هل يمكن أن يتزامن مع تصفيتنا للسنة ودراستها أيُّ نوع من العمل السياسي أو الجهادي ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يمكن أن يتزامن مع تصفيتنا للسنة ودراستها أيُّ نوع من العمل السياسي أو الجهادي ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، إذا سمحت لي نقطة صغيرة يعني ، يعني أنت برأيك ما بيتزامن مع أثناء بحثنا وقراءتنا للسنة الصحيحة ... وفهمنا للسنة حتى نستطيع ... ما يتزامن مع ذلك أي نوع من العمل السياسي ، أو أي نوع من أنواع الجهاد خلينا نقول النظري ؛ يعني - مثلًا - نقوي في قلوب الأمة المسلمة - مثلًا - أو نعدُّه أو شيء من هذا القبيل ؟

الشيخ : بارك الله فيك ، لو طوَّلت بالك شوي عليَّ ، أنا الآن أتكلَّم في أصل من الأصول ، أنا عندي أصلين أسمِّيهما " التصفية والتربية " ، عندي أشرطة في هذه المسألة " التصفية والتربية " ، أنا الآن أتكلَّم معك في التصفية ، وسأعود أكمل كلامي بما يتعلَّق بالتربية . سؤالك الآن مع أنه يتعلق بما ذكرتُه آنفًا وما كنت متجاوبًا معي ، مع أنه يتعلَّق تعلُّقًا أقوى بالتربية التي ما تحدَّثت عنها بعد ، لماذا لم تتجاوب معي ؟ قلت : إذا درسنا السنة ، لكن نحن نتساءل أيُّ سنة تدرس ، الصحيحة ولَّا الخليط التي فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع ؟ يعني أنت الآن تجرَّدت عن الواقع ، وأخذت الصورة النظرية ، فقلت و ... : إذا درسنا السنة ألا يمكن العمل السياسي مثلًا ؟

السائل : أنا قلت - يا شيخي - : يتزامن ؛ يعني - بارك الله فيك - يتزامن دراستنا مع ... .

الشيخ : معليش ، بس وين السنة الصحيحة يا أخي ؟ وين السنة الصحيحة اللي بدنا نمشي معها ويتزامن معها العمل السياسي أو الجهادي أو نحو ذلك ؟ إي نعم .

السائل : عندي فهم صحيح هنا .

الشيخ : تفضل .

السائل : ... يعني بما معنى حديث الصحابة - رضي الله عنهم - قالوا أنُّو لما كانت تنزل عشر آيات طبعًا هذا حديث ... فكانت هذه العشر الآيات لما تنزل كانوا هم يقرؤوها ويحفظوها ويفهموها ويطبِّقوها ، أنا بأقول أن - مثلًا - يعني الشَّيخ " ناصر " قدَّم لنا حديث ، وهذا الحديث صحيح ، ونحن أخذنا به ؛ إذًا نحن نطبِّق هذا الحديث هذا أنا اللي قصدته ، يعني أنا اللي بدي أوصل له وأفهمه أنت رأيك بالأمر أن نحن ننتظر حتى ... كل شيء ، ونظلُّ نصبر في أنفسنا والعمل السياسي واقع ولَّا يتزامن هذا مع هذا ؟

الشيخ : إذًا خليني أدخل معك في التربية .

سائل آخر : السلام عليكم .

الشيخ : وعليكم السلام ، تفضلوا يا إخوان ، نكمِّل إن شاء الله .

... التصفية ، أذكِّرك بالشطر الأخير من حديث الفِرَق التي قال فيها الرسول - عليه السلام - أنَّ علامة الفرقة الناجية هي التي تكون على ما كان عليه الرسول - عليه السلام - وأصحابه ، كلمة وأصحابه هنا فيها نكتة دينية علمية مهمَّة جدًّا ، كان يكفي أن يقول - عليه السلام - : ( ما أنا عليه ) ، ماذا قال ؟ عاطفًا ( وأصحابي ) ، نكتة عظيمة جدًّا .

قبل بيان هذه النكتة ألفت النظر أن عطف ( وأصحابي ) على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يشبه عطفًا آخر في القرآن الكريم له تمام الصلة بموضوع حديث الفِرَق ، ألا وهو قوله - تبارك وتعالى - ... .

