ما حكم حلق الشارب ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم حلق الشارب ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخ ، نرى بعض المتدينين قد أطلق لحيته وحلق شاربه فما الحكم في ذلك ؟

الشيخ : أما إعفاء اللحية فأمر معروف في السنة بل في أوامره - عليه الصلاة والسلام - أما حلق الشارب فبدعة في الدين لا أصل لها وإنما هو فهم من بعض العلماء قديمًا وحديثًا لبعض الأوامر الصادرة منه - عليه السلام - بخصوص الشارب كمثل قوله : ( حفُّوا الشارب ) ، وقوله : ( أنهكوا الشارب ) ، ونحو ذلك من الألفاظ التي تشعر بأن المقصود استئصال الشارب وحلقه هذه الألفاظ في الحقيقة تعطي هذا المعنى لكن الدقة في الموضوع هو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما قال : ( حفُّوا الشارب ) هل يعني الشارب كله أم يعني حافة الشارب وهو الإطار الذي على الشفة ؟ هذا المعنى الثاني هو المقصود بهذه الأحاديث التي تأمر بقص الشارب بجزِّ الشارب بإنهاك الشارب ، حينئذٍ من الناحية العربية يكون إطلاق الشارب من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء كقوله - تعالى - : (( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ )) ، فهنا عفوًا هذا عكس ما نحن فيه هذا من إطلاق الجزء وإرادة الكل إنما ما نحن فيه من إطلاق الكل وهو الشارب وإرادة الجزء أي حافته وطرفه طبعًا هذا لا يسوغ القول به لأنه يشبه التأويل الذي ينكره علماء السلف لكن هذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الصدد من ذلك مثلًا قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( مَن لم يأخذ من شاربه فليس منَّا ) لم يقل : من لم يأخذ شاربه وإنما قال : ( مَن لم يأخذ من شاربه ) وهذه من للتبعيضية فدل على أن قوله - عليه السلام - في الأحاديث السابقة : ( قصُّوا الشارب ) يعني بعضه وليس كله ، ثم هذا البعض ما هو ؟ هل المقصود قص السيبال ، طرفي الشارب أم المقصود ما على الشفة مما يطول من الشارب ؟ هذا الثاني بلا شك هو المراد في مثل ذلك الحديث : ( مَن لم يأخذ من شاربه فليس منَّا ) ، والدليل على ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في " المسند " وأبو جعفر الطحاوي في كتابه " شرح معاني الآثار " بالسند الصحيح عن المغيرة بن شعبة قال : " أتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رجل وقد وفى شاربه - أي : نما وطال - ، فأمر أن يؤتى إليه بسواك وسكين مقراض ، فوضع السواك على ما طال من شارب ذلك الرجل ثم قرضه " ، فكان هذا الفعل من الرسول - عليه السلام - هو المبين أوَّلًا لقوله : ( مَن لم يأخذ من شاربه ) ، وأن الأخذ هذا إنما يراد ما طال من شعر الشارب على الشفة ثم هذا الحديث الأخير والحديث الذي قبله المبين والمبيَّن يعطينا في النتيجة وفي النهاية أن الأحاديث التي فيها الأمر بجز الشارب وإنهاك الشارب أنه لا يعني الشارب كله وإنما يعني ما طال منه على الشفة ، ثم يتأكد هذا في النهاية لأثر أخرجه الإمام مالك في " الموطأ " : عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كان إذا غضب فتل شاربه ) عادة له ، والشاهد من هذا الأثر هو أنه كان لا يستأصل الشارب كله لأن هذا الفتل صريح الدلالة أنه قد أبقى على سبالتيه فبمجموع إذن ما سبق وما تقدم من أحاديث وهذا الأثر الصحيح عن عمر نخرج بنتيجة السابقة الذكر وهي أن حلق الشارب كله بدعة خلاف السنة وهذا ما صرح به إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رضي الله عنه - حين قال : " حلق الشارب مثلة " " حلق الشارب مثلة " يعني حلق الشارب تشويه لخلق الإنسان تشويهًا يدخل في عموم حديث الرسول - عليه السلام - : ( نهى عن المثلة ) وهذا جواب ما سألت .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : وإياك .

مواضيع متعلقة