شرح حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنهما قال : ( انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا أنت سيدنا، فقال: السيد الله ) - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنهما قال : ( انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا أنت سيدنا، فقال: السيد الله )
A-
A=
A+
الشيخ : أبوه اسمه عبد الله بن الشخير : " انطَلَقْتُ فِي وَفدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالُوا : أَنتَ سَيِدُنا " . هذا وفد أول ما جاء إلى الرسول - عليه السلام - مما جاء ليؤمن على يديه أو كان قد آمن من قبل فجاء ليسلم على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فبادروه بقولهم له : ( أَنْتَ سَيِدُنا قَالَ : ( السَّيِّدُ اللَّهُ ) فكيف هذا وقد عرفنا مما سبق أنه هو فعلًا - عليه الصلاة والسلام - سيد بل هو نفسه قال بالنسبة لسعد بن معاذ : ( قوموا لسيدكم ) فلماذا قال - عليه الصلاة والسلام - : ( السَّيِّد الله ) ؟ ذلك لِيُلفت النظر أن السيادة الحقيقية إنما هي لله - عز وجل - . مثل هذا الحديث تمامًا وهو الذي يزيل الإشكال في الواقع من بعض الأذهان أنه جاء في " سنن أبي داود " : أن الرسول - عليه السلام - مرض ذات يوم فقيل له : ألا نأتي لك بالطبيب ؟ قال : ( الطَّبيب الله ) . فهو طبعًا لا يريد مثل هذه العبارة بقوله - عليه الصلاة والسلام - الطبيب الله يعني ينكر الطب والأطباء من أصلهم لا لأنه هو الذي قال : ( يا عباد الله ، تداووا ؛ فإن الله لم يُنزِلْ داءً إلا وأنزل له دواء ) ، قال في حديث آخر : ( علمه مَن علمه ، وجهله مَن جهله ) ؛ لذلك لا يمكن - والحالة هذه - للرسول - عليه السلام - أن ينكر الطب من أصله أو الأطباء الذين يتعاطون مهنة الطب . إذًا ما الذي عناه حينما قيل له ألا نأتي لك بطبيب فقال : ( الطَّبيب الله ) أن يلفت النظر إلى أن الطبيب الحق الذي يداوي الناس ويشفيهم بأمره فقط إنما هو الله والأطباء هؤلاء الذين يتعاطون مهنة الطب ، إنما هم وسطاء يعني كأسباب فقط كأنه يعني - عليه الصلاة والسلام - بقوله : ( الطَّبيب الله ) أن يذكر الناس ألا يقفوا عند الأسباب فقط فينسوا ربَّ الأرباب الذي خلق الطب والأطباء والأسباب والمسببات على هذا النحو حينما قالوا له أنت سيدنا قال : ( السَّيِّد الله ) يريد أن يذكر بهذا - عليه الصلاة والسلام - أن السيادة الحق إنما هي لله - عز وجل - ، فكأنه يقول : إذا أطلقتم لفظة السيد عليَّ فلا تغالوا في هذا الإطلاق ، وإنما قفوا عند الحقوق التي أعطاها ربي - عز وجل - لي ، ولا تزيدوا فيها ، فهو على هذا بمعنى حديث آخر يقول فيه الرسول - عليه الصلاة والسلام - : ( لا ترفعوني فوقَ منزلتي التي أنزَلَني الله فيها ) ، ( لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزَلَني الله فيها ) ، لما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( السَّيِّد الله ) عادوا ( فقَالُوا: وأفضَلُنا فَضلًا وأعَظَمُنا طَولًا . فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( قُولُوا بِقَولِكُم وَلَا يَستَجْرِينَّكُم الشَّيطان ) . لم ينكر عليهم لما قالوا : أنت أفضلنا فضلًا وأطولنا طولًا ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام - أيضًا نبَّهَهم إلى ضرورة عدم الغلو فيما يخاطبون به الرسول - عليه السلام - من مدح وتزكية لا يغالوا في ذلك فقال : ( وَلَا يَستَجْرِينَّكُم الشَّيطان ) يعني قولوا هذا الكلام لأنه هو فعلًا أفضلهم ولكن لا يجركم الشيطان أن تقولوا من الكلام ما لا يرضي الرحمن وإنما يرضي الشيطان ( لَا يَستَجْرِينَّكُم الشَّيطان ) لا يجركم نحوه بسبب مبالغتكم في الثناء على الرسول - عليه الصلاة والسلام - .ولعل هذا تفسيره فيما وقع فيه بعض الناس اليوم من مخاطبتهم في بعض أناشيدهم بقولهم للنبي - عليه الصلاة والسلام - .

