تتمة شرح حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما : ( ... إن حذيفة كان يحدث بأشياء يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غضبه لأقوام ... ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة شرح حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما : ( ... إن حذيفة كان يحدث بأشياء يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غضبه لأقوام ... )
A-
A=
A+
الشيخ : ثم أنشأ يحدثه عن الخلاف الناشب بينه وبين حذيفة فقال : إن حذيفة ، وفي هذا الحديث الآتي في الواقع بيان لناحية تتعلق بالرسول - عليه الصلاة والسلام - أكثر المسلمين اليوم لا يعلمون ذلك بل لعل بعضهم يتعبر ذلك مما ينافي مقام النبوة والرسالة ؛ لذلك أرجو الانتباه لما يقرأ عليكم ويبين قال سلمان : " إن حذيفة كان يحدِّث بأشياء يعني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غضبه لأقوام " ، من هنا يأخذ سلمان على حذيفة ، سلمان كأنه يغلب عليه الفقه وحذيفة يغلب عليه الرواية ، ولا عجب فحذيفة هو صاحب سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت عنده أسماء المنافقين فهو معروف بذلك ، لكن سلمان كان يأخذ عليه أنه يحدث أحيانًا ببعض الأحاديث التي سمعه عن الرسول - عليه السلام - لا يكذبه فيها لكن يخطئه في أنه يضعها في غير مواضعها يقول سلمان لأبي قرة ليبين سبب الجفوة والبرود الذي كان بينه وبين حذيفة " إن حذيفة كان يحدث بأشياء كان يقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غضبه لأقوام فأوتى فأسأل عنها ، فأقول : حذيفة أعلم بما يقول ، وأكره أن تكون ضغائن بين أقوام " . هذا من أدب سلمان مع أخيه في الصحبة حذيفة ، لأنه حينما يأتيه الآتي من الناس يقول حذيفة يروي عن الرسول - عليه السلام - كذا وكذا كأنه يقول له : إيش رأيك أنت يا سلمان ؟ ما بقول له أخطأ حذيفة أو ما أحسن الرواية أو نحو ذلك ، وإنما يقول : هو أعلم حذيفة أعلم بما يقول ، لكن من جهة أخرى سلمان يعز عليه أن يتحدث حذيفة بأشياء تكون سببًا لإيجاد أحقاد وضغائن بين الناس لذلك يقول : حذيفة أعلم بما يقول وأكره أن تكون ضغائن بين أقوام فأتي حذيفة فقيل له : إن سلمان لا يصدقك ولا يكذبك بما تقول ، وهذا مما يقع في التاريخ دائمًا وأبدًا أن الناس ينقلون من فلان إلا فلان ومن فلان إلى فلان فتثور النفوس وتتحقق البغضاء والأحقاد بين الناس بسبب هذه النقول ، قال سلمان : فجاءني حذيفة فقال : يا سلمان ابن أم سلمان هذه مسبتهم أن ينسبوا الرجل إلى أمه لا إلى أبيه هذا من المسبة الناعمة يا سلمان ابن أم سلمان فهو لا يزيد عليه إلا أن يقول له : يا حذيفة ابن أم حذيفة " فقال : يا سلمان بن أم سلمان فقلت : يا حذيفة بن أم حذيفة ، لتنتهين أو لأكتبن فيك إلى عمر " عمر - رضي الله عنه - الفاروق كان يخشاه الشيطان فضلًا عن المؤمنين الذين يعرفون منزلته عند الله - تبارك وتعالى - ولذلك فحينما عيره حذيفة بهذه المناداة الناعمة يا سلمان ابن أم سلمان قال له : يا حذيفة ابن أم حذيفة لتنتهينَّ عن تحديثك بأحاديث تكون سببًا لإيقاع البغضاء والعداوة بين الناس " أو لأكتبنَّ إلى عمر " يعني بخصوصك فيوقفك عند حدِّك ويؤدبك قال : فلما خوَّفته بعمر تركني .

الشاهد من موقف سلمان تجاه حذيفة يأتي في قول سلمان : وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( من ولد آدم أنا ) ، في روايات أخرى : ( إنما أنا بشر مثلكم ، فأيُّما عبدٍ من أمَّتي لَعَنْتُه لعنةً أو سَبَبْتُه سبَّةً في غير كُنهِه ) أي : استحقاقه ( فاجعَلْها عليه صلاة ) ، هذا حديث مروي عن الرسول - عليه السلام - من طريق جماعة من الصحابة وهذا سلمان أحدهم ومنهم أم سلمة ومنهم السيدة عائشة جماعة من أصحاب الرسول - عليه السلام - سمعوا الرسول - عليه السلام - يقول : ( إنما أنا بشر ، فأيُّما رجلٍ سَبَبْتُه أو لَعَنْتُه وهو ليس لها بأهل ؛ فاجعَلْ ذلك له صدقةً ورحمةً وزكاةً ) . معنى هذا الحديث أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - الذي اصطفاه الله - تبارك وتعالى - بنبوته ورسالته وسيادته على الأنبياء والرسل جميعًا مع ذلك فهو لم يخرج بهذا الاصطفاء عن كونه بشرًا ؛ لذلك فتعرض له أحيانًا ما يعرض للبشر فيغضب الرسول - عليه السلام - من إنسان لسبب فيسبه ويشتمه ، لكن ذاك الإنسان الذي صدر منه ما صدر مما أزعج الرسول - عليه السلام - لا يستحقُّ هذه ... في كتب الفقه وهذا موجز من ذلك .

مواضيع متعلقة