّ عبدي بسيئة فلم يعملها ؛ فاكتبوها له حسنة ) لماذا ؟ قال - تعالى - : ( لأنه تركها من جرَّائي ) ؛ أي : ترك هذا العبد الذي هم على عمل السيئة ثم تركها فإن كان تركه إياها من باب ما جاء في الأمثال القديمة " ومن العصمة أن لا تجد " يعني رجل مثلًا خطر في باله أنه يروح الليلة يحييها في السينما أتى ليقطع البطاقة مدي يده إلى جيبته فوجد جيبته خاوية على عروشها لم يجد الفلوس التي يقطع بها البطاقة فعاد أدراكه إلى البيت هنا يقال : " ومن العصمة أن لا تجد " أو أصابه في الطريق أو شغله بعض الناس أو غير ذلك من الأسباب فهو لم يدخل السينما فهذا لا يكتب كما لو دخل السينما هذا من رحمة الله بعباده ، ( إذا هَمَّ عبدي بسيِّئة فلم يعملها ؛ فلا تكتبوها له شيئًا ) ، هذا إذا لم يعملها لأنه لم ييسر له سبيلها ، الحالة الثانية : هم أن يدخل السينما ثم تذكر حكمها وحرمتها في الإسلام فأعرض عن الدخول فهذا إنما ترك هذه المعسية خوفًا من الله واتقاءً لعذاب الله فهنا يقول الله - تبارك وتعالى - : ( فاكتبوها له حسنة فإنَّما تركها من جرَّاي ) يعني من أجل الله - تبارك وتعالى - ، فمن هَمَّ بالسيئة فلم يعملها فهو في حالة من حالتين إما لم يفعلها لأنها لم تتيسر له فهذا لا له ولا عليه وإما لم يفعلها لأنه تذكر حكم الله وخاف من الله فتركها فينقلب همه إلى عمل السيئة إلى حسنة تكتب له ، إذا عرفنا هذا الحديث عرفنا من أوله أن الحسنة تكتب عادة ودائمًا وأبدًا على أقل المراتب عشر حسنات ثم تتضاعف إلى مئة إلى سبع مئة إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء فهذا الذي حمل المنقطع في الطريق ، ترى ماذا كتب له أجر الحسنة بحسنة أم بمئة أم بسبع مئة أم بأضعاف كثيرة ؟ لا نعلم بالطبع ، هذا الذي فطر الصائم ترى هذا الصائم كم كتب له كم كتب له صيامه ؟ هل في حدود العشر الحسنات أم المئة أم السبعمائة أم أضعاف كثيرة ؟ وهكذا الذي ذهب إلى المسجد ليصلي مع الجماعة وإذا بالناس خارجون من المسجد فهو ذهب ليصلي مع الجماعة لكن فاتته الجماعة قال الرسول - عليه السلام - في الحديث : فله أجر صلاتهم ، ترى هذه الصلاة مع المضاعفة أم بدون مضاعفة ؟ هذه المثلية -هنا بيت القصيد- دائمًا يقصد بها له أجر العمل بدون ملاحظة التضعيف ، لأن التضعيف مرتبط بالعمل والمفروض في هذه الصور كلها أن لا عمل ، فهاهنا دل على من يتصدق عليه ويثيبه فهو لم يعمل أي لم يركب ذلك الإنسان ، وإنما دل فله مثل أجر فاعله يعني له عشر حسنات كما لو كان أركبه بس بدون تضعيف للأجر ، أما ذاك الذي أركبه فقابل أن تضعف له حسناته إلى مئة إلى سبع مئة إلى أضعاف كثيرة هكذا يجب أن نفهم هذه المثلية في هذا الحديث وأمثاله وهو قوله - عليه السلام - : ( مَنْ دلَّ عَلى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِه ) .

مواضيع متعلقة