" فإنَّ مِن جودك الدُّنيا وضَرَّتها *** وَمِن علومِك علمُ اللَّوحِ والقلَمِ "

فهذا الكلام هو الذي أشار إليه الرسول - عليه السلام - : ( قولوا بقولكم هذا أو ببعض قولكم ، ولا يستجريَنَّكم الشيطان ) ؛ يعني لا تسترسلوا في المدح حتى تقولوا ما ليس بحقٍّ ؛ لأن الرسول - عليه السلام - في القرآن الكريم يقول : (( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ )) فكيف يخاطب بذلك الشعر :

" فإنَّ مِن جودك الدُّنيا وضَرَّتَها *** وَمِن علومِكَ علمُ اللَّوحِ والقلَمِ "

فنسب علم الغيب إلى أنه من بعض علم الرسول لأنه يقول : " مِن جودك الدنيا وضرَّتها " بعض جودك " ومن علومك " أي : بعض علمك " علم اللوح والقلم " وعلم اللوح والقلم هو ما وصفه الله - عز وجل - في القرآن وفي السنة أما في القرآن فقال - تعالى - : (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) ، هو اللوح هذا المعنى الصحيح ، إذًا ما من شيء إلا علمه الرسول - عليه السلام - فهذا غلو من القوم وفي السنة يقول الرسول - عليه السلام - : ( أوَّل ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتُبْ ما هو كائن إلى يوم القيامة ) ، فلا يجوز أن ينسب إلى الرسول - عليه السلام - بأنه علم ماهو كائن إلى يوم القيامة هذا بالنسبة للشطر الثاني من البيت :

" وَمِن علومِك علمُ اللَّوحِ والقلَمِ "

لكن في الشطر الأول من البيت ما هو غريب مثل ذلك أو أغرب كلام لا يكاد يعقله إنسان عاقل :

" فإنَّ مِن جودك الدنيا وضرَّتها "

إيش ضرَّة الدنيا ؟ هي طبعًا الآخرة فكيف الرسول جاد بالآخرة - أيضًا - طبعًا نستطيع نحن أن نتأوَّل جوده بالدنيا لما جاءه الملك وعرض عليه أن يجعل الجبل فضة وذهب قال لا أرضى أن أكون عبدًا رسولًا أو نبيًّا رسولًا فأعرض عن الدنيا لكن كيف بالآخرة :

" فإنَّ مِن جودك الدُّنيا وضَرَّتها "

هل يعقل لإنسان مسلم يؤمن باليوم الآخر وبما فيه من نعيم أبدي مقيم أن يعرض عن ذلك هذا لا يتصور إلا لمن لم يعلم إيش فيه بالآخرة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها كما قال - تعالى - : (( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )) ، الحسنى للذين أحسنوا في الدنيا الحسنى في الآخرة يعني الجنة وزيادة إيش هي الزيادة قال : رؤية الله في الآخرة ، ورؤية الله في الجنة ، هذه الرؤية كما جاء في الأحاديث الصحيحة حينما يرى المؤمنون ربَّهم ينسون كلَّ ما هم في من نعيم الجنة ، فهل يُعقل إنه الرسول - عليه السلام - أنه قال أنه جاد بالدنيا وبالآخرة ، ونحن لماذا نعيش في الدنيا ؟ أليس من أجل أن نكسب رضا الله في الآخرة فنحظى بجنَّته وبزيادته وهو النظر إليه - تبارك وتعالى - ؟ هذا الكلام الذي خشيه الرسول على أمته فقال محذِّرًا : ( ولا يستجرِيَنَّكم الشيطان ) . نسأل الله - عز وجل - أن يعرفنا بكلام نبيِّنا - عليه الصلاة والسلام - وأن يؤدِّبَنا بأدبه إنه سميع مجيب . الآن نبدأ بالإجابة على الأسئلة نعم .

السائلة : السيد ... .

الشيخ : هذا بيظهر السيد اسم عندهم اسم علم يعني .

السائلة : يجوز .

مواضيع متعلقة