بيان ارتباط ظاهر الإنسان بباطنه - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان ارتباط ظاهر الإنسان بباطنه
A-
A=
A+
الشيخ : هناك ارتباط وثيق بين الظاهر والباطن ، وهذا ما أكده الرسول - عليه السلام - في الحديث الصحيح - أيضًا - المخرج في " الصحيحين " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( إنَّ الحلال بيِّن ، وإن الحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس ؛ فَمَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومن حمى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، الشاهد تمام الحديث : ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) . فلا يغتَرَّ أحد بقول بعض الناس أن الظواهر هذه لحية وجلابية أو دشداشة أو ما شابه ذلك هذه أمور شكلية ظاهرة لا قيمة لها ، كلا ثم كلا ، لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بهذه المجموعة من الأحاديث بإصلاح الظواهر لأنها دليل صلاح الباطن . ألا ترون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) كأن الأمر مادي تمامًا ، كيف إذا كان قلب الرجل الشَّيخ المسن الكبير إذا كان سليمًا كان جسده سليمًا ، والعكس بالعكس الشاب القوي المتين إذا فسد قلبه فسد جسده .

كذلك تمامًا هذا الإيمان الذي وقر في القلب إذا ضعف وضعفه إنما يكون بمخالفة الشرع وارتكاب ما نهى عنه ربنا - تبارك وتعالى - ونبيه ، فيمرض هذا القلب ، وبمرض هذا القلب يمرض الإيمان ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) . إذًا صح قول بعض أهل العلم : الظاهر عنوان الباطن ، ولذلك نجد عشرات الأحاديث التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنهى بموافقة اليهود والنصارى وتأمر بمخالفتهم حتى في أمور لا يملكها الإنسان ، فيأمر الشارع الحكيم بمخالفة اليهود والنصارى . فأنتم تعلمون مثلًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) الشيب سنة الله - عز وجل - في خلقه ، لا فرق في ذلك بين مسلم وكافر ، ومع ذلك فالرسول - عليه السلام - أمر المسلم أنه إذا شاب وشاب الكفار أيضًا مثله أن يخالفهم في هذا الشيب ، علمًا أنه ليس من صنعه ، وإنما هو من صنع ربه ، قال : ( خالفوا اليهود والنصارى ؛ فإنهم لا يصبغون شعورهم ؛ فاصبغوا شعوركم ) ؛ لذلك كان الصبغ من السنن سنن العبادة التي كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعًا له يصبغون شعورهم ، حتى قال أنس بن مالك - رضي الله عنه - : (" إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشبه الله بشيبة يشينه بها ، وإنما كان في مقدمة لحيته نحو عشرين شعرة بيضاء " ؛ ومع ذلك فمات عليه الصلاة السلام والحناء خليطًا مع الكتم ظاهر على لحيته عليه والسلام ، وكذلك فعل أصحابه من بعده ، وأصبحت سنة متبعة بين علماء الحديث فيما بعد الذين يهتمون باتباع الرسول - عليه السلام - حذو القذة بالقذة ، كانوا إذا ترجموا الرجل كانوا يقولون : وكان يصبغ ، لأن هذه سنة قل من يهتم بها من المسلمين قديمًا فضلًا عن مسلمي آخر الزمان .

مواضيع متعلقة