-- ... --

... ما جاء في القرآن الكريم ، بل يغلب على ظنِّي أن ما ذُكِرَ في الحديث إن لم يكن وحيًا من الله مباشرةً إلى نبيِّه - صلى الله عليه آله وسلم - فهو اقتباس من الآية التي أشرت إليها ؛ ألا وهي قوله - تبارك وتعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) . واضح جدًّا أن الآية لو كانت باختصار جملة : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) كان المعنى كافيًا ؛ أي : لو كانت الآية كالتالي : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيَّن له الهدى نوله ما توله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا " ؛ إذًا ما هي النكتة من قوله - تعالى - عطفًا على (( يُشَاقِقِ الرَّسُولَ )) ؛ (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ما هي النكتة ؟ النكتة ما نبَّهَ عليها الإمام الشافعي - رحمه الله - حيث استدل بهذه الآية على الاحتجاج بما عليه المسلمون ؛ أي : بالإجماع ؛ فإذًا في الآية تقرير لدليل غير وزائد على اتباع الرسول ، ربما تعلم أن مصادر الشريعة أربعة : الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، فإذا سُئِلنا : مِن أين جاء المصدر الثالث ألا وهو الإجماع ؟ الجواب : كما نبَّه الإمام الشافعي من الآية .

إذًا قوله - تعالى - : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) أفاد شيئًا زائدًا على مشاققة الرسول ؛ وهو أنه يجب على المسلمين أن يتَّبعوا سبيل المؤمنين ، وأن لا يخرجوا عن سبيلهم ، كذلك تمامًا قوله - عليه السلام - في بيان العلامة للفرقة الناجية : ( ما أنا عليه وأصحابي ) ؛ شو الفرق ؟ = -- يرحمك الله -- = قد يأتي حديث ويفسِّره مفسِّر ما ، بل آية يفسِّرها مفسِّر ما بالأسلوب العربي ، ولنفترض أنه هو كما يقال سيبويه زمانه يفسرها بالأساليب العربية ، لكنه لا يلتجئ أوَّلًا إلى السنة التي هي بيان للقرآن ، ثانيًا : لِمَا كان عليه أصحابه - عليه الصلاة والسلام - ؛ حينئذٍ مهما كان خرِّيتًا خبيرًا بأساليب اللغة العربية وآدابها وسلَّط علمه بها على تفسير القرآن دون أن يرجع إلى السنة وما كان عليه الصحابة يكون تفسيره ... لذلك قال ربنا - عز وجل - في القرآن الكريم : (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) ، الذكر هنا القرآن كما قال - تعالى - : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) ، (( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) البيان هو السنة ، والسنة تلقَّيناها من طريق أصحابه - عليه السلام - ، فَهُم الذين نقلوها لنا ... بألفاظها وأفعالها وتقاريرها التي قرَّرها الرسول - عليه السلام - .

قلت آنفًا أنُّو لا بد من التصفية للسنة تمييز صحيحها من الضعيف ، الآن في عندنا مشكلة جديدة وهي : لنفهم السنة فهمًا صحيحًا لا بد أن نعرف ما كان عليه أصحابه - عليه السلام - ؛ لأنه جعل ذلك من تمام الدليل القائم على أن الفرقة الناجية هي الفرقة الناجية ، لأنها اتَّبعت ما كان عليه الرسول وما كان عليه الصحابة ، فأنت يا أبا أحمد - بارك الله فيك - ... مش أفعال الصحابة وأقوالهم ؟ فلذلك العمل كبير وكبير جدًّا ، في العالم الإسلامي يجب أن يكون هناك ألوف من العلماء مش المئات ولا العشرات ، ألوف من العلماء منبثين في العالم الإسلامي الواسع الرَّحيب ليقوموا بواجب التصفية ، أوَّلًا : تصفية السنة وبيان صحيحها من ضعيفها ، والثاني : ما كان عليه أصحاب الرسول .

كثير من الأمور التي يعملها المسلمون اليوم ، ويحتجُّ لها مَن لا علم عنده هذا العلم المصفَّى بأنه في آية في حديث ، نقول له : لكن كيف طُبِّقَت هذه الآية ؟ وكيف طُبِّقَ الحديث ؟

مواضيع متعلقة