كلام الشيخ عن قوله تبارك وتعالى (( ... يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )). - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلام الشيخ عن قوله تبارك وتعالى (( ... يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )).
A-
A=
A+
الشيخ : يقول الله - تبارك وتعالى - في القرآن الكريم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) في هذه الآية كما لا يخفى على الحاضرين جميعًا أن الله - عز وجل - نبأ أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - بما أنزل على نبيه - عليه الصلاة والسلام - في هذه الآية أن الله فرض عليهم الصيام كما كان قد فرض مثله على من قبلنا من الأمم هذا أمر معروف لدى كل المسلمين الذين يقرؤون هذه الآية الكريمة ويفهمون معناها جليا واضحا ولكن الشيء الذي أريد أن أتحدث عنه شيء آخر قلما يتنبَّه له أو قلَّ من يتنبَّه له من عامة الناس ألا وهو قوله - تبارك وتعالى - في آخر هذه الآية : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) فالله - عز وجل - جرت عادته مع عباده المؤمنين أنه إذا أمرهم بأمر أو شرع لهم بفرض جرت عادته أن يقتصر - تبارك وتعالى - على ذكر الأمر دون بيان الحكمة من ذلك لأن الحكمة العامة من تكليف الله - عز وجل - لعباده هو أن يمتحنهم ويظهر من يطيعه منهم ومن يخالفه - تبارك وتعالى - ولكنه في هذه الآية ذكر شيئًا غير معهود كثيرًا في القرآن الكريم ألا وهو تعليل الأمر بالصيام بقوله - تبارك وتعالى - : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) ، فإذًا الحكمة من فرضية الصيام على المؤمنين ليس هو فقط أن يمتنعوا عن الملذات والمباحات من الطيبات وإن كان هذا أمرا واجبا بالنسبة لكل صائم ، ولكن ليس هذا هو المقصود فقط بهذا الصيام الذي ختم الله - عز وجل - أمره به بقوله - تبارك وتعالى - : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) ؛ أي : إن الحكمة من شرعية الصيام أن يزداد المسلم طاعة لله - تبارك وتعالى - في شهر الصيام أكثر مما كان عليه قبله ولقد صرَّحَ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأوضح تمام الإيضاح هذه الحكمة الإلهية بقوله - عليه الصلاة والسلام - كما في " صحيح البخاري " أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن لم يدَعْ قول الزور والعمل به ؛ فليس لله حاجة في أن يدعَ طعامه وشرابه ) ، ( مَن لم يدَعْ قول الزور والعمل به ؛ فليس لله حاجة في أن يدَعَ طعامه وشرابه ) ؛ أي : إن الله - عز وجل - لم يقصد من فرضية الصيام الذي هو الإمساك في وقت محدود معروف لدى الجميع هو أن يمتنع هؤلاء الصوّام من الطعام والشراب فحسب ، وإنما ينبغي - أيضًا - أن يمتنعوا عن ما حرَّم الله - عز وجل - من الذنوب والمعاصي ومن ذلك قول الزور والعمل به فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يؤكد الآية : (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) ؛ أي : تتقرَّبون إلى الله - عز وجل - زيادة عن إمساككم عن الطعام والشراب - أيضًا - أن تمسكوا عن المحرمات كالغيبة والنميمة والزور وشهادة الزور والكذب ونحو ذلك من الأخلاق المحرمة كما نعلم جميعًا من أجل ذلك يجب أن يعلم المسلمون جميعًا أن المفطرات للصائم ليست هي الأمور المادية فقط المعروفة إجمالا في الطعام والشراب والجماع ليس هذا هو الصيام فقط لذلك يفرّق ويقسم بعض العلماء المفطرات إلى قسمين وهذا هو مقصدي من هذه الكلمة في هذه الآونة المباركة إن شاء الله لا سيما وقد جرت عادة الخطباء والوعاظ في شهر رمضان إذا تكلموا عن المفطرات للصيام إنما يتكلمون فقط عن المفطرات المادية مما ذكرنا آنفًا من الطعام والشراب والجماع بينما ينبغي عليهم كناصحين ومذكرين لعامة المسلمين أن يدندوا كثيرًا وكثيرًا جدًّا حول القسم الثاني من المفطرات ذلك لأن الناس اعتادوا أن يفهموا أن الصيام هو من النوع الأول الإمساك عن المفطرات المادية .

مواضيع متعلقة