قراءة لكلام الشَّيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ينتصر فيه للقول بالاكتفاء بالمعاصرة لثبوت اتصال السند . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
قراءة لكلام الشَّيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ينتصر فيه للقول بالاكتفاء بالمعاصرة لثبوت اتصال السند .
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا ، هنا تذكرون - حفظكم الله - في " السلسة الضعيفة " حديثًا يعني ضمن البحث .

الشيخ : إي نعم .

الحلبي : " وفي " العلل " لابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن اختلاف الليث وشعبة في إسناد هذا الحديث " ، الذي هو موضع البحث وليس هو بحثنا له .

الشيخ : إي نعم .

الحلبي : فقال : " ما يقول الليث أصح ؛ لأنه قد تابعه عمرو بن الحارث بن لهيعة ، وعمرو والليث كانا يكتبان ، وشعبة صاحب حفظ ، قلت لأبي : هذا الاسناد عندك صحيح ؟ قال : حسن . قلت لأبي : مَن ربيعة بن الحارث ؟ قال : هو ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب . قلت : سمع من الفضل ؟ قال : أدركه . قلت : يُحتَجُّ بحديث ربيعة بن الحارث ؟ قال : حسنٌ . فكرَّرت عليه مرارًا فلم يزد على قوله : حسن . ثم قال : الحجة سفيان وشعبة " .

الشيخ : هذا كلام معروف عنه .

السائل : نعم ، ثم هنا بعد مناقشات متعددة شيخنا .

الشيخ : إي نعم .

الحلبي : تقولون : " وأما الجواب عن السؤال الثاني وهو : ما حال ربيعة من الحارث ؟ فأقول : في اعتقادي أن الجواب يمكن استفادته ممَّا سبق نقلُه عن البخاري وأبي حاتم في ترجمتهما له ، وأنَّهما لم يذكرا له راويًا غير ابن العمياء المجهول ، وإن ذكرهما ابن حبان في " الثقات " فذلك من تساهله كما تقدَّم ، إلا أنه يشكل عليه جواب أبي حاتم لابنه بأنه حسن الإسناد ، فإن هذا الجواب لا يلتقي لا من قريب ولا من بعيد مع تصريحه بجهللة أو من تصريحه بجهالة مَن ليس له إلا راو واحد في غالب الأحيان ، ولو كان الراوي عنه ثقة ؛ فكيف إذا كان مجهولًا مثل ابن العمياء هذا ؟ فهل معنى هذا التحسين إذًا أنه وقف له على راوٍ آخر أو رواة آخرين فاطمأنَّت نفسه من أجل ذلك إليه فحسَّن إسناده أو أنه حسَّنه لتابعيَّته ؟ كلُّ ذلك محتمل ، ولكني لا أجد الآن ما يؤيد شيئًا منه ، نعم قد وجدت عن البخاري ما يشبه شيئًا منه ، فقد روى الترمذي من طريق أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب حديثًا استغربه ، وقال : سألت محمدًا عنه فلم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري ورآه حسنًا ، ووجه الشَّبه أن أبا بسرة هذا حاله كحال ربيعة بن الحارث لم يروِ عنه غيرُ صفوان بن سليم ، ووثَّقَه ابن حبان والعجلي أيضًا ، ومع ذلك حسَّن البخاريُّ حديثَه .

ثم إن في جواب أبي حاتم لابنه لما سأله عن ربيعة : هل سمع من الفضل ؟ فأجاب بقوله : أدركه ؛ ففيه لفتة نظر مهمَّة وهي : أن المعاصرة كافية في إثبات الاتصال ؛ ولذلك حسَّنَ إسناده جوابًا عن سؤاله : يُحتَج بحديث ربيعة ؟ لكن في ذلك كله إشارة قوية إلى أن مرتبة حديث مثله دون مرتبة مَن ثبت لقاؤه لِمَن عنعن عنه ، وحينئذٍ فلا تعارض بين هذا وبين ما هو معروف عنه من إعلاله للأسانيد بعدم اللقاء بين الراوي المعنعِن والمعنعَن عنه ؛ فإن الجمع بين هذا وبين ما تقدَّم أن يُحمل هذا على نفي الصحة لا الحسن ، وبهذا يُجمع بين قول مَن اشترط في الاتصال اللقاء كالبخاري وبين قول مَن اكتفى بالمعاصرة كمسلم ، فهذا شرط صحة وذاك شرط كمال ؛ ولذلك قال بعضهم : إن الاتصال إنما هو شرط للبخاري في " صحيحه " دون غيره ، ولعله يشهد لهذا تحسين البخاري لحديث أبي بسرة الغفاري المشار إليه آنفًا ، لأنه لم يصرِّح بالسماع ولا باللقاء وإنما هي المعاصرة ، وفي اعتقادي أن الأمثلة في هذا تكثر لو تيسَّر تتبُّعها ، والله أعلم " .

الشيخ : إي والله .

الحلبي : في هنا قول آخر شيخنا في بعض أنظره ، شيخنا ، هنا - أيضًا - لكم في بعض التعاليق نسأل الله أن يعيننا على نشرها .

الشيخ : اللهم آمين .

الحلبي : رد على بعض المتعدِّين على السنة ممن ليسوا أهلها تقول في معرض الرد عليه : " وأما الحجة الأخرى عليه فهي أن الأهواء وأعداء السنة قد يتخذون اشتراط اللقاء سُلَّمًا للطعن في الأحاديث الصحيحة حتى ما كان متفقًا عليه بين الشَّيخين وغيرهما ، وبخاصة إذا كان هناك قيل بعدم السماع من الراوي عن المروي عنه كما تقدَّم في المثال الأول ؛ ولذلك فإنه يجب تبنِّي قول العلماء بالاكتفاء بالمعاصرة من باب سدِّ الذريعة الذي هو من القواعد الهامة في الشريعة ، وما لنا نذهب بعيدًا ؛ فهذا هو الهدَّام قد استغل هذا الشرط استغلالًا سيِّئًا جدًّا وتوسَّع فيه حتى فيما ثبت اللقاء أو فيما ثبت به اللقاء ولم يصرِّح الراوي بالسماع وليس مدلِّسًا ، فضعَّفَ حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا : ( صدقك وهو كذوب ) ، أخرجه من طريق ابن سيرين عنه وأعلَّه بقوله : لعل البخاري ولعل البخاري بما لا مجال الآن للرَّدِّ عليه إلى آخره " .

جزاك الله خيرًا وبارك فيك .

الشيخ : والله صحيح هذا ، بس ... بقلم الرصاص .

الحلبي : نعم .

الشيخ : حط - أيضًا - تبع سد الذريعة ؛ أعد العبارة عليَّ .

الحلبي : " ولذلك فإنه يجب تبنِّي قول العلماء المعاصرة من باب سدِّ الذريعة أيضًا " .

الشيخ : أيضًا .

الحلبي : آ ، يعني كأصل علمي ، ثم سد الذريعة أصل آخر .

الشيخ : أيوا .

السائل : إذا قلنا : إن الأمة تلقَّت " صحيح مسلم " بالقبول مع وجود هذا الشرط في بعض أحاديثه ؛ فهل يصح هذا الجواب ؟

الشيخ : طبعًا هو جواب صحيح ، وأيضًا جمهور علماء المصطلح على مذهب مسلم ، وجمهور المصحِّحين والمخرِّجين للأحاديث لا يعالجون إطلاقًا على مذهب البخاري ، واضح هذا ؟

السائل : من الناحية العملية .

الحلبي : شيخنا هناك كلمة - أيضًا حسنة - وما أحسن القول : " وإن من لوازم هذا عدم الاعتماد على الأسانيد الصحيحة المعنعنة مطلقًا ؛ حتى التي يصحِّحها الذين اشترطوا اللقاء مع السلامة من التدليس ؛ فإنهم لم يشترطوا السماع ، وإذا كان المحقق " ابن دقيق العيد " لما حكى السلامة من التدليس استصعَبَه جدًّا ، فقال في كتابه القيم " الاقتراح " متعقِّبًا عليه أو معقِّبًا عليه : " إلا أن الجري عليه في تصرفات المحدثين وتخريجاتهم صعب عسير يُوجب اطِّراح كثير من الأحاديث التي صححوها ، إذ يتعذَّر علينا إثبات سماع المدلس فيها من شيخه ، اللهم إلا أن يدَّعي مدَّعٍ أن الأولين اطَّلعوا على ذلك ولم نطَّلع نحن عليه ، وفي ذلك نظر " .

قلت - شيخنا - : ولعله من أجل تفادي الطرح المذكور جعلوا المدلِّسين طبقات منهم : من يغتفر تدليسه لقلَّته وتقبل عنعنتهم كالثقات الذين في حفظهم ضعف ، فهؤلاء يُقبل حديثهم على تفصيل ذكره الحافظ العلائي في " مراسيله " ، ولبيان ذلك ألف الحافظ كتابه " طبقات المدلسين " وهو معروف ، إذا عُرف هذا فما عسى أن تكون نسبة الأحاديث الصحيحة التي سيطرحها هؤلاء كثيرًا وكثيرًا جدًّا إذا التزموا إعلالها بعدم السماع ، فضلًا عن غيرها من العلل التي قد يختلقونها ويتجاهلون مواقف العلماء منها ، وتصحيحهم للأحاديث التي يضعِّفونهم بها " .

الشيخ : هذه حقيقة .

الحلبي : ما شاء الله !

الشيخ : لذلك الخلاصة : أنَّ مذهب الإمام مسلم هو المذهب الأقوى ، فهمت كيف ؟ أنه يجوز الاحتجاج بالحديث الذي يُكتفى فيه بالمعاصرة ، لكن اشتراط البخاري بلا شك كما هو متَّفق بين العلماء أنه أدق وحديثه أصح ، لكن هذا لا ينفي الصحة عن الحديث المقابل للأصح كما هو معلوم ، والحقيقة أنُّو كما ذكرنا هنا وفي أماكن أخرى أن تبنِّي مذهب البخاري حرفيًّا أنا قلت أنُّو هدم للبخاري نفسه فضلًا عن الكتب الأخرى ، ويكفي في هذا بيانًا لسدِّ باب الإحداث في الدين وفتح باب الهدم للأحاديث الصحيحة ، وعندنا بعض نماذج - مع الأسف - في هذا البلد فضلًا عن غيره .

السائل : وفي مصر .

الشيخ : نعم ؟

السائل : وفي مصر وغيرها .

الشيخ : وفي مصر أيضًا .

السائل : نعم .

الشيخ : سرت العدوى ؛ لأن الحقيقة أن النفس الأمَّارة بالسوء تستهوي كما يُقال : لكلِّ جديد لذَّة ، فالنفس الأمَّارة بالسوء تريد أن تظهر أما الناس أنُّو هو محقق وهو باحث وليس بمقلِّد و و إلى آخره ، ولو كان في ذلك خراب البصرة كما يقال !!

ولعلنا نكتفي - يا أستاذ - بهذا المقدار ، وجزاكم الله خيرًا .

الحلبي : أكرمكم الله يا شيخنا ، الله يحفظكم يا أستاذنا .

الشيخ : وأهلًا ومرحبًا .

الحلبي : نفع الله بكم شيخنا .

الشيخ : الله يحفظكم .

مواضيع متعلقة